دعوة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم هي دعوة الرسل السابقين

 

جميع الأديان الإلهية التي جاءت بها رسل الله تعالى مُتَّفقة في أصولها التي بُنيت عليها وفي مقاصدها التي تقصد إليها.

فالإسلام والنصرانية واليهودية ومِلَّة إبراهيم وصالح وهود ونوح وسائر رسل الله تعالى لا تختلف في أصلٍ من أصولها، ولا في مَقْصد من مقاصدها.

فالأصول الواحدة التي قامت عليها الأديان الإلهيَّة كلها هي: الإيمان بوحدانية الله تعالى في ألوهيته، ووحدانيته في ربوبيته، وتنزهه عن النقص واتصافه بالكمال، والإيمان باليوم الآخر، وعبادة الله تعالى وحدَه، والائتمار بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، والانتهاء عن الفحشاء والمنكر والبغي.

وأما المقاصد الواحدة التي تهدف إليها الأديان الإلهية كلها فهي: تنظيم علاقة الناس بربهم ليزيدهم من فضله ونعمه، ويهديهم الصراط المستقيم، وتنظيم علاقتهم بعضهم ببعض ليأمنوا التعادي والتظالم، وليتعاونوا على البر والتقوى وما تتطلبه الحياة، وبهذا ينعمون في الدنيا بالأمن والتعاون، ولهذا وصف القرآن التوراة والإنجيل والقرآن بأنها هدى ونور، قال الله تعالى: [شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ] {الشُّورى:13}.

ومَن نظر في دعوة رسل الله تعالى السابقين وفي دعوة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم آمن بأنها كلَّها دعوة إلى عقيدة في الله تعالى واليوم الآخر واحدة، وإلى أسس عبادات واحدة، وإلى أمهات أخلاق واحدة.

في العقيدة:

قال تعالى: [وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ] {النحل:36}.

فدعوة نوح: [لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ] {الأعراف:59}.

ودعوة صالح: [وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ] {الأعراف:73}.

ودعوة هود: [وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ] {الأعراف:65}.

ودعوة محمد صلى الله عليه وسلم: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا للهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ] {البقرة:21-22}.

وقد بيَّن محمد صلى الله عليه وسلم أنَّ الدعوة إلى هذه العقيدة التي دعا إليها رسول الله تعالى من قبله هي دعاية الإسلام، وهي التي بعث بها كتبه إلى المقوقس، وهرقل، وكسرى، وغيرهم.

وهذا نصُّ كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل كما جاء في البخاري: ( من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى... أما بعد، فإني أدعوكم بدعاية الإسلام، أسلِم تَسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم اليريسين: [قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ] {آل عمران:64}.

في أصول العبادات:

قال الله تعالى في بيان دعاء إبراهيم صلى الله عليه وسلم: [رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي] {إبراهيم:40}.

وقال في إسماعيل عليه السلام: [وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا] {مريم:55}. وقال تعالى في ميثاق بني إسرائيل: [وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ] {البقرة:83}.

وقال في عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم: [وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا] {مريم:31}.

وقال عن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم: [فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ] {الحج:78}.

وقال سبحانه: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] {البقرة:183}.

وقال سبحانه في خطابه لرسوله إبراهيم صلى الله عليه وسلم: [وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ] {الحج:27}. وقال عزَّ شأنه: [وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا] {آل عمران:97}.

في أمهات الأخلاق:

بيَّن الله سبحانه أنَّ رسله وكتبه التي أنزلها عليهم المقصود منها أن يقوم الناس بالقسط، والقسط هو العدل، والعدل كلمة جامعة قوامها أن يعطي الإنسان كل ذي حق حقه، ولا يعتدي على غيره في نفس أو مال أو عرض أو أي حق. وهذا هو الأساس التخلق بالفضائل والتباعد من الرذائل، قال تعالى: [لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ] {الحديد:25}.

ومن هذا يتبين أنَّ القواعد التي قامت عليها الدعوة المحمدية من العقائد والعبادات وأمهات الأخلاق هي القواعد التي بني عليها كل دين إلهي، وأن الذي دعا إليه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم هو الذي دعا إليه رسل الله تعالى السابقون ولا تختلف دعوتهم في العقيدة الإلهية، ولا في أمهات الأخلاق لا في جملة ولا تفصيل والاختلاف في العبادات، إنما هو في كيفية أدائها، وفي كمياتها، وأوقاتها، وأزمانها، تبعاً لاختلاف النفوس فيما يناسبها من وجوه الإصلاح والتهذيب، ولاختلاف استعدادها لتحمل التكاليف الإلهية.

فالصلاة جوهرها أنها وقوف بين يدي الله وقراءة وتكبير وتسبيح ودعاء، وهذا الجوهر اتفق رسل الله تعالى في الدعوة إليه.

وكذلك الزكاة جوهرها أنها إنفاق الغني بعض ماله للفقراء وفي سبيل الله تعالى، والصيام جوهره إمساك عن الشهوات، والحج جوهره قصد البيت الحرام للعبادة والدعاء، والرسل جميعاً دَعَوا إلى جوهر هذه العبادات، وما اختلفوا إلا في تفصيلات جزئية تناسب أحوال الأمم المختلفة، كلهم دعوا إلى عبادة الله وحدَه، وكلهم دعوا إلى عبادته بالصلاة والزكاة والصيام والحج، لأنَّ هذه أنواع من العبادات فيها خضوع لله وشكر له، وفيها رياضة روحية وتهذيب نفسي يصلح نفوس الأفراد والجماعات في أية بيئة وفي أية أمة، وما دعا أي رسول من رسول الله إلى عبادة غير الله، وما دعا أي رسول الله من رسل الله إلى ظلم أو منكر أو كذب أو أية رذيلة وما قال رسول الله من رسل الله اتخذوني إلهاً من دون الله أو مع الله.

ولوحدة الأديان الإلهية كلها في العقيدة، وأمهات الأخلاق، وأصول العبادات – دعا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان بما أنزل إليه وما أنزل من قبله: [وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ] {البقرة:4}. 

ودعا صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان برسل الله تعالى جميعاً بلا تفريق بين أحد من رسله تعالى :[آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ] {البقرة:285}. 

وسمى الله تعالى الإسلام ملة إبراهيم: [هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا] {الحج:78}. [قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا] {الأنعام:161}.

ووصف الكتب الإلهية بأنها هدى ونور، ويصدق بعضها بعضاً، ولا يناقض كتاب منها ما تقدمه من الكتب، قال تعالى: [إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ] {المائدة:44}. 

ثم قال: [وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ] {المائدة:46}. 

ثم قال: [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ] {المائدة:48}. فكل رسول مصدق لما بين يديه من الرسل، وكل كتاب إلهي مصدق لما بين يديه من الكتب، ودعوة الرسل جميعها قامت على أسس واحدة، وتهدف إلى غاية واحدة.

وإنما اختلفت شرائع الرسل في بعض الأحكام العملية والتفصيلات الجزئية التي يقتضيها صلاح نفوس الناس وانتظام مجتمعهم، لأن الشرائع العملية وطرق التزكية النفسية تختلف باختلاف أحوال الاجتماع واستعداد النفوس.

فبعض الشرائع خالف بعضها في بعض عقود المعاملات، وفي بعض المحرم زواجهن، وفي أنواع مما يحرم وما يحل من الطعام، وفي طريق التوبة من الذنب، وفي طريق التطهير من النجاسات، وفي نحو هذا من الجزئيات التي اختارها الله تعالى لتكون طريقة لهداية الناس وإصلاح نفوسهم وتنظيم مجتمعهم حسب ما يلائم أحوالهم، وهذا هو قول الله سبحانه: [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا] {المائدة:48}. أي: لكل أمة جعلنا شريعة أوحينا إليهم أن ينفذوا أحكامها، قال قتادة في قوله تعالى:[ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا] {المائدة:48}. أي: سنة وسبيلاً.

والسنن مختلفة: للتوراة شريعة، وللإنجيل شريعة، وللقرآن شريعة، يُحل الله تعالى فيها ما يشاء ويُحرِّم ما يشاء، كي يعلم الله تعالى من يطيعه ومن يعصيه، ولكنَّ الدين الواحد الذي لا يُقبل غيره هو التوحيد والإخلاص الذي جاءت به رسل الله تعالى، وظاهر من هذا أن الشرعة والشريعة هي الأحكام العملية التي تختلف باختلاف الرسل والأمم، وقد ينسخ لاحقها سابقها، وأنَّ الدين هو الأصول الثابتة في العقائد والعبادات وأمهات الأخلاق، وهذه لا تختلف باختلاف الرسل والأمم، ودعوة رسول الله سبحانه جميعاً فيها واحدة.

والخلاصة التي أريد أن تستقر في العقول وأن لا يرتاب فيها منصف هي ما يأتي:

أولاً: أنَّ رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ما كان بدعاً من الرسل في دعوته، ولا فيما جاء به، فهو دعا إلى الأصول الثابتة في العقائد والعبادات والأخلاق كما دعا إليها رسول الله تعالى من قبله، وهو جاء بشريعة وأحكام عملية تلائم من بعثه الله تعالى إليهم كما جاء بهذا لأمته كل رسول.

وثانياً: أن الشريعة التي جاء بها محمد ملائمة في جملته لأحوال الناس كافة، لأنَّ الله سبحانه أرسله للناس كافة، كما قال سبحانه: [تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا] {الفرقان:1} وحكمة الله تعالى تقضي بأن يكون شرع من بعث للناس كافَّة ملائماً للناس كافَّة.

وثالثاً: أنَّ رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أنصف رسل الله جميعاً، فدعا إلى الإيمان بهم، بلا تفريق بين رسول ورسول، وأنصف الكتب الإلهية جميعها فقرَّر أنها كلها فيها هدى ونور.

ورابعاً: أنَّ الذين يدْعون إلى وحدة عالميَّة وربط الشعوب كلها برابطة قويَّة تكفل لهم التعاون، وتباعد بينهم بين التعادي لو اتخذوا الدين أساساً لهذه الوحدة وهذه الروابط لأفلحوا، وما عليهم إلا أن يَرجعوا إلى أصول الدين في الكتب الإلهيَّة التي لم يعبث بها تحريف أو تبديل، إننا إن فعلنا هذا استبان أن توحيد الله تعالى بالألوهية، وعبادته وحده سبحانه لا شريك له، واجتناب المنكرات، هي دين الجميع، وهي رابطة الجميع، واستبان أنَّ من الحمق والجهل أن يكون التدين وهو سبيل الوحدة سبباً للتعاون والتفريق، وقد أشار الله سبحانه إلى هذه الوحدة بقوله: [أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ] {الشُّورى:13}: وقد آن للناس بعد أن فشلت وحدة الجنسيات ووحدة القارات، ووحدة الأصل السامي والأصل الحامي، أنَّ لهم بعد هذا أن يفكروا في الوحدة التي دعا إليها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: [قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ] {آل عمران:64}.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

المصدر: (مجلة لواء الإسلام، العدد الثامن، المجلد السابع، ربيع ثاني 1373، ديسمبر 1953).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين