مجالس الاختصاصات هيكلية شاملة لتعميم مفهوم الشورى

 

ما هي الشورى؟!!

الشُّورى في الإسلام هي مفهومٌ، وليست هيكليَّةٌ، والمفهوم يتميَّز بأمرين:

1- قابليته للدُّخول في كلِّ الهياكل السياسيَّة والإداريَّة، بل وحتَّى الاجتماعيَّة داخل الأسرة الواحدة أو الرَّحلات والأسفار.

2- المفهوم تغلب عليه الصَّفة الأخلاقيَّة، فكثيرٌ ممن يدندنون بالشُّورى هم أشدُّ من الفراعنة في أسرهم أو مؤسساتهم التِّجاريَّة أو السياسيَّة!!

وبعض النَّاس يتمادى في مفهومه الشُّوري العجيب من القرارات الفرديَّة إلى الفتك بالمعارضين في الرَّأي والتَّنكيل بهم، واتهامهم بالرِّدة بسبب معاداة الخلافة والخليفة!! وكأنَّ الخليفة إلهٌ أو رسولٌ مُشَرِّع واجب الطَّاعة في معصية الله ومعصية نبينا صلى الله عليه وسلم.

هذه المقدمة يجب أن نتصورها قبل الدُّخول في الهياكل التي هو موضوع المقال.

التَّطور التَّاريخي لهياكل الشُّورى في الإسلام:

في العهد النَّبويِّ كان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم كلَّما عرض له أمرٌ ذو شأنٍ استشار أصحابه من حوله، كاستشارته يوم الأحزاب لسعد بن معاذ (سيِّد الأوس) وسعد بن عبادة (سيِّد الخزرج) على جعل شَطر ثمر المدينة لعيينة بن حصنٍ رأس مشركي غطفان يومها؛ ليرجع عن المدينة ويخذل المشركين عنها [مصنف عبد الرزاق (5/367) برقم (9737)]، فهذه الحادثة التي استشار نبيُّنا الصَّحابة فيها لدفع ضرر أحزاب المشركين عن المدينة يعدُّها بعض الجهال في عصرنا من الرِّدة!! فهل نعمل بسنَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم، أم نسير مكبِّين على وجهنا خلف الفراعنة الجهال؟!!

ومثله لما استشار النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عموم المسلمين وهو يريد رأي الأنصار في أول معركةٍ يخوضونها، بعد أن سمعوا بخروج أبي سفيان لقتالهم يوم بدرٍ، في حين أنَّهم خرجوا لاستخلاص أموالهم المسلوبة من قافلة قريش، ولم يخرجوا للقتال، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ مقولته المشهورة: "إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبَحْرَ لأَخَضْنَاهَا، وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا" [صحيح مسلم في الجهاد والسير: باب عزوة بدر].

والحوادث في ذلك كثيرةٌ، ومع أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يعمم استشارته لكلِّ الصَّحابة، إلَّا أنَّنا نجد أنَّ المتكلِّمين فيها هم ممثَّلون عن الأوس أو الخزرج أو الأنصار أو المهاجرين، ولا يتكلَّم عموم النَّاس.

ثمَّ تطوَّر الأمر في عهد الخلفاء الرَّاشدين، فظهرت هياكل جديدةٍ، ففي حين كانت الاستشارة في عهد النَّبيِّ لعموم الصَّحابة، وكان تفويض النَّاس لممثليهم عرفيًّا قبليًّا، فقد ظهر نموذجان للمشورة:

1- سؤال أهل الاختصاص دون غيرهم، كما حصل مع أبي بكر رضي الله عنه في قضية جمع القرآن، حيثُ كانت الشُّورى قاصرة على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما (كممثلين عن القوة السياسيَّة والدِّينيَّة)، وزيد بن ثابت رضي الله عنه (كممثل عن كتاب الوحي)، فكان ذلك كافيًا لاتخاذ القرار [البخاري في فضائل القرآن: باب جمع القرآن].

2- اختيار الممثلين (الذين تتوفر فيهم صفات التَّمثيل الدِّينيَّة والسياسيَّة) بالتَّعيين، أي من قِبَل السُّلطة الأعلى وليس من قبل النَّاس، لكن النَّاس قبلوا بهم ولم يعترضوا على أحدٍ منهم، كما حصل عند مقتل عمر رضي الله عنه، حيثُ قال الصَّحابة: أوص يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، اسْتخْلف. قَالَ: مَا أرَى أحداً أَحَق بِهَذَا الأَمر من هَؤُلاءِ النَّفر الَّذين توفّي رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهُوَ عَنْهُم رَاض؛ فَسَمَّى: عليًّا وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَالزبير وسعدًا وَعبد الرَّحْمَن، وَقَالَ: "يشهدكم عبد الله، وَلَيْسَ لَهُ من الأَمر شَيْء، فَإِن أَصَابَت الإمرة سَعْداً فَهُوَ ذَاك، وَإِلاَّ فليستعن بِهِ أَيّكُم مَا أُمِّر" [البخاري في المناقب: باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان].

ونلاحظ هنا كيف أنَّه بيَّن سبب اختيارهم، وكيف أنَّه لم يعترض أحدٌ من النَّاس على هذا الاختيار، ومع أنَّ القضيَّة حساسةٌ - وهي اختيار الحاكم - إلَّا أنَّه تمَّ اختيار أعضاء الشُّورى بالتَّعيين.

عيوب التشكيلة الحالية للمجالس:

مع أنَّ التَّشكيلات البرلمانيَّة الحالية قد أدت دورها بشكلٍ جيِّدٍ في المرحلة الماضية، إلَّا أنَّها لم تعد تفي بالاحتياجات المستقبليَّة للأمَّة الإسلاميَّة، وذلك لأسبابٍ عديدةٍ؛ منها:

1- آلية التَّمثيل ليس فيها أيُّ ضوابطَ لاعتماد مبدأ الاختصاص العلمي، فالذي يتمُّ اختياره يصوِّت في القضيَّة ولو لم تكن ضمن اختصاصه العلمي، وهذا يُعَدُّ من أهمِّ عيوب المجالس الحاليَّة، فهو يجعل الكفاءة قليلةً وضعيفةً في نوعيَّة القرارات المتَّخذة، ومع أنَّ العرف السياسيَّ في الدُّول المتقدِّمة هو إحالة القضايا إلى اللِّجان البرلمانيَّة المتخصصة لرفع المسؤوليَّة عن عاتقهم، إلَّا أنَّ تلك اللِّجان يتمُّ اختيارها بالتَّعيين من البرلمان وتشكيلاته الحزبيَّة ولوبيَّاته، كما أنَّ إحالة القضيَّة للجنةٍ يبتُّ فيه أعضاء البرلمان، وله البتُّ في القضيَّة دون إحالتها إلى اللَّجنة بالمرة.

2- هي تشكيل من الطَّبقة الغنيَّة، ويندر أن يستطيع دخوله أحدٌ من الفقراء ولا من الطَّبقة المتوسطة، وذلك نظرًا للنَّفقات التي يتحمَّلها المرشَّح من ماله الخاص للوصول إلى المقعد النِّيابي، عدا عن أنَّ النَّاس يصعب أن يعرفوه أو يتعرَّفوا عليه إذا لم يكن صاحب وجاهة ونفوذ سابق.

3- مقدار التَّمثيل محدودٌ جدًا؛ فهو يتراوح بين ممثل واحد لكل 100.000 مواطن، وبين ممثل واحد لكل 200.000 مواطن.

4- القضايا الحساسة يتمُ الاختيار فيها بالانتخاب المباشر، كتعديل الدُّستور واختيار الرَّئيس واختيار أعضاء البرلمان، وهي عمليةٌ مكلفةٌ جدًا، من حيثُ: الحملات الإعلانيَّة والدِّعائيَّة، وتكاليف التَّنظيم، وتعطيل العمل في دوائر الدَّولة خلال فترة الانتخاب. 

5- العملية الدِّعائيَّة والإعلانيَّة تلعب دورًا كبيرًا في إنشاء لوبيَّاتٍ وتكتُّلاتٍ مصلحيَّةٍ داخل تلك المجالس، وهذه التَّكتلَّات ترجح - في الغالب - مصالحها الشَّخصية على المصلحة العامَّة، إلَّا في حالات نادرةٍ جدًا يكون التَّكتل قد تمَّ إنشاؤه على أسس أخلاقيَّة، وهذا يصعب تأسيسه في دولةٍ شاسعةٍ المساحة تمتدُّ من مشرق الشَّمس إلى مغربها.

6- لا يمكن الاقتصار على مجلس واحدٍ لتمثيل دولةٍ شاسعةِ المساحة، فدولةٌ من هذا النَّوع بحاجة لقوانين متفاوتةٍ تختلف من ولايةٍ إلى أخرى فيما يتعلَّق بالعادات والتَّقاليد والخصوصيَّات (الأعراف) التي تختلف باختلاف الزَّمان والمكان.

7- التَّمثيل الحالي تتداخل فيه الجوانب الاختصاصيَّة بالجوانب الدِّينيَّة، فنجد أنفسنا بين نقيضين كلاهما خطأٌ: الأوَّل: إعطاء صلاحيَّاتٍ للنَّائب غيرِ المسلم في التَّشريع واتخاذ القرارات بما يخالف الشَّريعة الإسلاميَّة التي هي دين الأغلبيَّة، الثَّاني: حرمان الأقليَّات غير المسلمة من جميع حقوقهم السياسيَّة والفكريَّة، فيُمْنَعون من إبداء الرَّأي في القضايا العلميَّة الاختصاصيَّة الدُّنيويَّة التي لا تعلق لها بالشَّرائع.

كلُّ ذلك يستدعي منَّا التَّفكير - بشكلٍ جادٍّ - بهيكليَّةٍ جديدةٍ متطوِّرةٍ تتفادى هذه العيوب، وتتوافق مع احتياجات الأمَّة الإسلاميَّة في المرحلة القادمة.

المعايير والضَّوابط الأساسيَّة لمجالس عمليَّةٍ وعلميَّةٍ ناجحةٍ:

من المنطلق السَّابق يمكن اعتماد المعايير والضَّوابط التَّالية في تشكيل المجالس لتؤدِّي دورها على الوجه الأكمل:

1- اعتماد مبدأ الاختصاص في تشكيل المجالس، وهو المعيار الأهمُّ لرفع كفاءة القرارات المتَّخذة ودقتها العلميَّة، وهو الدَّافع الأساسيُّ لتسميتها بمجالس الاختصاص.

2- تنويع المجالس تبعًا لنوعيَّة القوانين التي ستتمُّ دراستها من حيثُ: الأهميَّة، وقابليتها للتَّعديل، والجهة التي لها صلاحيَّةُ إجراء هذا التَّعديل من حيثُ القوَّة العلميَّة والخبرة.

3- التَّمثيل المباشر لأكبر عددٍ ممكنٍ من النَّاس، مع الالتزام بالمعيار الأوَّل، وهو الاختصاص، ومع عدم تجاوز أيِّ شخصٍ لصلاحيَّاته؛ سواء كان من الأقليَّة أم الأكثريَّة.

4- آلية تواصل قليلة الكلفة بين أعضاء المجلس الواحد، والذين ربما يصل عددهم إلى مئات الألوف، تبعًا لعدد أفراد الاختصاص الواحد.

أنواع القوانين تبعًا لصلاحيات المجالس:

قبل الحديث عن أنواع القوانين يجب التَّنبيه على معاني المصطلحات المستخدمة في هذا المقال:

الأمم المتحدة الإسلامية: وهو تركيبةٌ سياسيَّة كبيرةٌ تستطيع إدارة العالم مع تحقيق العدالة، وقد سبق ذكرها في مقال سابق.

الولاية: وهي الدُّولة في مصطلح اليوم، ولكن مصطلح "الولاية" أكثر ملاءمة لعملية الدَّمج ضمن الكيان الكبير "الأمم المتحدة الإسلامية".

النَّاحية: وهي تشمل مدينةً كبيرةً داخل الولاية مع قضائها، وهي التي تُسمى في يومنا هذا "الولاية".

وفيما يلي أنواع القوانين من حيثُ الأهميَّة وقابليَّتها للتَّعديل، وصلاحيَّات كلِّ مجلسٍ في إجراء التَّعديلات:

1- القوانين الدُّستوريَّة: وهي التي ترسمها الغالبيَّة المسلمة.

2- القوانين الاتحاديَّة: وهي القوانين المبنيَّة على أصول الشَّريعة فلا تتبدَّل بتغيُّر الأعراف وتغيُّر الأزمنة والأمكنة.

3- القوانين المحليَّة: وهي القوانين التي تتغيَّر بتغيُّر الأعراف والأزمنة والأمكنة.

4- القوانين التي تحكم العلاقات بين الولايات أو الأمم.

5- القوانين الخدميَّة التي تدخل تحت صلاحيَّات البلديات.

6- القوانين التَّنظيميَّة والإداريَّة: وهي القوانين التي تتبدَّل وتتغيَّر بتطوُّر النُّظم الإداريَّة والسياسيَّة؛ سواء على مستوى السُّلطة المركزيَّة، أم على مستوى الولايات.

أنوع المجالس داخل "الأمم المتحدة الإسلاميَّة":

وصياغة القوانين والتَّشريعات يقتضي وجود مجالس على ثلاث مستوياتٍ:

1- المجلس الخدميُّ: وهو مجلسٌ بلديٌّ تقتصر صلاحيَّاته على الجوانب الخدميَّة داخل النَّاحية.

2- مجالس الاختصاص: وتضمُّ بداخلها كلَّ المختصين في مجال واحدٍ، وهي على أنواع:

- مجلس اختصاص النَّاحية: وهي التي تُسَمَّى اليوم النَّقابة.

- مجلس اختصاص الولاية: وهو على مستوى الولاية الواحدة، ويكون لكلِّ مجلسٍ اختصاصيٌّ ممثلٌ في المجلس الاختصاصيِّ العام في ذات الاختصاص على المستوى العالمي.

- مجلس الاختصاص العام: وهو مجلس للاختصاص الواحد على مستوى "الأمم المتَّحدة الإسلاميَّة".

- المجلس الاختصاصيُّ التَّمثيليُّ العام: ويضمُّ ممثلين عن كلِّ الاختصاصات على مستوى "الأمم المتَّحدة الإسلاميَّة".

3- مجلس الولاية أو الأمَّة: ويضمُّ ممثلين عن كلِّ الاختصاصات الموجودة داخل الولاية، فهو في حقيقته مجلس اختصاصيٌّ تمثيليٌّ على مستوى الولاية، ومهمته اتخاذ القرارات التَّنفيذية والإدارية على مستوى الولاية الواحدة.

4- المجلس التَّنفيذي العام: ويضمُّ ممثِّلين عن كلِّ مجلسٍ من مجالس الولايات، والفرق بين هذا المجلس والمجلس الاختصاصيِّ التَّمثيلي العام أن هذا المجلس مهمَّته تنفيذيَّة إداريَّة، بينما مهمَّة المجلس الاختصاصيِّ التَّمثيليِّ العام هي مهمَّةٌ استشاريَّةٌ تقوم مقام اللِّجان الاستشاريَّة في البرلمانات.

ولهذا نرى في الرَّسم البياني كيف أنَّ السلسلة التَّابعة لهذا المجلس كلُّها تمثيليَّة لمرونة اتخاذ القرارات، فهي تصدر الصياغة الأولية للقرارات، ثمَّ تحولها للمجلس ذي الاختصاص المناسب لدراستها والتَّعديل عليها، ثمَّ ترجع مرةً أخرى للمجالس التَّنفيذيَّة للبت فيها، ثمَّ يراجع مجلس الحكماء الصِّياغة النِّهائيَّة ليتأكد من عدم حصول ردات فعلٍ للقرارات قبل الإقرار النِّهائي.

وكلُّ مجلسٍ تنفيذيٍّ يحوِّل قراراته لمجلس الاختصاص الذي في مستواه تبعًا لنوع القانون كما بينت سابقًا.

5- مجلس الحكماء: واختصاصه فضُّ الخلافات والنِّزاعات الحاصلة بين الولايات.

6- المجلس الرِّئاسي: وهو مكوَّن من ثلاثة أشخاصٍ ممثلين عن المجالس العامَّة الثَّلاثة، ويتخذون قراراتهم مجتمعين.

وفيما يلي رسمٌ شجريٌّ يوضِّح هيكليَّة العلاقة بين تلك المجالس:

 

آلية التَّثقيل في القرارات:

هذا أكثر ما يفكر به البرلمانيون في زماننا، فأنت بهذه الهيكليَّة ستخرج من آليةٍ عدديَّةٍ صِرْفَةٍ لاتخاذ القرارات من غير مختصين، إلى آلية أخرى تحوي صاحب اختصاصٍ واحدٍ فقط مرتبطٍ بالقرار في المجلس، بينما باقي أعضاء المجلس لا يرتبط اختصاصهم بالقرار!!

وهنا يجب أن ندرك التَّالي:

1- أيُّ قرارٍ يتداخل مع مجموعة اختصاصات، وبنسبٍ متفاوتةٍ من اختصاص لآخر.

2- القرار يتضمَّن جوانب متعددةٍ:

- جانبٌ علميٌّ بحتٌ يحتاج لتقرير علميٍّ يصوغه أصحاب الاختصاص.

- جانب واقعي يدركه الحكماء الذين عايشوا الوقائع.

- جانب اجتهادي للتَّرجيح بين الخيارات المتعدِّدة يدركه كلُّ أعضاء المجلس.

وهذا يستدعي أن يتفاوت مقدار عامل التثقيل في التَّصويت تبعًا للمعايير التَّالية:

1- الدِّراسة المقدمة من المجالس المختصة بالقرار، وتختلف نسبة كلِّ مجلسٍ مختصٍ تبعًا لنسبة ارتباط كلِّ اختصاصٍ بالقرار.

2- المستوى العلمي أو المهني للممثل في اختصاصه، وهذا يدفع النَّاس لاختيار أصحاب المستويات العلميَّة والمهنيَّة الأعلى لتمثيلهم.

3- نسبة تأييد مجلس الحكماء للقرار؛ من حيثُ القَبول الكامل أو الأغلبي أو الاعتراض الأغلبي أو الرفض القطعي.

 

وتحديد مقدار نسب تثقيل القرارات لا يمكننا تحديده في هذه المقالة السَّريعة، لكنَّه بحاجةٍ لبحثٍ جماعيٍّ تقلُّ فيه الاجتهادات الشَّخصيَّة، بالإضافة لتطبيقٍ عمليٍّ مصغَّرٍ في ولايةٍ واحدةٍ، لتحديد النِّسب بطريقةٍ علميَّةٍ عمليَّةٍ دقيقةٍ؛ تضمَّن عدم الاختراق، وعدم سيطرة لوبيَّات المصالح عليها.

إنَّنا بهذا المشروع الكبير نحصل على أكبر تعميمٍ ممكن لمفهوم "الشورى" يشارك فيه الجميع؛ كُلٌّ في اختصاصه العلميِّ الدَّقيق، دون تداخل في الصَّلاحيَّات، ودون سيطرةٍ للوبيَّات ضغط المصالح، ودون صراعاتٍ داخل المجتمع.

وهذا المقال ليس إلَّا بذرةً صغيرةً في إيجاد آليَّاتٍ جديدةٍ كبيرةٍ ومرنةٍ في ذات الوقت؛ لاستيعاب المرحلة القادمة التي ستمر بها أمتنا الإسلاميَّة.

فإن لم يكن هذا التَّصور مناسبًا فالواجب على المختصين في العلوم السياسيَّة والإداريَّة الإسلاميَّة التَّفكير بجديَّةٍ لطرح آليَّاتٍ أخرى بديلةٍ تفي بالغرض وتتفادى إشكالات الهياكل الحاليَّة، وإذا كان التَّصور المطروح في هذا المقال يفي بالحدِّ الأدنى لمتطلبات المرحلة القادمة، فكلِّي رجاء أن يقوم الباحثون والمختصون في السياسة الشَّرعية بإتمام الخطوة التي اجتهدت البدء فيها.

سائلًا المولى العزيز أن يمتع قلوب المسلمين بوحدة الصَّف، وأن يعوض الأمَّة ما فقدت من عظمائها.

المصدر : مجلة الحميدية العدد الثالث

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين