اتفاقية كامب ديفيد وأثرها على المنطقة (2ـ 2)

 

مؤتمر كامب ديفيد:

 استمرت القمة الثلاثية في منتجع “كامب ديفيد” ثلاثة عشر يوماً (5-18/9/1978) وشهدت مفاوضات وصفت بأنها شاقة ومتعبة وكادت تفشل أكثر من مرة، وقد شارك في هذه المفاوضات بالإضافة إلى الرؤساء الثلاثة كارتر والسادات وبيغن وزراء خارجيتهم وكبار مستشاريهم السياسيين والعسكريين والقانونيين، ولكن القرارات الحاسمة اتخذت من قبل الرؤساء وحدهم، وهذا يصدق بالدرجة الأولى على القرار المصري الذي حسمه الرئيس السادات بنفسه، بدليل استقالة وزير خارجيته عقب الإعلان عن مقررات القمة احتجاجا عليها، وكان ثالث وزير خارجية مصري يستقبل منذ إعلان السادات عزمه على زيارة القدس.

في يوم 18/9/1978 أعلن الرؤساء الثلاثة اتفاقهم على وثيقتين أساسيتين معلنتين (اتفاقيتين) سميت الأولى “إطار عمل للسلام في الشرق الأوسط” وجاءت الثانية تحت عنوان “إطار عمل لعقد معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل”.

وقد وقع الوثيقتين كل من السادات وبيغن كطرفين وكارتر كشاهد. وهذا تخريج غاية في الغرابة من الناحية القانونية لإشراك واشنطن سياسياً في وثيقتين قانونيتين.

وقد أعلن مع الوثيقتين الأساسيتين عن مجموعة من الرسائل المتبادلة بين كارتر والسادات من جهة، وكارتر وبيغن من جهة أخرى.

- مقدمة الاتفاقية الأولى:

 “إطار عمل للسلام في الشرق الأوسط”: تبدأ الاتفاقية بمقدمة مطولة أكد فيها الفريقان بصورة خاصة: “أن البحث عن السلام في الشرق الأوسط يجب أن يسترشد بالآتي: “إن القاعدة المتفق عليها للتسوية السلمية للنزاع بين إسرائيل وجيرانها هو قرار مجلس الأمن رقم 242 بكل أجزائه…. “…

أن شعوب الشرق الأوسط تتشوق إلى السلام حتى يصبح ممكنا تحويل موارد الإقليم البشرية والطبيعية الشاسعة لمتابعة أهداف السلام وتصبح هذه المنطقة نموذجا للتعايش والتعاون بين الأمم . “….

وإن مواد ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأخرى المقبولة للقانون الدولي والشرعية الآن توفر مستويات مقبولة لسير العلاقات بين جميع الدول،

وإن تحقيق علاقة سلام وفقاً لروح المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة وإجراء مفاوضات في المستقبل بين إسرائيل وأي دولة مجاورة مستعدة للتفاوض بشأن السلام والأمن معها أمران ضروريان لتنفيذ جميع القيود والمبادئ في قراري مجلس الأمن رقم 242 و338… “..

إن السلام يتطلب احترام السيادة والوحدة الإقليمية والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة وحقها في العيش في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها غير متعرضة لتهديدات أو أعمال عنف. “…

وإن السلام يتعزز بعلاقة السلام والتعاون بين الدول التي تتمتع بعلاقات طبيعية…

وبالإضافة إلى ذلك فإنه في ظل معاهدات السلام يمكن للأطراف على أساس التبادل الموافقة على ترتيبات أمن خاصة، مثل مناطق منزوعة السلاح ومناطق ذات تسليح محدود ومحطات إنذار مبكر ووجود قوات دولية وقوات اتصال وإجراءات يتفق عليها للمراقبة. “…

إن الأطراف تضع هذه العوامل في الاعتبار مصممة على التوصل إلى تسوية عادلة شاملة ومستديمة لصراع الشرق الأوسط عن طريق عقد معاهدات سلام تقوم على قراري مجلس الأمن رقم 242 و338 بكل فقراتهما. وهدفهم من ذلك هو تحقيق السلام وعلاقات حسن الجوار، وهم يدركون أن السلام لكي يعمر يجب أن يشمل جميع هؤلاء الذين تأثروا بالصراع أعمق تأثر… “لذا فإنهم يتفقون على أن هذا الإطار في رأيهم مناسب ليشكل أساساً للسلام، لا بين مصر وإسرائيل فحسب بل بين إسرائيل وكل من جيرانها الآخرين ممن يبدون استعداداً للتفاوض على السلام معها على هذا الأساس…”.

- اتفاقية “إطار عمل للسلام في الشرق الأوسط”:

“ينبغي أن تشترك مصر وإسرائيل والأردن وممثلو الشعب الفلسطيني في المفاوضات الخاصة بحل المشكلة الفلسطينية بكل جوانبها. ولتحقيق هذا الغرض فإن المفاوضات المتعلقة بالضفة الغربية وغزة ينبغي أن تتم على ثلاث مراحل”: في المرحلة الأولى “تتفق مصر وإسرائيل على أنه، من أجل ضمان نقل منظم وسلمي للسلطة مع أخذ الاهتمامات بالأمن من جانب كل الأطراف بعين الاعتبار، يجب أن تكون هناك ترتيبات انتقالية بالنسبة إلى الضفة الغربية وغزة لفترة لا تتجاوز الخمس سنوات.

 ولتوفير حكم ذاتي كامل لسكان الضفة الغربية وغزة ستنسحب الحكومة الإسرائيلية العسكرية وإداراتها المدنية منهما فوراً بعد أن يتم انتخاب سكان هذه المناطق سلطة حكم ذاتي تحل محل الحكومة العسكرية الحالية.

ولمناقشة تفاصيل الترتيبات الانتقالية ستدعى حكومة الأردن للانضمام إلى المباحثات على أساس هذا الإطار.

ويجب أن تعطي هذه الترتيبات الجيدة الاعتبار اللازم لكل من مبدأ حكم الذات لسكان هذه الأراضي واهتمامات الأمن الشرعية لكل من الأطراف التي يشملها النزاع”.

وفي المرحلة التالية “تتفق مصر وإسرائيل والأردن على وسائل إقامة سلطة الحكم الذاتي المنتخبة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقد يضم وفد مصر والأردن ممثلي الضفة الغربية وقطاع غزة أو فلسطين آخرين طبقاً لما يتفق عليه.

وستتفاوض الأطراف بشأن اتفاقية تحديد مسؤوليات سلطة الحكم الذاتي التي ستمارس في الضفة الغربية وغزة.

وسيتم انسحاب للقوات المسلحة الإسرائيلية ويكون هناك إعادة توزيع للقوات الإسرائيلية التي ستبقى في مواقع أمن معينة.

وستتضمن الاتفاقية أيضاً ترتيبات لتأكيد الأمن الداخلي والخارجي والنظام العام”.

 كذلك “سيتم تشكيل قوة شرطة محلية قوية قد تضم مواطنين أردنيين. وبالإضافة إلى ذلك ستشترك القوات الإسرائيلية والأردنية في دوريات وفي تقديم الأفراد لتشكيل مراكز مراقبة لضمان أمن الحدود”.

أما الفترة الانتقالية ذات السنوات الخمس – وهي المرحلة الثالثة – فتبدأ “عندما تقوم سلطة حكم ذاتي (مجلس إداري) في الضفة الغربية وغزة في أسرع وقت ممكن، على ألا يتأخر قيامها عن العام الثالث لبداية الفترة الانتقالية.

وستجري المفاوضات لتحديد الوضع النهائي للضفة الغربية وغزة وعلاقاتهما مع جيرانهما وإبرام معاهدة سلام بين إسرائيل والأردن بحلول نهاية الفترة الانتقالية.

وستدور هذه المفاوضات بين مصر وإسرائيل والأردن والممثلين المنتمين إلى سكان الضفة الغربية وغزة”.

وبموجب الوثيقة الخاصة بالضفة والقطاع اتفق أيضاً على انعقاد لجنتين منفصلتين إحداهما تتكون “من ممثلي الأطراف الأربعة التي ستتفاوض وتوافق على الوضع النهائي للضفة الغربية وغزة وعلاقاتهما مع جيرانهما” والثانية من “ممثلي إسرائيل والأردن ويشترك فيها ممثلو السكان في الضفة الغربية وغزة للتفاوض بشأن معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن.

 وستضع هذه اللجنة في تقديرها الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن الضفة الغربية وغزة. وستتركز المفاوضات على أساس جميع نصوص ومبادئ قرار مجلس الأمن رقم 242″. وستقرر هذه المفاوضات فيما تقرر “موضع الحدود وطبيعة ترتيبات الأمن … ويجب أن يعترف الحل الناتج عن المفاوضات بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ومطالبه العادلة.

 وبهذا الأسلوب سيشترك الفلسطينيون في تقرير مستقبلهم من خلال:

ـ أن يتم الاتفاق في المفاوضات بين مصر وإسرائيل والأردن وممثلي السكان في الضفة الغربية وغزة على الوضع النهائي للضفة الغربية وغزة والمسائل البارزة الأخرى بحلول نهاية الفترة الانتقالية.

 ـ أن يعرضوا اتفاقهم على ممثلي سكان الضفة الغربية وغزة لتصويت عليه.

ـ إتاحة الفرصة للممثلين المنتخبين عن السكان في الضفة الغربية وغزة لتحديد الكيفية التي سيحكمون بها أنفسهم تمشياً مع نصوص الاتفاق.

ـ المشاركة كما ذكر أعلاه في عمل اللجنة التي تتفاوض بشأن معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن”.

ورغم كل ما في هذه النصوص من ضمان “لإسرائيل وأمنها” تمضي الوثيقة الخاصة بالضفة والقطاع لتضيف المزيد، فهي تنص على أن “يتم اتخاذ كل الإجراءات والتدابير الضرورية لضمان أمن إسرائيل وجيرانها خلال الفترة الانتقالية وما بعدها. وللمساعدة على توفير مثل هذا الأمن ستقوم سلطة الحكم الذاتي بتشكيل قوة قادرة من الشرطة المحلية تجند من سكان الضفة والقطاع”. وستكون قوة الشرطة على اتصال مستمر بالضباط الإسرائيليين والأردنيين والمصريين المعينين لبحث الأمور المتعلقة بالأمن الداخلي.

أما عن السكان العرب الذين طردوا من الضفة الغربية وغزة في عام 1967 فقد قرر أرباب كامب ديفيد أن يشكل ممثلو مصر و(إسرائيل) والأردن وسلطة الحكم الذاتي خلال الفترة الانتقالية لجنة تعقد جلساتها باستمرار وتقرر بالاتفاق مدى السماح بعودة هؤلاء العرب “مع اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع الاضطراب.

ويجوز أيضاً لهذه اللجنة أن تعالج الأمور الأخرى ذات الاهتمام المشترك” وستعمل مصر و(إسرائيل) معاً ومع الأطراف الأخرى المهتمة لوضع إجراءات متفق عليها للتنفيذ العاجل والعادل والدائم لحل مشكلة اللاجئين.

- اتفاقية “إطار لإبرام معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل”:

أما الوثيقة الخاصة بالسلام بين مصر و(إسرائيل) فقد نصت على التفاوض بين الطرفين لتحقيق انسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء على مرحلتين:

المرحلة الأولى انسحاب يتم في فترة تراوح بين ثلاثة وتسعة شهور بعد توقيع معاهدة الصلح المصرية – الإسرائيلية التي يجب أن توقع في غضون ثلاثة أشهر.

وأما المرحلة الثانية فيتم فيها الانسحاب الإسرائيلي النهائي من سيناء خلال فترة تراوح بين عامين أو ثلاثة أعوام من تاريخ توقيع معاهدة السلام.

وتقضي الوثيقة فيما تقضي بإقامة علاقات طبيعية بين مصر (وإسرائيل) عند إتمام الانسحاب في المرحلة الأولى.

وتحدد الوثيقة مرابطة قوات الجانبين بعد توقيع معاهدة السلام المرتقبة.

وقد كانت مبادئ هذه الوثيقة الأسس التي انبنت عليها معاهدة الصلح التي وقعها الجانبان في واشنطن بتاريخ 26/3/1979.

لم ينس المتفاوضون في كامب ديفيد أن يلبوا المطالب الإسرائيلية بأن تكون المبادئ التي أرسوها في اتفاقهم أساساً للتفاوض المرتجى بين (إسرائيل) والأطراف العربية الأخرى فألحقوا بوثائق المؤتمر عدداً من البنود الخطيرة منها أن “على الموقعين أن يقيموا فيما بينهم علاقات طبيعية كذلك القائمة بين الدول التي تعيش في سلام.

وعند هذا الحد ينبغي أن يتعهدوا بالالتزام بنصوص ميثاق الأمم المتحدة.

ويجب أن تشتمل الخطوات التي تتخذ في هذا الشأن على:

) اعتراف كامل.

2) إلغاء المقاطعة الاقتصادية

3) ضمان تمتع المواطنين في ظل السلطة الفضائية بحماية الإجراءات القانونية في اللجوء إلى القضاء.

كذلك “يجب على الموقعين استكشاف إمكانيات التطور الاقتصادي في إطار اتفاقيات السلام النهائي بهدف المساهمة في صنع جو السلام والتعاون والصداقة التي تعتبر هدفاً مشتركاً لهم”.

كما “يجب إقامة لجان للدعاوى القضائية للحسم المتبادل لجميع المطالب القضائية المالية”.

 أما تنفيذ اتفاق كامب ديفيد فقد جعل برعاية الولايات المتحدة الأمريكية أولاً ،فاتفق الطرفان المتعاقدان على أن تدعى الولايات المتحدة للاشتراك في المحادثات بشأن موضوعات متعلقة بشكليات تنفيذ الاتفاقيات وإعداد جدول زمني لتنفيذ تعهدات الأطراف.

وأما مجلس الأمن الدولي فسيطلب إليه “المصادقة على معاهدات السلام وضمان عدم انتهاك نصوصها”.

كما “سيطلب إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التوقيع على معاهدات السلام وضمان احترام نصوصها…”

وسيطلب إليهم كذلك “مطابقة سياستهم وتصرفاتهم مع التعهدات التي يحتويها هذا الإطار”.

نص المعاهدة:

"إن حكومتي جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل، اقتناعا منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط وفقا لقراري مجلس الأمن 242 و338، إذ تؤكدان من جديد التزامهما "بإطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفد" المؤرخ يوم 17 سبتمبر/أيلول 1978، وإذ تلاحظان أن الإطار المشار إليه إنما قصد به أن يكون أساسا للسلام ليس بين مصر وإسرائيل فحسب، بل أيضا بين إسرائيل وأي من جيرانها العرب -كل في ما يخصه- ممن يكون على استعداد للتفاوض من أجل السلام معها على هذا الأساس.

ورغبة منهما في إنهاء حالة الحرب بينهما وإقامة سلام تستطيع فيه كل دولة في المنطقة أن تعيش في أمن، واقتناعا منهما بأن عقد معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل يعتبر خطوة هامة في طريق السلام الشامل في المنطقة والتوصل إلى تسوية للنزاع العربي الإسرائيلي بكافة نواحيه.

وإذ تدعوان الأطراف العربية الأخرى في النزاع إلى الاشتراك في عملية السلام مع إسرائيل على أساس مبادئ إطار السلام المشار إليها آنفا واسترشادا بها، وإذ ترغبان أيضا في إنماء العلاقات الودية والتعاون بينهما وفقا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات الدولية في وقت السلم.. قد اتفقتا على الأحكام التالية بمقتضى ممارستهما الحرة لسيادتهما من تنفيذ الإطار الخاص بعقد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل:

المادة الأولى:

1- تنتهي حالة الحرب بين الطرفين ويقام السلام بينهما عند تبادل وثائق التصديق على هذه المعاهدة.

2- تسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، كما هو وارد بالبروتوكول الملحق بهذه المعاهدة (الملحق الأول)، وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.

3- عند إتمام الانسحاب المرحلي المنصوص عليه في الملحق الأول، يقيم الطرفان علاقات طبيعية وودية بينهما طبقا للمادة الثالثة (فقرة 3).

"تتمتع السفن الإسرائيلية والشحنات المتجهة من إسرائيل وإليها بحق المرور الحر في قناة السويس ومداخلها في كل من خليج السويس والبحر الأبيض المتوسط وفقا لأحكام اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 المنطبقة على جميع الدول"المادة الخامسة

المادة الثانية:

إن الحدود الدائمة بين مصر وإسرائيل هي الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب كما هو واضح بالخريطة في الملحق الثاني، وذلك دون المساس بما يتعلق بوضع قطاع غزة. ويقر الطرفان بأن هذه الحدود مصونة لا تمس، ويتعهد كل منهما باحترام سلامة أراضي الطرف الآخر بما في ذلك مياهه الإقليمية ومجاله الجوي.

المادة الثالثة:

1- يطبق الطرفان في ما بينهما أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات بين الدول في وقت السلم، وبصفة خاصة:

- يقر الطرفان ويحترم كل منهما سيادة الآخر وسلامة أراضيه واستقلاله السياسي.

- يقر الطرفان ويحترم كل منهما حق الآخر في أن يعيش في سلام داخل حدوده الآمنة والمعترف بها.

- يتعهد الطرفان بالامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها أحدهما ضد الآخر على نحو مباشر أو غير مباشر، وبحل كافة المنازعات التي تنشأ بينهما بالوسائل السلمية.

2- يتعهد كل طرف بأن يكفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل أراضيه أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرته أو مرابطة على أراضيه ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر.

كما يتعهد كل طرف بالامتناع عن التنظيم أو التحريض أو الإثارة أو المساعدة أو الاشتراك في فعل من أفعال الحرب العدوانية أو النشاط الهدام أو أفعال العنف الموجهة ضد الطرف الآخر في أي مكان. كما يتعهد بأن يكفل تقديم مرتكبي مثل هذه الأفعال للمحاكمة.

3- يتفق الطرفان على أن العلاقات الطبيعية التي ستقام بينهما ستضمن الاعتراف الكامل والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وإنهاء المقاطعة الاقتصادية والحواجز ذات الطابع المتميز المفروضة ضد حرية انتقال الأفراد والسلع.

كما يتعهد كل طرف بأن يكفل تمتع مواطني الطرف الآخر الخاضعين للاختصاص القضائي بكافة الضمانات القانونية وبوضع البروتوكول الملحق بهذه المعاهدة (الملحق الثالث) الطريقة التي يتعهد الطرفان بمقتضاها بالتوصل إلى إقامة هذه العلاقات، وذلك بالتوازي مع تنفيذ الأحكام الأخرى لهذه المعاهدة.

المادة الرابعة:

1- بغية توفير الحد الأقصى للأمن لكلا الطرفين، وذلك على أساس التبادل، تقام ترتيبات أمن متفق عليها بما في ذلك مناطق محدودة التسليح في الأراضي المصرية أو الإسرائيلية وقوات أمم متحدة ومراقبين من الأمم المتحدة، وهذه الترتيبات موضحة تفصيلا من حيث الطبيعة والتوقيت في الملحق الأول، وكذلك أية ترتيبات أمن أخرى قد يوقع عليها الطرفان.

2- يتفق الطرفان على تمركز أفراد الأمم المتحدة في المناطق الموضحة بالملحق الأول، ويتفق الطرفان على ألا يطلبا سحب هؤلاء الأفراد، وعلى أن سحب هؤلاء الأفراد لن يتم إلا بموافقة  مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك التصويت الإيجابي للأعضاء الخمسة الدائمين بالمجلس، وذلك ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.

3- تنشأ لجنة مشتركة لتسهيل تنفيذ هذه المعاهدة وفقا لما هو منصوص عليه في الملحق الأول.

4- يتم بناء على طلب أحد الطرفين إعادة النظر في ترتيبات الأمن المنصوص عليها في الفقرتين 1 و2 من هذه المادة وتعديلها باتفاق الطرفين.

"يتعهد الطرفان بالامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها أحدهما ضد الآخر على نحو مباشر أو غير مباشر، وبحل كافة المنازعات التي تنشأ بينهما بالوسائل السلمية"المادة الثالثة

المادة الخامسة:

 

1- تتمتع السفن الإسرائيلية والشحنات المتجهة من إسرائيل وإليها بحق المرور الحر في قناة السويس ومداخلها في كل من خليج السويس والبحر الأبيض المتوسط وفقا لأحكام اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 المنطبقة على جميع الدول. كما يعامل رعايا إسرائيل وسفنها وشحناتها وكذلك الأشخاص والسفن والشحنات المتجهة من إسرائيل وإليها معاملة لا تتسم بالتمييز في كافة الشؤون المتعلقة باستخدام القناة.

2- يعتبر الطرفان أن مضيق تيران وخليج العقبة من الممرات المائية الدولية المفتوحة لكافة الدول دون عائق أو إيقاف لحرية الملاحة أو العبور الجوي. كما يحترم الطرفان حق كل منهما في الملاحة والعبور الجوي من وإلى أراضيه عبر مضيق تيران وخليج العقبة.

المادة السادسة:

1- لا تمس هذه المعاهدة ولا يجوز تفسيرها على نحو يمس بحقوق والتزامات الطرفين وفقا لميثاق الأمم المتحدة.

2- يتعهد الطرفان بأن ينفذا بحسن نية التزاماتهما الناشئة عن هذه المعاهدة بصرف النظر عن أي فعل أو امتناع عن فعل من جانب طرف آخر وبشكل مستقل عن أية وثيقة خارج هذه المعاهدة.

3- كما يتعهدان بأن يتخذا كافة التدابير اللازمة لكي تنطبق في علاقاتهما أحكام الاتفاقيات المتعددة الأطراف التي يكونان من أطرافها، بما في ذلك تقديم الإخطار المناسب للأمين العام للأمم المتحدة وجهات الإيداع الأخرى لمثل هذه الاتفاقيات.

4- يتعهد الطرفان بعدم الدخول في أي التزامات تتعارض مع هذه المعاهدة.

5- مع مراعاة المادة 103 من ميثاق الأمم المتحدة يقر الطرفان بأنه في حالة وجود تناقض بين التزامات الأطراف بموجب هذه المعاهدة وأي من التزاماتهما الأخرى، فإن الالتزامات الناشئة عن هذه المعاهدة تكون ملزمة ونافذة.

المادة السابعة:

1- تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق التفاوض.

2- إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق التفاوض فتحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.

المادة الثامنة:

يتفق الطرفان على إنشاء لجنة مطالبات للتسوية المتبادلة لكافة المطالبات المالية.

المادة التاسعة:

1- تصبح هذه المعاهدة نافذة المفعول عند تبادل وثائق التصديق عليها.

2- تحل هذه المعاهدة محل الاتفاق المعقود بين مصر وإسرائيل في سبتمبر/أيلول 1975

3- تعد كافة البروتوكولات والملاحق والخرائط الملحقة بهذه المعاهدة جزءا لا يتجزأ منها.

4- يتم إخطار الأمين العام للأمم المتحدة بهذه المعاهدة لتسجيلها وفقا لأحكام المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة".

الموقعون:

- عن الجانب المصري: رئيس جمهورية مصر العربية محمد أنور السادات .

- عن الجانب الإسرائيلي: رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن .

- شهد التوقيع: رئيس الولايات المتحدة الأميركية جيمي كارتر .

- تاريخ التوقيع: 26 مارس/آذار 1979م - 27 ربيع الثاني 1399هـ.

وبينما كان بيجن يتغنى بالسلام  كان جنوده يفرضون على أهالي بلدة حلحول بفلسطين حظر تجول عسكري بعد استشهاد اثنين من أبنائها، وهكذا كان نصيب الفلسطينيين من معاهدة السلام.

وفي نفس اليوم  أيضا قصفت إسرائيل منطقة الدامور بلبنان، وأقرت توسيع مستوطناتها في الخليل بفلسطين.

وبعدها بخمسة أشهر فقط، وبينما كان السادات مع بيجن في شرم الشيخ كان طائرات الـ  F16 الإسرائيلية تُنهي آخر تدريباتها، لتقوم بعملية قصف مركز الأبحاث النووي في العراق.

ردة فعل الشارع المصري على الشروع في الاتفاقية :

وبينما كان السادات يهتف أمام المجموعة التي ما وصلت مجلس الشعب إلا على عينه ويزعم أن الشعب المصري كله يرحب السلام كان الشعب يغلي ويفور غضبا بما فيهم أقرب المقربين من السادات ، فقد قدم ثلاثة من وزراء خارجيته استقالتهم كان آخرهم محمد إبراهيم كامل ، وقد أخرها كثيرًا نظرًا لعلاقته الشخصية بالسادات، وكذلك فعل الجمسي وإسماعيل فهمي .

وكتب كامل في مذكراته قائلًا: وقع السادات في النهاية على ما لم يكن ليراود الإسرائيليين في أكثر أحلامهم تفاؤلًا.

أثر الاتفاقية على تشقق الوحدة العربية: 

أحدث إقدام السادات على هذا الجرم إلى إحداث تشقق رهيب في العالم العربي استغلته إسرائيل شر استغلال ، ولم يرض بتوجهه في البداية حتى أقرب العرب إليه وهو حافظ الأسد الذي خاض معه معركة العاشر من رمضان ، فقد توجه السادات إلى دمشق أولا ، آملًا في دعم سوريا، لكن الأسد أبلغ السادات أن الذهاب إلى الكنيست استسلامٌ لا سلام، وأنه يعني التخلي عن التضامن العربي الذي حقق نصر أكتوبر..

ولكن السادات لم يعبأ بنصحه ، وقرر المُضي وحده في طريق الصلح مع إسرائيل، قدم إسماعيل فهمي وزير الخارجية المصري ومحمد رياض وزير الدولة للشئون الخارجية استقالتهما احتجاجًا على مبادرة السادات، فتم تعيين بطرس غالي ليقوم بمهامهما ويكون ضمن الوفد المتوجه إلى الكنيست في القدس، ظن السادات أن مبادرته ستدفع الرأي العام وخصوصًا الأمريكي والإسرائيلي إلى الضغط على بيجن لتحقيق السلام لكن زادت زيارته المنفردة من تعنت إسرائيل، وتعمق الانقسام العربي فتصدرت الجزائر وسوريا وليبيا حملة ضد زيارة السادات، مما أدي إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وهذه الدول، وجاء عنوان التايمز  البريطانية” وداعًا للتضامن العربي “.

ثم تصاعدت الاحتجاجات في الوطن العربي على انفراد مصر باتفاقية صلحٍ تعترف فيها بشرعية دولة قامت على أنقاض فلسطين.

وأدان مؤتمر القمة في بغداد الاتفاقية، وهدد بقطع العلاقات مع القاهرة، ونقل مقر الجامعة العربية إلى تونس.

كما  أكد قرار القمة العاشر في تونس قرار بغداد بمقاطعة مصر في شهر نوفمبر.

وفي جرأة لا مثيل لها، طفق السادات يقول: “قرار قطع العلاقات مع مصر كان تطاولًا وقحًا منهم، فاندفعوا في موكبٍ واحد”.

ثم قال السادات كلامًا يحمد فيه أمريكا ولي نعمته، ويسيء للأمة العربية فقال: “عشرات المليارات نازله علينا وبحمد الله من غير الأمة العربية،مضت السنين العجاف، لأننا عرفنا طريق السلام. مضت كل المعاناة”. ولو امتد به العمر قليلا ورأى الانهيار الاقتصادي والخلقي والاجتماعي والثقافي والسياسي الذي لحق بمصر جراء معاهدته لاعتذر عما بدا منه .

 

 

وبخروج مصر من ساحة النضال ضد العدو الصهيوني، أصاب الوضع العربي، وبخاصة لدى الأطراف العربية المواجهة للعدو، خلل استراتيجي في المجالين العسكري والسياسي.

الآثر السلبية للاتفاقية :

ـ إتاحة الفرصة لليهود لأن يهاجموا ما يشاءون من البلدان العربية الأخرى وهم مطمئنون أن ذلك لن يحرك ساكنا بعد أن قيد المصريون بتلك الاتفاقية ، ودليل ذلك أن إسرائيل بعد أن أمنت حدودها الجنوبية تفرغت لحدودها الشمالية، فاجتاحت لبنان، واحتلت بيروت.

ـ المعاهدة ألغت ضمنيًا اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والدول العربية الموقعة سنة 1945، حيث إنها فرضت على مصر عدم الدخول في حرب ضد إسرائيل، في البند الأول من المادة الثالثة، ومنعت التزام مصر بأي اتفاقية أخرى تلزمها بخوض الحرب ضد إسرائيل في البند الرابع من المادة السادسة، والذي جعل مصر عاجزة عن مساعدة غزة ولبنان عسكريًا خلال حروبها مع إسرائيل.

ـ أنها حرمت مصر من الانتفاع بسيناء ، بل جعلتها وبالا عليها يتسرب منها كل مخرب للبلد ، وكما قال رئيس برنامج الدراسات الإسرائيلية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام، لـ "مصر العربية" إن خسائر مصر في اتفاقية كامب ديفيد أكبر بكثير من الخسائر الإسرائيلية حيث إنها فرضت قيودًا على شبه جزيرة سيناء وأصبح الشريط الحدودي ملكًا لإسرائيل أكثر من مصر، كما أنها تسببت في قطعية عربية لـ 10 سنوات كاملة ، وعزلت مصر عن العالم العربي وأفقدتها ريادته.

ـ إتاحة الفرصة لإسرائيل لوضع خططها التخريبية في المنطقة وتنفيذها بمهارة ، يقول الدكتور محمد عمارة : نشرت المنظمة الصهيونية العالمية "استراتيجية" إسرائيل في الثمانينيات أي ثمانينيات القرن العشرين عقب معاهدة "السلام بين مصر والكيان الصهيوني عام 1979 لم تنس التركيز على ثوابت المشروع الصهيوني التي حددتها منذ إقامة هذا الكيان عام 1948.. ثوابت تفتيت الوطن العربي والعالم الإسلامي على أسس دينية.. وعرقية.. ومذهبية من المغرب إلى باكستان باعتبار ذلك التفتيت هو الضمان لأمن إسرائيل.. ولذلك جاء في هذه الاستراتيجية بالنص: "إن دولا مثل ليبيا والسودان والدول الأبعد منها في المغرب لن تبقى على صورتها الحالية بل ستقتفي أثر مصر في انهيارها وتفتتها فمتى تفتتت مصر تفتت الباقون! إن رؤية دولة قبطية مسيحية في "صعيد مصر" إلى جانب عدد من الدول ذات سلطة أقلية مصرية لا سلطة مركزية، كما هو الوضع الآن هو مفتاح هذا التطور التاريخي الذي لا يبدو مستبعدا في المدى الطويل.

وإن تفتيت سوريا والعراق لاحقا إلى مناطق ذات خصوصية إثنية ودينية على غرار لبنان، هو هدف من الدرجة الأولى بالنسبة لإسرائيل، ولأن العراق أقوى من سوريا وقوته تشكل في المدى القصير خطرا على إسرائيل أكثر من أي خطر فهو المرشح المضمون لتحقيق أهداف إسرائيل في التفتيت، فتفتيت العراق هو أكثر أهمية من تفتيت سوريا.

وتحقق ـ للأسف ـ أكثر ما توقعه الرجل ، ومازال الحكام العرب يساهمون في تحقيق ما لم يتحقق لليهود بسياستهم التخاذلية .

ـ العبث بالمناهج التعليمة والتربوية كل حين لتساعد على تحقيق خطط اليهود وأهدافهم ، وخاصة مناهج التربية الإسلامية والقراءة والتاريخ ، مع حذف الآيات القرآنية التي تبين غدر اليهود وخيانتهم وعداوتهم ، وأيضا حذف النصوص التي تتعلق بالحروب بيننا وبين إسرائيل.

ـ إتاحة الفرصة لليهود للسيطرة على اقتصاديات البلاد العربية تحت مسميات شتى واختراق الحصار الشعبي المفروض تحت شعار المقاطعة .

ـ الإيقاع بين الحكومات العربية والتيارات الإسلامية حتى وصل إلى حد التقاتل بعد جنوح بعضها إلى العنف إما للقسوة في المعاملة معها أو بإيعاز من أطراف خارجية ، حتى صارت الحرب مع الإسلاميين معتدلين أو مبالغين أهم من الحرب مع اليهود ، وهكذا نجح اليهود في نقل المعركة إلى الداخل ، والأدهى أن بعض الحكام صار يرى أن حربه مع التيارات الإسلامية حرب مصيرية أما اليهود فهم جيران ومسالمون .

وهذا بدأ به السادات نفسه حيث تسلط على قيادات الصحوة الإسلامية الذين كانوا السبب الأول بعد الله عز وجل في تحقيق النصر ونجاة المنطقة من هلاك كان محاقا بها لا  محالة

وأصدر في سبتمبر عام 1981م أمرًا باعتقال أكثر من ألف شخصية سياسية من كافة الاتجاهات.

ومن العجب أنه وأثناء إجراء المفاوضات التي قالوا عنها إنها سترسي السلام في المنطقة وتمنع العدوان قامت إسرائيل باقتحام لبنان وتدميرها وتشريد سكانها ثم أرسل في ليلة الثالث عشر من مارس عام 1978، بيجن برقية عاجلة إلى السادات يقول فيها: “بدأت قواتنا عملية محدودة على الحدود اللبنانية لإزالة قواعد الإرهابيين في المنطقة ، وأرجو ألا تعطل هذه العملية المحدودة المحادثات بين بلدينا”  فقتل وتشريد ربع مليون من بلد صغير جدا ينبغي ألا يعكر صفو بيجن ولا السادات ..

وبينما كان الوفد المصري متجه إلى كامب ديفيد لتحقيق السلام احتفلت إسرائيل باحتلال مستوطنة جديدة في مرتفعات الجولان السورية! .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين