إشكالية العلاقة بين النص والواقع

 

الانقلاب التركي ... وسوء فهمنا للنص

ما جرى في تركية بالأمس القريب، وما يجري في سورية منذ نحو ست سنوات ،وما جرى ويجري للمسلمين في أصقاع الأرض كلها،يجعل المسلم في حَيرة وهو يفسر الأحداث التي تجري حوله:

 

هل يأتي النصر من عند الله تعالى حصراً {وما النصر إلا من عند الله} الأنفال:10 ، أم يعتمد على إعداد العدة والأخذ بالأسباب الظاهرة {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} الأنفال :60؟.وهل على المسلم أن يصبر،وسيكون في معيّة الله،ولن يخذله الله {إن الله مع الصابرين} البقرة:153،أم يبادر ويدفع ويدافع ...؟

   وهناك  خلل مبعثُه الجهل مرة،والتعجل مرة،وإيثار غير ذات الشوكة مرة...

   يأتي النص فيلقي ضوءاً على جانب من المسألة.

 

هذا الجانب هو المهم في السياق الذي ورد فيه النص.

 

ويأتي نص آخر فيلقي ضوءاً على جانب آخر يناسب السياق الذي ورد فيه ... ثم يأتي المسلم،بجهل أو تعجّل أو تكاسل،فيأخذ نصاً ويقرؤه قراءة خاطئة، ويصل منه إلى نتيجة غير التي يحب الله ويرضى.

   ليست المشكلة في النص. المشكلة في الفكر مرة،حين ينظر نظرة حولاء،ويصل إلى نتيجة مبتسرة؛ وفي النفس والهوى مرة؛حين يستلهم النصوص من الأحكام ما يسوّغ له القعود والتراخي،ويدفع عنه الشعور بالتقصير.

   كل ما يجري في حياة الإنسان،بل في الكون كله،إنما هو بقضاء الله وقدره. ومن قضاء الله وقدره أن يفهم المسلم مراد الله،وأن يأخذ بالأسباب المادية والمعنوية،وأن ينصر الله على الهوى والشيطان.

   والصبر مطلوب من المؤمن في أحواله كلها. يصبر على المصائب في الأموال والأنفس، ويصبر على مجاهدة النفس ليكُفّها عما يسخط الله،ويحملها على طاعته والجهاد في سبيله

   الصبر ليس انهزاما وتواكلاً،بل هو تقوى وتضحية وأمل{بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين} آل عمران125، {أوَ لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم: أنّى هذا؟ قل:هو من عند أنفسكم} آل عمران:165،{إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات} هود:11، {ثم جاهدوا وصبروا} النحل: 110،{وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً} آل عمران 120.

   وإذا كان من المسلّمات أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة لكل مسلم،فإنه،صلى الله عليه وسلم،كان أعظم الصابرين،وسيد المتقين،وقائد الغرّ الميامين ... وبهذا كله كان القدوة العظمى لكل من يبغي الحق والهدى والرشاد. وحين تنزل المصيبة  بالمسلم يبحث في نفسه: أين قصّر؟وأين غفل؟وأين جبُن؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين