القانون الدولي العام والإسلام -2-

 

 

2 – تعريف الحرب المشروعة:

ليس من غرضنا قط أن نعمل الفكر والقياس الدقيق للتوفيق بين هاتين المجموعتين من النصوص القرآنية المتعارضة في الظاهر، فالنص القرآني نفسه يعفينا من هذه المهمة بما يقدمه لنا من الصيغ المحددة للمقصود، تمييزاً بين الحرب المشروعة وغير المشروعة، وإليك طائفة من هذه النصوص:

{ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }[البقرة:190]، { فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192)...فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) }[البقرة]، { فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا }[النساء:90]، { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }[الممتحنة:8]. واقرأ على الخصوص آية براءة التالية فإن تحديدها لأهداف الإسلام في هذا الشأن أوضح وأصرح: { أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }[التوبة:13].

من هذه النصوص التي سردناها ومن نصوص كثيرة أخرى، يخلص لنا تعريف (الحرب المشروعة) في الإسلام، وأنها هي (الحرب الدفاعية).

ويجمل بنا أن نُشير إلى أنَّ كلمة الدفاع ينطوي تحتها نوعان قد أشار القرآن إلى كليهما:

1 – الدفاع عن النفس وفيه يقول الكتاب المجيد:

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ }[الحج].

2 – الإغاثة الواجبة لشعب مُسلم أو حليف عاجز عن الدفاع عن نفسه:

وهذا هو ما حثَّ عليه القرآن في قوله: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء:75].

وغني عن البيان أنَّ المفروض في كلتا الحالين أن يكون العدوُّ قد اتخذ بالفعل مَوقفاً عدائياً، وأن يكون في حالة هجوم أو تأهُّب للهجوم، فالمظاهر غير الوديَّة، والإساءات الأدبيَّة، والمقاومات العنيدة لأمانينا المشروعة، كل ذلك لا يسوغ لنا أن نتَّخذه ذريعة لإعلان الحرب، وإنَّه لمن أكبر مَفَاخر الإسلام أن يكون القرآنُ نفسه هو الذي وضع هذا التحديد في صراحة حيث يقول: { وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }[المائدة:2].

3 – الصلح المجحف ولا الانتصار الدمي:

من هنا نرى أنَّ الحروب في نظر الإسلام شرٌّ لا يَلجأ إليه إلا المضطرّ، فلأن يَنتهي المسلمون بالمفاوضة إلى صُلح مجحف بشيء من حُقوقهم ولكنه في الوقت نفسه يحقن الدماء خيرٌ من انتصار باهر للحق تُزهق فيه الأرواح.

وإنَّ لنا في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية نموذجاً حسناً لهذا الروح العالي في التسامح والصفح، حرصاً على السلام من جانب الطرف الأقوى، فهو لم يكتفِ بالرجوع مع جيشه من حيث أتوا، وبتأجيل ما كانوا أجمعوا على أدائه في ذلك العام من المناسك (زيارة الأماكن المقدسة) ولم يكتفِ بأنْ رَضِي بتجريد اسمه من نصوص الهدنة من كل لَقَبٍ تشريفي هو أهله، ولكنه فوق ذلك كله قَبِلَ مختاراً مُقترحات الهُدْنة التي لا يُعامل فيها الطرفان على قدم المساواة، بل تُخوِّل الأعداء حقوقاً لا تخوِّلها للمسلمين، ناهيك بالشرط الذي يَلزم المسلمين بإعادة من يَلجأ إليهم فِراراً من مُعسكر قُريش، بينما تجعلُ للهاربين من مُعسكر المسلمين حقَّ البقاء في مُعَسْكر قريش دون إزعاج ولا رد، ونحن نعرف كم كان الموقف البالغ الحد في المسألة مُثيراً لاستفسارات الصَّحابة واعتراضاتهم، ولكن لتعدل به عن طريق الإسلام الذي يَحفظ به دماء الناس وأرواحهم، ولنستمع له حين يقول مُصمماً في جواب السائلين له عن السرِّ في هذا العدول عن دخول مكة: (والله لا تدعوني قريش إلى خطَّة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها) [أخرجه البخاري، وأحمد في مسنده واللفظ له] .

4 – قواعد الحرب:

هكذا يُوصينا الإسلام بالمصابرة ما بقي في قوس الصبر مَنزع، ولا يخوِّلنا حق الالتجاء إلى القتال إلا حيث يَفرضه علينا العدوُّ فرضاً، وحيث يكون القعود معناه الإلقاء باليد إلى التهلكة.

لكنه – حتى في هذه الحال المشروعة – لا يُبيح لأحد أن يخوضَ غمار الحرب مُنقاداً بسورة الغضب، أسيراً لغريزة الانتقام دون تعقُّل ولا عاطفة إنسانيَّة، بل يُوجب أن يَسير فيها الجيشان وفق قانون مُعيَّن لضبط هذه الانفعالات وينظمها.

فلنعرض الآن بعض تلك التعاليم التي أراد الإسلام – لا أقول أن يمحوَ بها إلى الأبد تلك الكارثة العالميَّة، فذلك ما لا يمكن تحقيقه ما بقي على الأرض شريرون لا يُقمع نشاطهم الإجرامي إلا بالقوة، ولكن أرادَ الإسلام بها تضييق مجال الحروب وتخفيف عواقبها الوخيمة.

أ – الأهداف الحربية:

رأينا كيف أنَّ القرآن الكريم حين أباح الحرب الدفاعيَّة المشروعة قد ميَّز تمييزاً واضحاً بين المحاربين فأمر بألا يُقاتل إلا المقاتل، ولابد أن نَفهم من كلمة المقاتلين أولئك الذين يحضرون ميدان القتال بالفعل ويستخدمون فيه قوَّتهم العدوانيَّة.

ولقد استرشد التشريع الإسلامي بتعاليم النبوة في هذا الشأن فحدَّد هذا الشرط على وجه يُزيل كلَّ لَبْس، ويكفل إبعاد شرور الحرب عن الضعفاء، ويجنِّب المدنيين كل ويلاتها، فالأطفال والشيوخ والنساء والمرضى والمعتوهون، بل حتى الفلاحون في حرثهم، والرهبان في مَعَابدهم ( )، كل أولئك معصومون بحصانة القانون من أخطار الحروب.

والذي يُلفت نظرنا بوجه خاص في هذا المقام هو حرص الإسلام لا على حماية هؤلاء الضعفاء من الأضرار الماديَّة فحسب، بل على حمايتهم أيضاً من التعرُّض لكل ألم نفسي، يبدو لنا ذلك جلياً بتأمل المثال التالي الذي ترويه لنا الآثار عن واقعة خيبر ، ذلك أنَّه حين انتهى حصار هذه المدينة بنصر المسلمين، وقعت امرأتان يهوديتان في أَسْر بلال رضي الله عنه، فمضى بهما بلال إلى مركز القيادة ماراً بميدان المعركة حيث سقطت جُثَثُ القتلى من اليهود، وكان لهذا المشهد أثره العميق في نفس إحدى الأسيرتين فصاحت وأجهشت بالبكاء، وما إن عَلِم النبي صلى الله عليه وسلم بسلوك سيدنا بلال رضي الله عنه هذا حتى استنكر فعلته ووجَّه إليه اللوم قائلاً: (هل نزعت منك الرحمة يا بلال حين تمر بامرأتين على قتلى رجالهما؟) [رواه إسحاق بن يسار والد محمد بن إسحاق صاحب (السيرة) معلقاً. يُنظر: البداية والنهاية].

ويَنساق بنا الحديث في هذا المعنى إلى التنويه بالقاعدة الإسلاميَّة المتعلِّقة بأسرى الحرب، والتي تحرم الفصل بين المرأة الأسيرة وأبنائها، وتوجب الجمع بينهم في مكان واحد، فيا لها من عناية رحيمة حتى في معمعة البأس.

ب – النهي عن حبس الطعام عن المدن:

ويظهر أنَّ الإسلام لا يَستحسن – بل لا يُبيح – فرضَ حصارٍ يَرمي إلى حَبْس الطعام عن مُدن الأعداء، أو أن هذا على الأقل هو ما تدلُّ عليه حادثة ثمامة (أحد أشراف بني حنيفة) فقد صمَّم هذا الرجل وهو في حداثة إسلامية، وأقسم مُندفعاً بحرارة إيمانه الغضّ، على منع تموين مكة بالحبوب التي تنتجها بلاده (اليمامة) ما لم يَنهه النبي عن ذلك نهياً صريحاً، فلما عَانى أهلُ مكة ما عَانَوا من بأس هذا الحصار وجَّهوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم رسالة مُوجزة يقولون فيها: (إنك تأمر بصلة الرحم، ولكنك قطعت أرحامنا فقتلت الآباء وجوَّعت الأبناء) فبعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الفور إلى ثمامة يأمره برفع هذا الحظر، وبأن يدع أهل مكة يتمتعون بمواردهم العادية [يُنظر: السيرة لابن هشام].

جـ - تقييد مرمى الأسلحة:

ومن ثمرات القاعدة التي تُوجب حصر العمليَّات الحربيَّة في الأهداف العسكرية: النهي عن استعمال الأسلحة البعيدة المدى وخاصَّة كل وسيلة عامة للتدمير، كالتغريق والتحريق.

د – خطر وسائل الانتقام الوحشيَّة:

يَستنكر القرآن الكريم في غير مَوضع تلك العادة الهمجيَّة التي يَشيع استعمالها في أثناء الحروب، ألا وهي تعذيب الأعداء ومعاملتهم بالقسوة والخشونة، وإنه ليصل في استنكار هذه الفعلة إلى حد أن يعد تعذيب العدو أشد جرماً من القتل: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة:191]، {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ }[البقرة:217].

ثم إنَّنا نجد تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم التي كان يُوجِّهها إلى قواد حملاته الحربية زاخرة بنصائحه لهم على التزام النظام وحسن السلوك في قتالهم، ومن بين هذه النصائح تحذيره المتكرِّر لهم من السلب والنهب، والقتل غدراً، والتمثيل بجثث القتلى، نعم إنَّه ذات مرَّة اشتدَّ غضبه من أهل مكة لتمثيلهم بجثَّة عَمِّه حمزة، الذي استشهد في غزوة أحد، وحمله ذلك الغضب على التفكير في مُضاعفة الانتقام منهم في وقعة مقبلة، ولكن القرآن لم يلبث أن نفَّره من هذه المحاولة محذراً إياه من مجاوزة الحدِّ في الانتقام مُرَغِّباً له في الصبر والصفح، فلم يسع النبي عليه السلام إلا العدول عن هذه الفكرة واختار ما هو أليق بخُلق الكريم فشمل مجرمي الحرب هؤلاء بكرمه وصفحه.

ولقد بلغت به دقَّة تطبيقه لحكم القرآن - الذي يأمر بالعفو عن الأعداء متى انتهوا عن عدوانهم - أن نهى عن تعقُّب من يفرُّ منهم من الحرب، فما بالك بمن يُلقي سلاحه ويتقدَّم إلينا في صراحة بعبارات السلام والاستسلام؟ إنَّ القرآن ليحرِّم علينا إيذاءَه تحريماً قَاطعاً حتى لو كان ذلك بحجَّة الشك في صدق إيمانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء:94].

تلك كلها أدلة ملموسة على أنَّ الإسلام لا يَرمي قط إلى القضاء على أعدائه، ولا إلى الاستيلاء عليهم بالقهر، ولكن إلى تجنُّب خطرهم، فمتى تحقَّق هذا الغرض لم يبقَ للصراع في نظره مُبرِّر.

هـ - الهدنة الإجبارية في الأشهر الحرم:

وهذا أسلوب آخر من أساليب تخفيف ويلات الحرب.

فنحن نعرف مدى ما تستنفده الحروب الطويلة الأمد من جهود الشعوب وقواهم، وكيف أنها تصيب نشاطهم التعميري بالجمود والشلل، علاجاً لهذه الحال سنَّ القرآن، أو بالأحرى أحيا تلك السنة القديمة التي تُوجب عدم استمرار الحروب حولاً بأكمله، وتقرِّر في أثنائه هدنة جبريَّة تُعيد فيها العلاقات السلميَّة وتأخذ الحياة مجراها الطبيعي بين الأمم في مدة أقلها أربعة أشهر، هذا الوضع الذي تكفُّ به أعمال الحرب جبراً خلال ثُلُث العام لا تنحصر مزيَّته في إشعار المتحاربين بلذَّة السِّلْم في هذه المدَّة فحسب، بل إنَّه بما يتركه من الأثر في نفوس الجماهير يثبطهم عن الشر ويُغريهم بإطالة أمد الصلح وتحويله من هُدْنة مؤقَّتة إلى هُدْنة حقيقية أو إلى سِلْم دائم.

و – التسلح:

من أنواع العلاج الواقي الذي يُوصي به سَاسة الغرب في العصور الحديثة، مَنعاً لنشوب الصراع بين الدول مشروع منع التسلح أو تقييده، غير أنَّ هذا العلاج لم يتخذ قط حتى الآن صفة القانون الدولي، ولم تطبق مبادئه تطبيقاً عادلاً على الجميع وإنما كان يُفرض على المغلوب وحدَه، بل يمكن القول بأنَّ تطبيق هذا المبدأ الذي يتعارض وغريزة البقاء سيظلُّ دائماً حلماً مُستحيل التحقق.

أما القرآن فإنَّ نظرته الواقعيَّة النفَّاذة جعلته على العكس من ذلك يحضُّنا على أن نعدَّ للطاغين كل ما استطعنا من قوَّة، على أنَّ تلك النظرة الواقعية إلى الوسائل التي يجب اتخاذها لم تكن لتحول دون نظرته المثاليَّة إلى الغايات العُليا التي يَهدف إليها من وراء هذا الاستعداد الحربي، وهي غاية تختلف كل الاختلاف عن الغايات التي يسعى إليها الغزاة الطامحون، فالمسألة في نظر القرآن ليست مَسألة إعداد للهجوم على الأعداء، بل للتحصُّن من شَرِّهم، وإنذارهم بالقوة الباطشة التي تنتظرهم إذا لم يقفوا عند حَدِّهم: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال:60].

ها هنا يكمن أنجع علاج في نظرنا لآلام الإنسانيَّة الحاضرة، فليس الشأن في أن نُقلِّل من مَقَادير عَتَادنا الحربي أو نغير من طبيعته، وإنَّما الأمر في أن نعدِّل أسلوبنا الفكري من أساسه، علينا أن ننظر إلى الحياة نظرةً جديدة تخضع فيها المادة للروح، وتسمو فيها المعنويات على الجثمانيات، وكل حل ينقصه هذا العنصر إنما هو حلٌّ سطحي واه لا بقاء له.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

الحلقة السابقة هنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين