عيد الفطر: جائزة الله تعالى للمسلمين الصائمين

 

هذا عيد الفطر جائزة من الله تعالى للصائمين، يوم شكر لله سبحانه على نعمة التوفيق لصوم شهر رمضان، وشكر النعمة ينبغي أن يكون عرفاناً بفضل الله تعالى المنعم، استدامة لمرضاته، واستدراراً لإحسانه وإنعامه: [لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ] {إبراهيم:7}.

وإنَّ من وسائل الشكر لله تعالى الإحسان إلى الناس ومودتهم، وأن تلقاهم بوجه باشٍّ، تعطي المحروم، وتواسي المكلوم، وتدخل السرور على أهلك وولدك وجيرانك وتوسع عليهم.

العيد في الإسلام صلة للأرحام، وبر بالأيتام، وعطف على الفقراء والمساكين.

العيد في الإسلام صفاء ونقاء، فأصلحوا ما بينكم وبين الله تعالى بدوام طاعته، والنزول على حكمه يصلح الله سبحانه أعمالكم ويصلح ما بينكم، ويرزقكم من فضله، فإنَّ وعد الله تعالى لا يتخلَّف أبداً، قال سبحانه: [وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ] {الطَّلاق:2-3}. وقال عزَّ وجل: [وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا] {الطَّلاق:4}.

لا يكن انتهاء شهر رمضان والاحتفاء بيوم العيد انعزالاً وإهمالاً لفرائض الله تعالى وقعوداً عن طاعته، بل ومجاهرة بعصيانه، فإنَّ يوم الفطر من أيام الله تعالى حيث باركه باتخاذه عيداً للمسلمين، يتعاونون فيه على البر والتقوى، ويتباعدون عن الإثم والعدوان.

إنَّه موعد للتهاني والإشراق، والتزاور جمعاً للكلمة، وحفظاً للدين، ورقياً بالإنسانية عن أن تتصارع.. استمراء للعدوان، ازدياداً في الطغيان.

هذا يوم عيد الفطر المبارك، فتسامحوا، وتصافحوا، وتواصوا بالحق وتواصلوا بالعفو وبالصبر، إنكم إن فعلتم غفر الله لكم ويسَّر أموركم.

عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا) رواه أبو داود.

إنَّ استقبال هذا اليوم المبارك يكون بالبر نفاذاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعا إلى صدقة الفطر، ووفاء بحق الله سبحانه وشكراً لنعمائه، وإحساناً إلى المحتاجين: (أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم) فأقبِلُوا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقيلوا أنفسكم من عثراتها، واستجيبوا لله تعالى وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم، حتى ترتفع أعلام الإسلام والمسلمين، وتأخذ الأمة مكانتها وتقوي شوكتها وتتوثق وحدتها.

إنَّ استقبال هذا العيد يكون باستدامة الطاعة، ولزوم الجماعة، بعداً عن الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، فكونوا عباد الله إخواناً: [قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى(14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى(15)]. {الأعلى}. 

ولنتدبر قول الله تعالى: [إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى(12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالأُولَى(13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى(14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الأَشْقَى(15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى(16) وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى(17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى(18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى(19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى(20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى(21) ]. {الليل}.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

المصدر: (مجلة الأزهر، السنة الثامنة والستون، شوال 1416 - الجزء 10).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين