جواب فضيلة الشيخ موفق الغلاييني على ما كتبه الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي‎
 
السلام عليكم ورحمة الله
يتحسر المرء أشد الحسرة أن يصدر هذا الكلام من رجل ينتمي الى أسرة علمية محترمة، وكانت له مواقف طيبة في بداية الثورة السورية، وقد ترددت كثيراً قبل الكتابة ، ولكني وجدت الامر أكبر من السكوت عليه، لا أحب الخوض في ثنايا ما عرض لأن هذا يطول، ونحن في شهر مبارك يجدر بنا فيه ان نقل الكلام ونكثر من العمل الذي يقربنا الى الله سبحانه،
الذي أفترضه ابتداء هو حسن نية الشيخ، فهو ممن يظن فيهم الخير والغيرة على البلد الجريح سوريه 

لذا سأنحو بعون الله منهجا علميا لا هجوميا أو تجريحيا.

إننا اليوم  أمام ظاهرة خطيرة وهي تضعضع صف العاملين للإسلام من الداخل، وهذا أمر خطير، وما نحن بصدده هو تشكيك رجل منتسب للعلم يميل الى التصوف بفصيل دعوي سماه الإسلام السياسي، ومن غير المقبول بالمناسبة ان يستخدم داعية مصطلحا وضعه أعداء الإسلام ليلبسوا على الناس دينهم، فهل كان الحبيب القدوة رسول الله عليه أزكى الصلاة والسلام يمثل الإسلام السياسي عندما أسس مجتمعا إسلاميا وبنى دولة مكتملة الأركان ، وقاد جيشه الخميس في غزوات مباركات حطم فيها أركان الشرك وأعلى كلمة التوحيد، أخبرني أخي العزيز مامعنى قوله تبارك وتعالى:( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) أليس في هذه الآية أن الحبيب في جميع تصرفاته قدوة ، ومنها بالطبع ما يتعلق بالسياسة ، أليست مهمة ولي الأمر عند علمائنا الأقدمين الراسخين في العلم هي:( حراسة الدين وسياسة الدنيا به)
هل علينا أن نعكف على أورادنا ونترك السياسة لمشيل عفلق، وزكي الأرسوزي، وحسنين هيكل وأضرابهم، كي يشكلوا عقل الأمة ويقودها الى ما هي عليه الآن!!!
أنابالطبع لست من الداعين لاستخدام القوة لإقامة حكم الله، بل من الداعين لذلك وفق المنهج الرباني المعروف: بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن هذه المشكاة إعداد جيل رباني، يفهم الإسلام على انه تحرير للإنسان كل الإنسان في الأرض كل الأرض من العبودية للحجر والبشر والفلسفات الأرضية ومناهجها لله الواحد القهار ولدينه الحق الذي لا يرضى الله سبحانه سواه.
لن نستطيع تحقيق هذا ونحن مقهورون نسام سوء العذاب، في ظل نظام يطارد فيه كل مخلص لدينه وأمته، ويقرب كل نفعي منافق
إن الدين الذي جاء به صفوة الخلق دين الكرامة والعزة واحترام الإنسان، فكيف نطلب من شعب اصطلى بنار نظام عبر خمسين سنة أن يظل مستخذيا؟؟
 نعم لم تطلب أنت منه صراحة ذلك ولكن عندما تشكك في عدد من شرائحه فأنت تفعل ذلك بدون قصد، شككت في الجيش الحر وفي الإسلاميين الذين يدعون للعودة الى الإسلام كمنهاج للحياة ووو
إن المجاهد حسن الخراط الدمشقي كان مجرد حارس ليلي، ولكنه غداً قائدا عندما انفجرت الثورة السورية ضد الإحتلال الفرنسي، أفنرض أن نكون - نحن الدعاة- أقل شأوا منه، لا أظنك تعتقد بأن الإحتلال الباطني لسوريه أقل خطرا من الاحتلال الفرنسي.
أنا معك أخي الكريم بأن العاملين للإسلام اليوم يجب أن يولوا عناية كبيرة بالجانب الروحي والتربوي، فهذا من الأسس الهامة للدعوة، وهل كان الداعية حسن البنا في نشأته إلا تلميذا تربى على الطريقة الحصافية الصوفية، وهل كان بمقدور الشيخ مصطفى السباعي أن يصل الى ما وصل اليه إلا نتيجة تربية والده الشيخ حسني السباعي الحمصي- فرج الله عن أهل حمص خاصة وعن أهل سورية عامة- وهل كان للغالبية العظمى من علماء دمشق ان يؤيدوه يوم ترشح للمجلس النيابي لو لم يكن مكان ثقتهم، لماذا نريد هدم الثقة ببعضنا، دعونا نتذكر الجوانب الإيجابية التي نرى من خلالها مدى وعي علمائنا في القرن الهجري المنصوم.
 أخبرني والدي المرحوم الشيخ عبد الله أن جدي الشيخ ابراهيم وكان مفتيا لقضاء قطنا، طلب منه ان يذهب للشيخ مصطفى السباعي - وكان معسكرا مع اخوانه المجاهدين الذين لبوا دعوة الجهاد لحماية فلسطين عام ???? م قرب معسكر قطنا كمكان اجتمعوا فيه ليذهبوا لفلسطين ، وقد ذهبوا فعلا وحموا القدس لبضعة أشهر- ليؤدي خطبة وصلاة الجمعة في مسجد البلدة الجامع العمري، وهكذا كان، واستمع المصلون للخطيب الشيخ وهو بلباس الميدان يتحدث بعاطفية جياشة حول ما حلَّ بفلسطين أبكت جمع الحاضرين، وزار السباعي الشيخ ابراهيم في منزله وأوصى فيما بعد أن يدفن بجواره بباب الصغير ، وكان له ما أراد.
لماذا  ننقض غزلنا من بعد قوة إنكاثا، أخيرا أرجو من أخي الحبيب الشيخ اليعقوبي- وبيننا معرفة وصلة الآباء- أن يراجع نفسه فيسخر قلمه الجميل وعلمه الثر في حماية بيضة الدين والذود عن الداعين اليه وان اختلفت المشارب، وإن كان من توجيه وتقويم لديه فيوصل لأربابه ولا حرج بطرق التواصل الأخوي - وهي كثيرة-
وما قلت ما قلت إلا بدافع حبي وحرصي على أخ توسم الجميع فيه الخير للشام وأهله، اللهم فرج عن بلدنا عاجلا غير آجل واجمع قلوبنا على التقوى وآلف بينها بالحسنى
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين