الخطوط الحمراء في نظر العلماء -2-

 

كتب بعضهم : [ الخطوط الحمراء التي جعلت أمام الكثير من الأفكار والأسئلة والمعتقدات هي المسؤولة عن هذه الحالة التي نعيشها ؛

نتج عنها تعيين حراس لهذه الخطوط يقومون بشن حملات انتحارية عمن يحاول تجاوزها بصفتهم مدافعين ؛ و أن الله " اختصهم " بهذا ، من دون ان يبرزوا لنا دليلا او حتى أثارة من علم تؤيد تلك الدعوى،

و هو ما أدى الى قمع السائلين وإرساء مفهوم " السؤال الحرام " الذي قد يورد صاحبه المهالك فيما لو فكر بينه وبين نفسه حتى في ان يتساءله ؛

الزمن في هذه اللحظات سيتجاوز أولئك الحراس ومن يؤيدهم والمدافعين عن أفكارهم "المخجلة" سواء عرفوا ذلك ام لم يعرفوا ؛

لقد ولى زمان الخطوط الحمراء ؛ فلتنظروا ما أنتم فاعلون ، ولتستعدوا إلى أن تجيبوا عن الأسئلة التي طالما ما استطاعت عقولنا الإجابة عنها ].

 

أجاب الأخ الداعية المربي محمد عادل فارس : 

يصعب الرد على كل فكرة تطرح،لاسيما وأن في كل فكرة من الأفكار الإشكالية، يلتبس الحق بالباطل، ويختلط الصواب بالخطأ، وتأتي العبارات المحتملة لتأويلات مختلفة. قد تقبلها فتكون طُعما يتسلل معه السم، وقد ترفضها، فيقال لك:أنت تمنع الناس من أن يعبروا عن آرائهم .

نعم إذا طُرحت فكرة محددة أمكن التعليق عليها:تأييدا أو رفضا.

وأجاب الدكتور إبراهيم عبد الله إبراهيم سلقيني جوابا ضافيا : 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لكم ثقتكم شيخنا العزيز، وفيما يلي رأيي الذي إن أصبت فيه فهو من فضل الله، وإن أخطأت فمني ومن الشيطان:

1- أما سؤال الاستفهام فلا أذكر سؤالاً وقع النهي عن سؤاله والأمر بالاستعاذة بالله من الشيطان عند التفكير به إلا سؤال: من خلق الله؟

2- أما سؤال طلب الحكم الفرعي فيما نزل مجملاً: فهذا كان حراماً في زمن التشريع دفعاً للمشقة في نزول تشريع خاص يحرم ما كان حلالاً. فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ}.

3- أما سؤال الاستنكار فهو على وجهين:

- مسائل العقائد القطعية، كالإيمان بالله والرسل والكتب السماوية والملائكة والجنة والنار والقضاء والقدر وما شابه ذلك، فالإنكار حرام على السائل، وتجب الإجابة عنه من المسؤول.

- المسائل الفقهية القطعية، كإنكار بعض أحكام الشريعة القطعية، فيحرم الإنكار، ويجب على المسؤول إزالة الشبهة من رأس السائل.

وفي المسائل القطعية السابقة فالإنكار حرام كما بينت، لكن إن كان سؤاله من نوع طلب إزالة الشبهة فلا إثم عليه، وإن كان باب الشبهة التي دخلت قلبه ولم تستقر فهو كبيرة كان من واجبه أن يسأل سؤال استفهام قبل أن تدخل قلبه، وإن كان معتقداً لها فيُخشى على دينه في الأولى، وهي من الكبائر في الثانية، وربما ارتقت إلى الخروج من الدين كالأولى إذا تضمنت الاعتراض على أصل الدين.

- أما المسائل الاجتهادية المختلف فيها بين العلماء سواء كانت عقدية أم فقهية، فيأثم غير المختص بإنكارها وهو غير عالم بها، ويجب على المسؤول أن يبين ما يعتقده.

4- السؤال الاستهزائي إن كان استهزاءً بالأحكام الشرعية فيأخذ حكم السؤال الاستنكاري، لكن جرمه وإثمه أعظم من السؤال الاستنكاري؛ لأن شبهة الاستفهام معدومة، لكن يقابلها احتمال أن تكون السخرية من المسؤول وجهله لا من الأحكام الشرعية.

فإن كان الاستهزاء بالمسؤول فهذا من الأذى الذي يصيب كل طلبة العلم فيجب عليهم فيه الصبر، فيأخذ من حسنات المستهزئ، وهذا أمر لا تعلق له بالحكم الشرعي، ولا يعد استهزاء بالشرع والشريعة كما يحلو لبعض الناس تصويره للتهويل من أنفسهم وذواتهم هداهم الله.

5- من كان عالماً بما سبق وضوابطه فيحق له تنبيه الناس على سبيل الوعظ بعواقب ما يستحق الزجر مما سبق.

6- الحكم التكليفي المتعلق بالمسؤول هو الإجابة عن الأسئلة والشبهات على كل حال، مهما كان نوع الأسئلة ومهما كان حكمها.

7- حرمة السؤال الاستنكاري لمسائل بعينها هو حكم تكليفي متعلق بالسائل، وهذا الحكم التكليفي يجب بيانه للناس دائماً وفي الدروس ومجالس الوعظ العامة مستقلاً عن سؤال الأفراد، أما مع سؤال الأفراد فحكمه في الفقرة التالية.

8- لا ينكر المسؤول على السائل سؤاله إلا بعد بيان جواب المسألة كاملة، حتى لا ينفر من السؤال وطلب البيان والاستبيان في أصل المسألة، حتى إذا أزال شبهته جاز له بعد ذلك وعظه بتجنب استنكار ما يظن أنه من أصول الشريعة. وعليه فالخطوط الحمراء حمايتها بالوعظ لا بالزجر.

9- بعد بيان أحكام الشريعة ينبغي لنا أن نتنبه إلى تصور الواقع الجديد الذي نعيشه، فانفتاح وسائل التواصل الحديثة لم يترك أي حواجز ولا خطوط حمراء بين الناس، فمن لم يسأل باسمه الحقيقي فسيسأل باسمه المستعار، وإن لم يسأل الطالب في حلقتي فسيسأل رجل في الصين لا أعرفه.

فإذا فهمنا نحن طلبة العلم واجبنا في وجوب الإجابة عن كل الاستفسارات الصادرة عمن يشتمنا ويتهمنا بسخف العقل والجنون والتخلف ووووو (كما وصفوا نبينا من قبل) فستكون وسائل التواصل هذه باباً لعالمية الإسلام، وإذا أغلقنا باب الأسئلة على الناس وتقوقعنا، فسنكون كالذين تجمعوا في زاوية ليرجمهم الناس بحجارة التشكيك والتلبيس والشبهات، ونحن بسبب جهلنا واستعلائنا لا نجد جواباً، أو نجد جواباً ونتكبر عن قوله للساخرين والمستهزئين.

هذا والله أعلم.

وتقبلوا فائق شكري وتقديري...

إبراهيم عبد الله سلقيني.

 

وعلق الأخ الشيخ وضاح صهريج :

 

في المقالة وجهة نظر مقبولة إلى حدّ ما، ولكن لابد من الخطوط الحمراء في العلم والفكر ولا نقبل التسلط على السائل لأنه يريد أن يتعلم، وقد تعلمنا قاعدة مهمة من إمامين عظيمين صحابي وتابعي: أمير المؤمنين عمر ومحدث المدينة مالك بأن من يسأل ليشعل فتنة فقد تعدى الخطوط الحمراء ويجب أن نتعامل معه بحزم حسب الوضع.

فلذلك لانسلم بما جاء في المقالة تماما وإن كان فيها بعض الصواب  وخصوصا في عصرنا.

والله أعلم

وجزاكم الله خيرا.

 

وعلق الأخ الشيخ عبد العزيز المحمود : 

الخطوط الوهمية الحمراء في اذهان بعض الجهلة الخرقاء

حاولت أن أسقط دعاويه على واقعنا فما وجدتها صحيحة. 

فما كان عندنا في سوريا عموما وحلب خصوصا خطوط حمراء أمام الكثير، بل ولا القليل من الأفكار والأسئلة والمعتقدات.

ثم إني لم أجد أحدا من هؤلاء الذين يدعون أن الله اختصهم للدفاع عن خطوط حمراء.

وأول مرة أسمع بمصطلح: السؤال الحرام في هذا المقال!!!

وحاصل ما أريد أن أقوله: أن كلام هذا المدَّعي بعيد عن الواقع وعن الحقيقة، ولربما كان في ذهنه أفكار خاطئة فتفاجأ بما يخالفها فأطلق مثل هذه العبارات الجوفاء.

وأجاب الأخ الشيخ عبد العظيم عرنوس :

متى وضع العلماء خطوطا حمراء أمام المتسائلين .. وأين هذه الخطوط الحمراء التي وضعوها .. أظن أنه لا وجود لها سوى في مخيلة السائل . وأين هم الحراس الذين وضعهم العلماء لحماية هذه الخطوط الحمراء .. لذا نريد منك أخي الكريم أثارة من علم على وجود هؤلاء العلماء والحراس الذين قمعوا السائلين حتى لو كان التساؤل في النفس

هوِّن عليك أخي والجأ إلى العلماء الأجلاء الثقات، تجد جوابا لكل تساؤلاتك .. فليس في ديننا أسئلة لا جواب عليها .. واطرد الوساوس والأفكار الحمراء أو السوداء فليس في ديننا ما نخجل أو نخاف من الإجابة عليه.

وإلى تتمة الملاحظات والتعقيبات في الحلقة الثالثة بعون الله تعالى . 

انظر الحلقة الأولى هــنـا 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين