عندما يصل تفسيرالقرآن إلى هذا المستوى من التحريف

 

تخبط المهندس محمد شحرور في تفسير كلمة "النساء" الواردة في القرآن الكريم

 

قرأت للمهندس محمد شحرور تفسيراً غريباً لكلمة ( النساء) الواردة في القرآن الكريم ، فوجدته يفسرها تفسيراً شاذاً لم يرد في معاجم اللغة، ولم تستعمله العرب في نثرهم وأشعارهم ، ومخالف لمنطق العقل السليم والفطرة السوية .

ففي منشور واحد يفسر كلمة النساء بثلاثة تفسيرات ، سأعرض كل واحد منها مع الجواب عليه :

1- قال المهندس محمد شحرور : [ "النساء" المذكورة في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ) : "النِّساء" من "نسأ"، أي "تأخر"، والإنسان بطبعه يحب الأشياء الأحدث ، ولا يليق تفسير "النساء" في هذه الآية هي جمع "إمرأة" لأن هذا لا يليق بكرامة المرأة عندما تذكر ضمن المتاع ، وكيف يليق أن تذكر مع الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام الحرث؟ ] .

الجواب العلمي  : أولا:  

لا يوجد في اللغة العربية اسم ( النِّساء -بكسر النون- ) : مشتق من "نسأ" أي "تأخر" ، ولا تطلق على الأمتعة بهذا اللفظ ، ولكن الاسم من "نسأ" هو : ( النَّساء – بفتح النون) . قال العلامة ابن منظور في كتابه الشهير " لسان العرب " : [ نَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه: أَخَّره والاسم النَّسَاءُ – بفتح النون-) ، أما ( النِّساء -بكسر النون- ) فهي بمعنى : النِّسْوةُ والنُّسْوة، بالكسر والضم ، والنِّساء والنِّسْوانُ والنُّسْوان: جمع المرأَة من غير لفظه ] .

 

وقد يطلق في لغة ضعيفة "النَّـساء : بكسر النون" بمعنى التأخير: وهو جمعُ امرأة ، ويقصد به المرأة التي تأخر حيضها وبدأ حملها ، حيث قال العلامة الزَّبيدي في "تاج العروس" : (يقال : امرأَةٌ نَسُوءٌ ونَسْءٌ، ونِسوةٌ نِسَاءٌ، أَي تأْخَّر حَيْضُها ورُجِيَ حَبَلُها)، وكذا في "لسان العرب" ( نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً: تأَخَّر حَيْضُها عن وقتِه، وبَدَأَ حَمْلُها فهي: نَسْءٌ، ونَسِيءٌ، والجمع: أَنْسَاءٌ، ونُسُوءٌ، وقد يقال: نِساءٌ نَسْءٌ على الصِّفة بالمصدر )

 

ولكن بقي هذا الإطلاق "النَّـساء : بكسر النون" على ضعفه خاص بالمرأة ، ولا يطلق ذلك على الأشياء من الأمتعة وغيرها كما يقول المهندس محمد شحرور .

 ثانياً : 

أن تذكر المرأة ضمن المتاع فهذا لا يمس كرامة المرأة بل إنّ في هذا بياناً لقوة تأثيرهنّ على الرجال ، وهذا يعتبر من ميزاتهنّ التي تفوقن بها كما قال الشاعر في مدحهنّ  :

يَـصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ *** وَهُـنَّ أَضـعَفُ خَـلقِ اللَهِ أَركانا

ثالثا:

أطلق النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة متاع ، واعتبر المرأة الصالحة أفضل متاع الدنيا :

 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ) رواه مسلم وابن ماجه 

رابعاً :  

أن تذكر النساء مع الشهوات المحببة لإنسان كالذهب والفضة والخيل ولأنعام ليس في ذلك إهدار لكرامتهنّ ، بل إخبار عن حقيقة نفسية وغريزة مفطور عليها كل رجل ، وقد ذكر الناس في آيات أخرى بجانب مخلوقات الله تعالى ولا يعتبر هذا أهدار لكرامتهم كما في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ )، بل ذُكِرَ العلماءُ في سياق مخلوقات الله تعالى في بيان ما اختصوا به من خشيتهم لله وعظيم معرفتهم به وهذا في قوله تعالى : ? ومِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ? .

 

2-ويستمر المهندس محمد شحرور في تخبطه فيقول : [ "النساء" في آية القوامة تدل على الذكور والإناث معاً {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ } ومعنى "الرجال" في الآية هي الزوجة إذا كانت هي الأكفأ فهي الرجل الذي له القوامة، والزوج إن كان هو الأكفأ فهو الرجل الذي له القوامة ] .

الجواب العلمي :

أولاً : 

هذا اختراع جديد لمعنى الرجال والنساء ،  ونسف لمعنى القوامة الذي قرره الإسلام والذي يتبعه بعد ذلك كون الطلاق بيد المرأة وجعل الولاية لها ، وكل ذلك تنفيذ لمخطط غربي لتبديل أحكام الأسرة والأحوال الشخصية التي قررها الفقه الإسلامي المنبثق من تعاليم الكتاب والسنة .

 

ثانياً :

قد يقول قائل إنه ورد في اللغة العربية أن المرأة يقال لها  رَجُلة  ، وجمعها "رجال" قال في " لسان العرب" ( تقول: هذا رَجُلٌ أَي راجل، وفي هذا المعنى للمرأَة: هي رَجُلة أَي راجلة؛ وأَنشد: فإِن يك قولُهمُ صادقاً، فَسِيقَتْ نسائي إِليكم رِجَالا أَي رواجلَ ).

 

ولكن الذي ينفي أن يكون المراد في الآية الكريمة في قوله ( الرجال ) هو جمع رجلة ، سياق الآية الكريمة حيث جاء بعدها مباشرة كلمة "النساء" : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ) فدل قطعاً على أن المقصود الرجال الذكور ، وإلا ستكون المرأة الراجلة لها القوامة على النساء ، وهذا لا يقوله عاقل !!!! .

 

3- ويضيف محمد شحرور: [ مفردة "نساء" تدل على الذكور فقط: في قوله تعالى (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ) ، ومعنى "نسائهن" في الآية كل الذكور المستجدين من هؤلاء، أي ابن الابن وابن ابن الأخ وابن ابن الأخت  ] .

الجواب العلمي  :

 

أولا: لا تطلق في اللغة العربية كلمة "النساء" على الذكور ، وهذا اختراع من الشحرور لا أصل له في لغة العرب .

 

ثانياً :  جاءت الكلمة القرآنية في الآية الكريمة : ( أَوْ نِسَائِهِنَّ ) لتقرير عورة المرأة مع النساء من بنات جنسهن ، بعد أن فرغت من بيان عورتها مع الرجال ، أما ابن الابن فهو مشمول بقوله : (أَوْ أَبْنَائِهِنَّ ) ، وكذلك ابن ابن الأخ فهو مشمول بقوله تعالى : (أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ )  .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين