مقدمة (تربية الأولاد في الإسلام)

 

1 - لقد عرفت الأستاذ الشيخ عبد اللّه علوان من خلال رسالته الأولى ( إلى ورثة الأنبياء ) ثم من خلال رسائله وكتبه مثل : ( التكافل الاجتماعي في الإسلام ) ، (حتى يعلم الشباب ) ، ( صلاح الدين الأيوبي ) ، كما عرفته من خلال حديثه والعمل المشترك حينًا من الدهر في مجال التربية والتعليم . لقد عرفته في ذلك ، وفيما سمعت عنه ، ولو سئلت أن أقول في الشيخ عبد اللّه علوان قولًا وجيزًا لقلت : الرجل مؤمن عالم يعيش وبين عينيه وفي جوانحه ، وفي قلبه ودمه قوله صلى اللّه تعالى عليه وسلم : ( .. من أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ) .

لذا تجده حينًا يخاطب العلماء أن يقوموا بواجب تبليغ الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة فيكتب لهم ( إلى ورثة الأنبياء ) وحينًا يخاطب العامة فيحذرهم من المرناة (الرائي ) ويبين لهم أخطاره و سيئ آثاره في رسالته ( حكم الإسلام في التليفزيون ) التي طوّرها إلى كتاب أسماه ( حكم الإسلام في وسائل الإعلام ) وحينًا يخاطب الطلاب فيكتب لهم رسالـة ( شبهات وردود ) .

وحينًا يخاطب الشباب فيكتب لهم ( حتى يعلم الشباب ) .

وحينًا يخاطب القائمين على شؤون المجتمع فيكتب لهم ( التكافل الاجتماعي في الإسلام ) .

وحينًا يثير فينا أشواق الماضي ، ويذكرنا بعظمة الماضي فيكتب ( صلاح الدين الأيوبي ) .

وحينًا يخاطب المسلمين بأسلوب العلم والفقه فيكتب لهم ( أحكام الصيام ) و(أحكام الزكاة ... ) .

وحينا يدل على وسيلة تخليص المجتمع من أوضار الرأسمالية فيكتب لهم ( أحكام التأمين ) ، ويذكر أخطاره وأضراره .. ويبين بديله الحق في التكافل الإسلامي .

ونجده الآن يكتب في ( تربية الأولاد في الإسلام ) لأولئك جميعًا ، فجزاه اللّه تعالى خيرًا ، وزاده توفيقًا ، وبارك في عمره وفي عمله .

2 - لقد كتب كتابه الأخير هذا ، وجعله في أربعة أجزاء ، وقد بلغ ما كتبه في هذا الموضوع ( 1376 ) (1) صفحة من القطع المتوسط . وهو أمر يدل حقًا على عنايته العظيمة بتربية أجيال المستقبل فضلًا عن غير ذلك من العلم والمعرفة .

* ما أعلم أحدًا كتب في تربية الأولاد من وجهة النظر الإسلامية على سعة وبسط وصدق مجموعا كما فعل الأستاذ الشيخ عبد اللّه علوان .

* ما أعلم كاتبًا أكثر من الشواهد الإسلامية في القرآن والسنة وآثار السلف الصالح على ما يقرره من أحكام ووصايا وآداب ، كما فعل الأستاذ الشيخ عبد اللّه علوان .

* ما أعلم كاتبًا اكتفى في هذه البحوث التربوية الهامة بكتابات المسلمين الأصيلة، دون العروج إلى ما قاله الآخرون " إلا عند الحاجة الماسة لغاية خاصة " ، كما فعل الأستاذ الشيخ عبد اللّه ، ذلك لأنه يكتب لمسلمين يوجهون مسلمين ، فهو يختصر الطريق ، ولأن له من الثقافة الإسلامية القائمة على أصول الإسلام وتجارب المسلمين الماضين والمعاصرين ، ما يجد بها غُنية عما عند الآخرين .

* ما أعلم كاتبًا كتب بحرقة وقوة في موضوع تربية الأولاد ، كما فعل الأستاذ الشيخ عبد اللّه .

3 - أما بعد ، فلقد هممت بأن أكتب عناوين بعض بحوث هذا الكتاب القيم ، وأن أعرض لمعان من نقاط نيرة مفيدة منه ، " وما أكثرها " لتكون نموذجا . وإعلانا ينبئ عن كنه الكتاب وحقيقته ، لكني تركت ذلك كيلا أطيل على القارئ الكريم في هذه الكلمة ، وكي يصل هو بنفسه إلى ما كنت أودّ عرضه 

لكني أنقل كلمة الأستاذ الشيخ عبد اللّه في نهاية الكتاب التي جعلها تحت عنوان: " اقتراحات تربوية لا بد منها " :

يرى الأستاذ أنها تنحصر في الأمور التالية : تشويق الولد إلى أشرف الكسب - مراعاة استعدادات الولد الفطرية - ترك المجال للولد في اللعب والترويح - إيجاد التعاون بين البيت والمسجد والمدرسة - تقوية الصلة بين المربي والولد - السير على منهج تربوي في اليوم والليلة - تهيئة الوسائل الثقافية للولد - تشويق الولد إلى المطالعة الدائمة - استشعار الولد بمسؤولية الإسلام - تعميق روح الجهاد في نفسية الولد .

لقد كتب في شرح هذه المقترحات ( 177 ) صفحة ، فهل ترى أن الكاتب الفاضل ترك مزيدًا لمستزيد في واجب تربية الأولاد والعناية بهم ؟

فما أجدر الآباء والأمهات ، وما أجدر المربين والعاملين في ميدان التربية ، ما أجدرهم جميعًا بقراءة كتاب ( تربية الأولاد في الإسلام ) ، وأن يسيروا مع كتابنا هذا في تربية من يلون أمرهم ( فكفى بالمرء إثما - كما يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم - أن يضيع من يقوت ) رواه مسلم .

وأيّ ضياع أشد وأخطر من إضاعة القلوب وتحريفها عن الجادة أو تركها تضيع هكذا بسبب الإهمال ؟! أيّ ضياع أشد من ضياع هو الخروج على الإسلام والتنكر لأحكامه ؟

أيّ ضياع أشد من ضياع قلوب الأولاد وعقولهم وأخلاقهم ، ثم بقاء أجسادهم كأنها خشب مسندة لا تحمل عقيدة عظيمة ولا تعيش لغاية عظيمة ؟!

أقرّ اللّه عينك يا شيخ عبد اللّه ، وعيون أمثالك ؛ فينشأ الجيل ، الجيل المثالي يعيش عيش أول جيل مثالي على الأرض ، ويوفقه اللّه تعالى كما وفق ذلك الجيل الأول ، جيل رسوله صلى الله عليه وسلم وصحبه البررة الأخيار رضي اللّه تعالى عنهم فيستخلفه في الأرض ويمكن له دينه الذي ارتضى له ، ويبدله من بعد خوفه أمنًا ، ويرفع رايته على كل صقع ورابية ، ويجعل الدين كله للّه .

وما ذلك على اللّه بعزيز{ ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم } 

. ---------------

للراغبين بقراءة أو الاستماع لكتاب تربية الأولاد في الإسلام: 

http://abdullahelwan.net/book.php 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين