مراجعات في مسيرة العمل الاسلامي المعاصر 21

 
11- العمل الإسلامي الشعبي ودوره في الإصلاح والتغير

1- المقصود بالعمل الشعبي .
2- إضاءات من التاريخ .
3- قراءة في مسيرة الحركات الإسلامية المعاصرة وتقلباتها بين النخب والجماهير.
4- الحركة الإسلامية السورية والعمل الشعبي .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
أولا- المقصود بالعمل الإسلامي الشعبي هو:
      استيعاب كافة شرائح المجتمع واستهدافهم والعناية بهم وتوظيف طاقاتهم وامكانياتهم والإرتقاء
      بهم كل فيما يناسبه ويحسنه، والمهم هو عدم الإقصاء الصفوة والنخب وإهمال ماعداهم .
ثانياً- إضاءات من التاريخ :
-       الإسلام جاء للناس كافة وخاطب الإنسانية كلها...
-       الرسول صلى الله عليه وسلم اهتم بالناس جميعاً على اختلاف مستوياتهم الإجتماعية والعقلية والعمرية وكان خطابه شمولياًمع مراعاة الفروق بين الناس والظروف المحيطة بهم.
-       حركة الفتح الإسلامي كانت تعتمد على مجموع الأمة وكانت القيادات تستنفر كل الطاقات والإمكانيات البشرية لرد العدوان وصناعة النصر.
-       والمصلحون عبر التاريخ كانوا على صلة قوية بجمهور الأمة ومن خلال قدراتهم على تحريك الجمهور وتوجيهه يتم لهم النجاح وتحقيق الأهداف.
ثالثاً- قراءة في مسيرة الحركات الإسلامية المعاصرة وتقلباتها بين النخب والجماهير .
-       معظم الحركات الإسلامية المعاصرة بدأت جماهيرية شعبية تستهدف الأمة وتستنفر طاقاتها وتعمل على الإرتقاء بها وتأهيلها لصناعة الأمجاد وبناء الحضارة.
سواء في ذلك حركة جمعية العلماء المسلمين في الجزائر والسنوسيون في ليبيا والمهد يون في السودان والنورسيون في تركيا والوهابيون في الجزيرة العربية والصوفيون أينما كانوا والعلماء ومدارسهم الشرعية والإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية المعاصرة وغيرهم كلهم وجميعهم إنما بدؤوا جهودهم الإصلاحية بداية شعبية جماهيرية .
-       ثم تراجعت بعض الحركات الإسلامية الحركية، والإخوان المسلمون مثالاً بسبب ظروف الإضطهاد والظلم تراجعت لتعمل في ظروف سرية مما جعلها تقتصر على الصفوة من الصفوة المجتمع بل أحياناً صفوة الصفوة.
ثم تراجعت بعض تلك الحركات لتكون في شبه عزلة عن الناس فرضتها هي على نفسها قبل أن يفرضها عليها خصومها .
وتبعاً لذالك تراجع رصيد تلك الحركات وتشتتت جهودها وأصبحت تعاني من التمزقات والإنشقاقات الداخلية مما عوق مسيرة العمل الإسلامي كثيراً وصار حتماً على قيادات الحركات الإسلامية أن يعيدوا النظر في خطابهم وبرامجهم وجهودهم ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، قال تعالى:" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ، وقال تعالى " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً" ، وقال تعالى " يا أيها الناس ادخلوا في السلم كافة ".
-       إن الإنكفاء على النخب لم يكن سمتاً عاماً بل بدأ لظروف قاهرة ثم استمر طويلاً في بعض بلدان العالم الإسلامي وعند بعض الحركات الإسلامية –حزب التحرير مثلاً – وجماعات الإخوان المسلمين في بعض البلدان كذلك – وماتزال بعض الحركات الإسلامية واعية لدور الشعوب وتحاول أن تكون قلبها النابض مما حقق لها نجاحات مقدرة في مسيرتها الدعوية ودورها الإصلاحي الرائد .
والحركة الإسلامية في السودان وإخوان مصر وحركة حماس والحركة الإسلامية في الأردن واليمن والمغرب وتركيا والباكستان مثال على ذلك .
 
رابعا- الحركة الإسلامية السورية والعمل الشعبي.
-       بدأت الحركة الإسلامية في سوريا جماهيرية بشكل عام كأمها في مصر وشاركت في المجالس النيابية وفي النقابات والجمعيات الخيرية والمهنية
-       ثم تراجعت في المرحلة السرية إلى النخبوية المحدودة
-       ثم عادت إلى الإنتشار الشعبي لحدٍ جيد في بداية السبعينات إلى نهايتها
-       ثم كانت مرحلة المجابهة مع النظام التي لها ظروفها التي لا يتسع المجال الآن للحديث عنها
*- وفي المهجر
- يغلب على الحركة الإنحسار وشبه العزلة عن الجمهور ومظاهر الإنحسار الشعبي تظهر في :
- أبناء الإخوان وعدم حملهم لرسالة آبائهم
- في الصف الإخوان وبعده وضعف تجاوبه مع قياداته
- أما مجتمع الداخل فجمهوره إسلامي ونفقد المقاييس الدقيقة التي نتعرف من خلالها عن مدى ثقته بالإخوان والتحامه معهم خصوصاً في الظروف السياسية الصعبة التي تمر بها البلد
 *- أسباب الإنحسار والعزلة الجماهيرية:
   - فقد الشورى الحقيقية في مؤسسات الجماعة، وضعف اداء المؤسسات
   - تفرد القيادة في الرأي وشعور الواعيين في الصف،ا نهم مهمشون ولا قيمة لهم، ويبعد عملياً                     
عن المشاركة الحقيقية من يخالف التركيبة القيادية في الرأي
-       تشتت القيادة في القارات ساهم في ضعفها وضعف شعبيتها الإخوانية والجماهيرية
-       والمخرج من هذه الحالة هو
إعادة بناء الصف وإحياء دور المؤسسات واحترام قراراتها والإستفادة الحقيقية من سائر الكفاءات وإعطاء الصلاحيات المناسبة لجميع المؤسسات والبحث عن أهل الكفاءات وتقديمهم وإطلاق طاقاتهم وإشعارهم بالثقة والإهتمام والأخذ بآرائهم وإلا فإن الإستمرار على الحالة الراهنة يؤذن بمزيد من العزلة والتراجع والإخفاق والفشل لا سمح الله.
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين