‏تكذبُ فاجرةٌ ويصدِّقُها دجالٌ غبي

 

 

 

عندما تترسخ أفكار عَلمانية لئيمة في عقول البعض فإنها تنتج حقداً أعمى وتزويراً للحقائق التاريخية، فيكون هوى النفوس هو المتحكم لأجل تشويه صورة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بروايات باطلة مكذوبة.

والعجيب أن هؤلاء الحاقدين على الإسلام ونبيه وصحابته الكرام يأتون لروايات وأحاديث هي أوضح من الشمس وأقوى من الجبال فيحكمون عليها بالضعف والوضع لأنها لا تتوافق مع عقولهم النتنة، ويعتمدون روايات باطلة وأخباراً متهافتة لأجل الاستدلال بها على الإساءة لنبينا وصحابته.

#‏كتبت تلك المارقة المأفونة فقالت: (الرسول كان يأمر بقتل امرأة بين اطفالها ذبحا لانها انتقدته و رفضت الاسلام ) ولو بحثت في كل كتب التاريخ لا تجد القصة مروية بهذه الطريقة الماكرة المشوهة، والذي ظهر فيها خبث هذه الكاتبة من جهتين:

1- تصور الكاتبة نبينا صلى الله عليه وسلم -وهو المنزه عن ذلك- بالوحشية عندما يقتل امرأة بين أطفالها، مع أنه في كل روايات القصة لم يكن معها أطفال وإنما رجال من أبنائها وأبناء أبنائها.

#‏القصة تتعلق بامرأة تسمى أم قرفة وهذه هي : (بلغ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّ امرأةً من بني فَزارةَ يقال لها: أمُّ قرفةَ جهَّزَت ثلاثين راكبًا من ولدِها وولدِ ولدِها فقالت: اقدموا المدينةَ فاقتلوا محمَّدًا فقال: اللهمَّ أثكلها ولدَها. وبعث إليهم زيدَ بنَ حارثةَ فقتل بني فَزارةَ وقتل ولدَ أمِّ قرفةَ وبعث بدرعِها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فنصبه بين رُمحين ) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة والحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء، والزيلعي في نصب الراية وغيرهم.

ومع أن هذه القصة من ناحية السند ضعيفة ومنكرة، ولكن لو اعتمدناها كدليل تجاوزاًً :

فلا يوجد في القصة ما يسيء لنبينا صلى الله عليه وسلم لأنها امرأة مرتدة محاربة، وهي التي تريد التحريض على قتل النبي، وخرجت مع أولادها لأجل هذه المهمة، وكل قوانين الأرض تجيز قتل من يرفع السلاح حتى ولو كانت امرأة.

2- ثم انظر إلى كذب وتحريف الكاتبة عندما تقول: (لانها انتقدته و رفضت الاسلام ) ، لم تُقتل أم قرفة لأجل انتقاد النبي ورفضها للإسلام، وإنما بسبب ما كان منها ومن قبيلتها فزارة من اعتداء وظلم ونهب، وتحريض على قتال المسلمين .

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري : (في الغزوة السابعة ـ سرية زيد بن حارثة ـ إلى ناس من بني فزارة, وكان خرج قبلها في تجارة إلى الشام ومعه بضائع تعود للنبي ولأصحابه، فلما كان دون وادي القرى فخرج عليه ناس من بني فزارة فأخذوا ما معه وسرقوه ونهبوه وضربوه, وبعد فعلتهم هذه جهزه النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فأوقع بهم وقتل أم قرفة بِكسر القاف وسكون الراء بعدها فاء وهي: فاطمة بنت ربيعة بن بدر زوج مالك بن حذيفة بن بدر عم عيينة بن حصن بن حذيفة وكانت مُعظمة مُطاعة فيهم، وتُحرضهم على عداوة وقتل المسلمين)

#‏وبعد كل هذا الكذب والتحريف من تلك الكاتبة: يأتي دجال غبي ليدافع عنها ، ويوثق ما ادعته كذبا وزوراً حيث يقول: ((أثارت كلمات سريعة كتبتها معارضة سورية غضبًا شديداً في الشارع السوري، واعتبرت تجديفاً في الدين وتشويها لتاريخه، ...والحقيقة أن رواية قتل أم قرفة وردت في معظم كتب السيرة النبوية، ابن كثير وابن هشام وابن اسحق وابن سعد، والسيرة الحلبية ومغازي الواقدي وعيون الأثر والكامل في التاريخ لابن الأثير)

وعندما تعود لكل تلك الكتب لا تجد القصة مروية على الطريقة التي روتها تلك الكاتبة الأثيمة.

#‏وهناك نقطة مهمة للغاية: أن كتب التاريخ والسيرة تسرد أخباراً وروايات منقطعة وغير مثبتة، وهنا يأتي دور الباحث المحقق في الحكم على هذه الروايات :وفق أدوات علمية في البحث، من خلال ضبط الرواة وعدالتهم، فلا يعني مجرد إيرادها في تلك الكتب أنها صحيحة وثابتة، وإذا طبقنا هذه المنهجية فسنجد قصة أم قرفة ليس لها سند تاريخي صحيح.

ثم يزيد الدجال الغبي المدافع عن تلك الكاتبة المارقة فيقول: (ولكنهم في الوقت لا يقبلون كلمة نقد واحدة في حق الرواة الذين دوّنوا ذلك إذا كانوا يرونهم قد كذبوا فيها) ، عندما رجعت لقصة أم ورقة لم أجد محدثاً واحداً صحَّحها أو أثبتها، بل على العكس من ذلك : صرحوا أنها قصة منكرة وعلى أحسن الأحوال ضعيفة، فمن أين يأتي ذلك الدجال أن علماء الإسلام لا ينقدون الرواة، وها هي كتب الجرح والتعديل كلها نقد وتدقيق للراوي وما رواه، ولكنه العمى الذين يجعل صاحبه يتغافل متعمدا عن الحق حتى يفضحه الله.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين