ماذا نفعل في لحظة الألم الصاعق؟

 

في لحظة الألم الصاعق ، الذي تعجز لغات الأرض عن التعبير عنه .. لا يسع العظماء إلاّ السكوت في دنيا الناس ، والتوجّه بصدق القلب إلى باب الربّ سبحانه .. وقد تحوّل أكثر الناس حولهم إلى ذئاب بشريّة ، تنهش أجسادهم ، وتفري أعراضهم .. 

وخير ما عبّر عن هذه الحالة الروحيّة الوجدانيّة ، تلك الدعوات الضارعة ، التي رفعها سيّد الأنبياء والمرسلين صَلواتُ الله وسَلامُه عليه إلى ربّه ، بعد رحلة الطائف الدعويّة الشاقّة ، التي أخفقت في ظاهر الأمر .. ولكنّها حملت في طيّاتها أبلغ الدروس الدعويّة عن صلة الداعية بربّه ، وصدق تعلّقه بجنابه ، والتجائه إلى بابه .. 

يقول المصطفى صَلواتُ الله وسَلامُه عليه : « اللهم إليك أشكو ضعف قوّتي ، وقلّة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت ربّ المستضعفين ، وأنت ربّي ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أو إلى عدوّ ملّكته أمري ؟ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ، ولكنّ عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تنزل بي غضبك ، أو تحلّ بي سخطك ، لك العُتبى حتّى ترضى ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بك » . 

إنّ لحظة الألم الصاعق ، لا بدّ أن تتحوّل عند العظماء إلى عمل صادق ، بعد أن كانت تخاصم العمل الجادّ كما تخاصم عدوّها .. 

إنّ الداعية إلى الله تعالى لا يهمّه إلاّ رضا الله وحده ، فلا يهمّه رضا الكبراء والزعماء ، ولا رضا العامة والدهماء ، ولا يتعلّق قلبه بعرض من الدنيا ، أو جاه بين الناس ، وإنّما همّه الأكبر أن يقبل الله جهاده ، وأن يمنّ عليه بمرضاته .. وليشمت بعد ذلك الشامتون ، وليفرح أولئك العابثون المخدوعون .. : {... قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلا}[النساء:77] . 

{إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون}[الشعراء:227] 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين