فضل الهجرة والمهاجر في السنة النبوية المطهرة

 

 

المقدمة:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه الغُر الميامين، ومَن سار على نهجهم إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ:

فكلما دخل شهر محرم الحرام، هاجت الأشواق إلى صاحب الهجرة عليه أفضل الصلاة والسلام، باعتبار شهر محرم من أول الأشهر العربية التي قال الله تعالى عنها: ? إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ? [التوبة: 36]، وإلا فالهجرة كما هو معلوم ابتدأت في نهاية السابع والعشرين من شهر صفر، وتُوِّجَت بالختام في شهر ربيع الأول في الثاني عشر منه، ليتوافق مولده صلى الله عليه وسلم مع مولد أُمته في بناء الدولة الإسلامية، وفي هذا من الحِكَم الظاهرة التي لا تَخفى على ذي لُبٍّ[1]. ومن هذه النفحات التي جالت في خاطري هذا العام: "فضل الهجرة والمهاجر في السنة النبوية المطهرة"، فرأيتُ من تمام الفائدة الكتابة في هذا الموضوع، عسى أن يكون نافعًا في بابه، واقتصرتُ فيه على ذِكر النص الوارد في السنة النبوية، مع تخريجه والحكم عليه بالهامش، مع ذكر بعض الفوائد والفرائد من كلام شرَّاح الحديث، مما احتاجه البيان، مُوثِّقًا ذلك من الكتب المعتمدة في هذا الشأن، وأدْلُو بدَلْوي إن احتيجَ إلى ذلك، وقدَّمت بين يدي البحث تمهيدًا في بيان الهجرة وأقسامها، وما يتعلق بها، وختمتُ البحث بخاتمة جمعتُ فيها ما تحصَّل لدي من هذه الفضائل، سائلاً المولى أن يجعلَ عملي خالصًا لوجه الله تعالى، وأن يَجمعنا مع المهاجرين والأنصار مع نبيِّنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله ربِّ العالمين.

 

تمهيد:

فليس بدعًا من القول أن الهجرة على قسمين: حسية - "مادية" - وأخرى معنوية؛ فالأولى: تعني الانتقال بالروح والجسد من مكانٍ إلى آخرَ، وهذا ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه الكرام بالهجرة من مكة إلى المدينة، وهي هجرة انتهتْ بفتح مكة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا هجرةَ بعد الفتح، ولكن جهاد ونيَّة، وإذا استُنْفِرتُم فانفِروا))[2]، وهذا النوع من الهجرة باقية بحقِّ مَن يَقدِر عليها، ولا يُمكنه إظهار دينه، أو خافَ فتنةً في دينه مع المُقام في دار الحرب، وإن كانت أنثى لا تَجِد مَحرمًا، إن كانت تأمَن على نفسها في الطريق، أو كان خوف الطريق أقلَّ من خوف المُقام في دار الحرب؛ كما نصَّ على ذلك الفقهاء في كُتبهم[3]؛ لقوله تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ? [النساء: 97]، فقد حوت هذه الآية وعيدًا شديدًا، وهو لا يكون إلا في ارتكاب المحرم وترْك الواجب كما يُعلَم.

 

والثانية: هجرة معنوية، وهي تُشارِك الأولى في المعنى اللغوي، ففيها معنى الترك والهجر، ولكن ليس للأوطان، وإنما للفواحش والذنوب، فهي هجرة القلوب لا الأبدان؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((المسلم مَن سَلِم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَن هجَر ما نهى الله عنه))[4]، ومنها نوع آخر وهو الالتزام بالعبادة في زمن الفتنة والقتل، فقال صلى الله عليه وسلم: ((العبادة في الهَرْج كهجرةٍ إليّ))[5].

 

نسأل الله تعالى أن يَرزقنا أجر الهجرتين، وأن يَجمعنا بإمام القِبلتين صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا، وحان الآن موعد الشروع في هذه الفضائل، وعلى الله التُّكلان، وهو حسبي ونعم المعين، وهي:

 

1- تمنَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون امْرأً من الأنصار لولا الهجرة:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال: أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: ((لو أن الأنصار سلكوا واديًا، أو شِعْبًا، لسلَكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنتُ امرأً من الأنصار))، فقال أبو هريرة: ((ما ظلَم بأبي وأمي، آوَوْه ونصَرُوه، أو كلمةً أخرى))[6].

 

وعن عبدالله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتَح حُنينًا قسَّم الغنائم، فأعطى المؤلَّفة قلوبُهم، فبلَغه أن الأنصار يحبون أن يُصيبوا ما أصاب الناس، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبهم، فحمِد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضُلاَّلًا، فهداكم الله بي؟ وعالةً، فأغناكم الله بي؟ ومتفرقين، فجمعكم الله بي؟))، ويقولون: الله ورسوله أَمَنُّ، فقال: ((ألا تُجيبوني؟))، فقالوا: الله ورسوله أَمَنُّ، فقال: ((أما إنكم لو شئتُم أن تقولوا كذا وكذا، وكان من الأمر كذا وكذا)) لأشياء عددها، زعم عمرو أنْ لا يحفظها، فقال: ((ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والإبل، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ الأنصار شعار [7]، والناس دثار[8]، ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا وشِعْبًا، لسلكت وادي الأنصار وشِعْبَهم، إنكم ستلقون بعدي أُثْرَةً، فاصبروا حتى تَلْقَوْني على الحوض))[9].

 

من أجل ذلك بوَّب الإمام البخاري لهذا الفضل العظيم بقوله: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار)).

 

قال النووي: (والذي يُفهم من ترجمة البخاري وما ذكره في الباب من القرآن والآثار - أنه يجوز استعمال لو ولولا فيما يكون للاستقبال مما امتنع من فعْله لامتناع غيره، وهو من باب الممتنع من فعله لوجود غيره، وهو من باب لولا؛ لأنه لم يدخل في الباب سوى ما هو للاستقبال، أو ما هو حق صحيح مُتيقن؛ كحديث لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار دون الماضي والمنقضي، أو ما فيه اعتراض على الغيب والقدر السابق) [10].

 

قال ابن دقيق العيد: "أي: في الأحكام والعداد، والله أعلم، ولا يجوز أن يكون المراد: النَّسب قطعًا"[11].

 

ولخَّص ابن حجر أقوال العلماء في ذلك، فقال: "قال الخطابي: أراد بهذا الكلام تألُّف الأنصار واستطابة نفوسهم، والثناء عليهم في دينهم، حتى رضِي أن يكون واحدًا منهم، لولا ما يمنعه من الهجرة التي لا يجوز تبديلها، ونسبة الإنسان تقع على وجوه؛ منها: الولادة، والبلادية، والاعتقادية، والصناعية، ولا شك أنه لم يُرِد الانتقال عن نَسَب آبائه؛ لأنه مُمتنع قطعًا، وأما الاعتقادي، فلا معنى للانتقال فيه، فلم يبقَ إلا القسمان الأخيران، وكانت المدينة دار الأنصار والهجرة إليها أمرًا واجبًا؛ أي: لولا أن النسبة الهجرية لا يسعني ترْكها، لانتسبتُ إلى داركم.

 

قال: ويُحتمل أنه لَمَّا كانوا أخواله - لكون أمِّ عبدالمطلب منهم - أراد أن ينتسب إليهم بهذه الولادة، لولا مانع الهجرة.

 

وقال ابن الجوزي: لم يُرد صلى الله عليه وسلم تغيُّر نَسَبه ولا مَحْو هجرته، وإنما أراد أنه لولا ما سبق من كونه هاجَر، لا نتسب إلى المدينة وإلى نُصرة الدين، فالتقدير لولا أن النسبة إلى الهجرة نسبة دينيَّة لا يَسَع تركها، لانتسبتُ إلى داركم.

 

وقال القرطبي: معناه لتسمَّيتُ باسمكم، وانتسبتُ إليكم كما كانوا ينتسبون بالحلف، لكن خصوصية الهجرة وتربيتها، سبقتْ فمنعتْ من ذلك، وهي أعلى وأشرف، فلا تتبدَّلُ بغيرها.

 

وقيل: التقدير لولا أن ثواب الهجرة أعظم، لاخترتُ أن يكون ثوابي ثوابَ الأنصار، ولم يُرِد ظاهر النَّسب أصلًا.

 

وقيل: لولا التزامي بشروط الهجرة - ومنها: ترْك الإقامة بمكة فوق ثلاث - لاخترتُ أن أكون من الأنصار، فيُباح لي ذلك"[12].

 

والملاحظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدَّ نفسه من المقيمين في المدينة، وإن كان أصله من أهل مكة، بدليل أنه قصر الصلاة الرباعية عند حجِّه صلى الله عليه وسلم؛ فعن أنس قال: "خرَجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين، ركعتين، حتى رجعنا إلى المدينة، قلت: أقمتُم بمكة شيئًا؟ قال: أقمنا بها عشرًا" [13].

 

2- وقوع أجْر المهاجر على الله، والعبرة بالابتداء؛ سواء أتَم الرحلة، أم لا:

عن سعيد بن جبير أن رجلًا من خزاعة كان بمكة فمرِض، وهو ضمرة بن العيص بن ضمرة بن زنباع، فأمَر أهله، ففرَشوا له على سرير، فحملوه وانطلقوا به متوجهًا إلى المدينة، فلما كان بالتنعيم مات، فنزلت:? وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ? [النساء: 100]، وكذلك قاله الحسن وغيره من المفسرين[14]، وقال الإمام البخاري: وقع: وجَب [15].

 

قال ابن بطَّال: "وفيه دليل أن مَن شرَع في عمل من عمل الطاعات، وصحَّت فيه نيَّته لله، وحال بينه وبين تمامه الموت - فإن الرجاء قوي أن الله قد كتَبه في الآخرة من أهل ذلك العمل، وتقبَّله منه"[16].

 

3- هدم الذنوب:

فعن عمرو بن العاص قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: ابسط يمينك فلأُبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضتُ يدي، قال: ((ما لك يا عمرو؟))، قال: قلت: أردت أن أشترطَ، قال: ((تشترط بماذا؟))، قلت: أن يغفرَ لي، قال: ((أما علِمتَ أن الإسلام يهدِم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدِم ما كان قبلها، وأن الحج يهدِم ما كان قبله)) [17].

 

والهدم: الهاء والدال والميم: أصل يدل على حطِّ بناء، ثم يقاس عليه، وهدمت الحائط أهدمه، والهدَم: ما تهدَّم، بفتح الدال، ومن الباب الهدم: الثوب البالي، والجمع أهدام، والهدمة: الدفعة من المطر، كأنها تتهدم في اندفاعها [18].

 

وهو نقيض البناء، هدَمه يَهدِمه هدمًا، وهدَّمه فانهدَم وتهدَّم، والهدم: قلْعُ المَدَر؛ يعني: البيوت، والهدم بالسكون وبالفتح أيضًا: هو إهدار دم القتيل، يقال: دماؤهم بينهم هَدْمٌ؛ أي: مُهدرة، والمعنى: إن طُلِب دمُكم، فقد طُلِب دمي، وإن أُهدِر دمُكم، فقد أُهدِر دمي، لاستحكام الأُلفة بيننا، وهو قول معروف، والعرب تقول: دمي دمُك، وهدْمي هدْمُك، وذلك عند المعاهدة والنصرة[19].

 

والهدم خُصَّ أصله بالبناء، ثم استُعِير في جميع الأشياء، فقيل: هدَم ما أبرَمه من الأمر [20].

 

قال النووي رحمه الله: "ففيه عِظَم موقع الإسلام، والهجرة، والحج، وأن كل واحد منها يَهدِم ما كان قبله من المعاصي"[21].

 

أقول: فالذنوب إذا تجمَّعت وتراكمت، كانت كالبناء على ابن آدم محسوسًا وملموسًا، ومن أجل ذلك أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم - رحمةً بأُمته - أن تُسقط هذا البناء، ولا تُبقي له من الأثر بأعمال صالحة، أخبرنا أنه من أدَّاها أسقطت هذا البناء المتراكم الذي سيُهلكه يوم القيامة.

 

4- مغفرة الذنوب العظام (قتل النفس):

فعن جابر أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هل لك في حصن حصين ومَنعة؟ قال: حِصن كان لدَوْس في الجاهلية، فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم للذي ذخَر الله للأنصار، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجَر معه رجل من قومه، فاجتَووا المدينة، فمرِض، فجزِع، فأخذ مَشاقص له، فقطع بها بَراجمه، فشَخَبتْ يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه، فرآه وهيئته حسنة، ورآه مُغطيًا يديه، فقال له: ما صنع بك ربُّك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيِّه صلى الله عليه وسلم، فقال: ما لي أراك مغطيًا يديك؟ قال: قيل لي: لن نُصلحَ منك ما أفسدتَ، فقصَّها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم وَلِيَدَيْه فاغفِر)) [22].

 

وأجاب الطحاوي عن ذلك بقوله: "أنه قد يُحتمل أن يكون الرجل المذكور في هذا الحديث فَعل بنفسه ما فعَل، مما ذكر فيه على أنه عنده علاج، تبقى به بقيةُ يَديه، ففعل ما فعَل؛ لِتَسْلَمَ له نفسه، وتبقى له بقية يديه، فلم يكن في ذلك مذمومًا، وكان كرجل أصابه في يده شيءٌ، فخاف إن لم يَقطعها أن يذهب بها سائرُ بدنه، ويُتلِف بها نفسَه، فهو في سَعة من قطعها، فإن لم يقطعها وهو يرى أنه بذلك يَسلَم له بذلك بقيةُ بدنه، ويأمَن على نفسه - ثم مات منها - أنه غير ملوم في ذلك، ولا مُعاقب عليه، وكذلك هذا الرجل فيما فعَل ببراجمه، حتى كان مِن فعْله تَلفُ نفسه، وهو خلاف مَن قتل نفسه طاعنًا لها، أو مترديًا من مكان إلى مكان؛ ليُتلفَ نفسه، أو متحسِّيًا لسُمٍّ؛ ليقتل به نفسه، فلم يَبِنْ بحمد الله فيما رويناه في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تضادٌّ ولا اختلافٌ.

 

فإن قال قائل: ففي هذا الحديث دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدَي هذا الرجل بالغفران، ودعاؤه ليديه بذلك دعاءٌ له، وذلك لا يكون إلا عن جناية كانت منه على يديه، استحق بها العقوبة، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغفران ليديه، فيكون ذلك غفرانًا له، قيل له: ما في هذا الحديث دليل على ما ذكرت؛ لأنه قد يجوز أن يكون ما كان من رسول الله عليه السلام من ذلك الدعاء ليَدَي ذلك الرجل، كان لإشفاقه عليه، ولعمل الخوف من الله كان في قلبه، فدعا له بذلك لهذا المعنى، لا لِما سواه؛ كما قد رُوِي عنه مما علَّمه حُصينًا الخزاعي أبا عمران بن حصين، وأمَره أن يدعوَ به"[23].

 

قال النووي شارحًا هذا الحديث العظيم بقوله: "قوله "فاجتووا المدينة" هو بضم الواو الثانية ضمير جمع، وهو ضمير يعود على الطفيل، والرجل المذكور، ومَن يتعلق بهما، ومعناه: كرِهوا المقام بها لضجرٍ ونوعٍ من سقمٍ...، وأصله من الجوى، وهو داء يصيب الجوف، وقوله: "فأخذ مشاقص" هي بفتح الميم وبالشين المعجمة، وبالقاف والصاد المهملة، وهي جمع مِشقَص بكسر الميم وفتح القاف، قال الخليل وابن فارس وغيرهما: هو سهم فيه نَصْل عريض، وقال آخرون: سهمٌ طويل ليس بالعريض، وقال الجوهري: المِشقَص: ما طال وعرُض، وهذا هو الظاهر هنا لقوله: (قطَع بها براجمه)، ولا يحصل ذلك إلا بالعريض.

 

وأما "البَراجم" بفتح الباء الموحدة وبالجيم، فهي مفاصل الأصابع، واحدتها "بُرْجُمة"، وقوله: "فشخَبت يداه"، هو بفتح الشين والخاء المعجمتين؛ أي: سال دمهما، وقيل: سال بقوة.

 

أما أحكام الحديث، ففيه حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة، أن مَن قتَل نفسه أو ارتكب معصيةً غيرها، ومات من غير توبة، فليس بكافر، ولا يُقطع له بالنار، بل هو في حكم المشيئة، وفيه إثبات عقوبة بعض أصحاب المعاصي، فإن هذا عُوقِب في يديه، ففيه رَدٌّ على المرجئة القائلين بأن المعاصي لا تضُر، والله أعلم) [24].

 

قال التوربشتي: هذا الحديث وإن كان فيه ذكر رؤيا أُريها الصحابي للاعتبار بما يُؤَوَّل تعبيره، فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم وَلِيَدَيْه فاغفِر) من جملة ما ذكَرنا من الأحاديث الدالة على أن الخلود غير واقع في حقِّ مَن أتى بالشهادتين، وإن قتَل نفسه؛ لأن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا للجاني على نفسه بالمغفرة، ولا يجوز في حقه أن يَستغفر لمن وجب عليه الخلود بعد أن نُهِي عنه [25].

 

5- الهجرة أفضل الإيمان:

فعن عمرو بن عبسة، قال: قال رجل: يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال: ((أن يُسلِمَ قلبُك لله عز وجل، وأن يَسلَم المسلمون من لسانك ويدك))، قال: فأي الإسلام أفضل؟ قال: ((الإيمان))، قال: وما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله وملائكته، وكُتبه ورُسله، والبعث بعد الموت))، قال: فأي الإيمان أفضل؟ قال: ((الهجرة))، قال: فما الهجرة؟ قال: ((تَهجُر السوءَ))، قال: فأي الهجرة أفضل؟ قال: ((الجهاد))، قال: وما الجهاد؟ قال: ((أن تُقاتل الكفارَ إذا لقيتَهم))، قال: فأي الجهاد أفضل؟ قال:

((مَن عُقِر جوادُه، وأُهرِيقَ دمُه))، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثم عملان هما أفضل الأعمال، إلا مَن عمِل بمثلهما: حجة مبرورة، أو عُمرة)) [26].

 

قال ابن رجب الحنبلي: جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان أفضل الإسلام، وأدخل فيه الأعمال، وبهذا التفصيل يظهر تحقيق القول في مسألة الإسلام والإيمان: هل هما واحد؟ أو مختلفان؟ والمختار: إذا أُفرِد كلٌّ من الإسلام والإيمان بالذِّكر، فلا فرق بينهما حينئذٍ، وإن قرَن بين الاسمين كان بينهما فرقٌ" [27].

 

6- الهجرة من خمس أوامر أمَر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمته:

فعن زيد بن سلام، عن جده مَمطُور، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: أراه أبا مالك الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وأنا آمُركم بخمس، آمركم بالسمع والطاعة، والجماعة، والهجرة، والجهاد في سبيل الله، فمن خرج من الجماعة قيْدَ شبرٍ، فقد خلع رِبْقة الإسلام من رأسه، ومن دعا دعوى الجاهلية، فهو جُثاء جهنَّمَ))، قال رجل: يا رسول الله، وإن صام وصلَّى؟ قال: ((نعم، وإن صام وصلى، ولكن تسمَّوا باسم الله الذي سمَّاكم عباد الله المسلمين المؤمنين)) [28].

 

7- صاحب الهجرة يُقدَّم في الإمامة عند صلاة الجماعة:

فعن أَوْس بن ضَمْعَج، يقول: سمعت أبا مسعود، يقول: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله، وأقدمُهم قراءةً، فإن كانت قراءتهم سواءً، فليَؤُمَّهم أقدمُهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فليَؤْمَّهم أكبرهم سنًّا، ولا تَؤُمَّنَّ الرجل في أهله، ولا في سلطانه، ولا تجلِس على تَكرِمته في بيته، إلا أن يأذَن لك، أو بإذنه)) [29].

 

قال العظيم آبادي: "هذا شاملٌ لمن تقدَّم هجرةً؛ سواءً كان في زمنه صلى الله عليه وسلم، أو بعده؛ كمَن يُهاجر من دار الكفر إلى دار الإسلام" [30].

 

8- الهجرة عملٌ لا مثيلَ له:

فعن كَثير بن مُرَّة أن أبا فاطمة حدَّثه، أنه قال: يا رسول الله، حدِّثني بعمل أستقيم عليه وأعمله، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليك بالهجرة، فإنه لا مثلَ لها)) [31].

 

قل المناوي: أي: "الزم التحوُّل من ديار الكفر إلى ديار الإيمان".

 

وقال الديلمي: "يريد به الهجرة مما حرَّم الله" [32].

 

9- المهاجر حقًّا على الله أن يُدخله الجنة:

فعن سَبْرة بن أبي فاكِه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرُقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال: تسلم وتذَر دينَك ودينَ آبائك وآباء أبيك، فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة، فقال: تهاجر وتدَع أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول، فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال، فتُقاتل فتُقتل، فتُنكَح المرأة، ويُقسَّم المال، فعصاه فجاهد))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فمن فعل ذلك كان حقًّا على الله عز وجل أن يُدخله الجنة، ومَن قُتِل كان حقًّا على الله عز وجل أن يدخله الجنة، وإن غرِق كان حقًّا على الله أن يدخله الجنة، أو وقَصته دابَّته كان حقًّا على الله أن يدخله الجنة)) [33].

 

10- المهاجر يُبشَّر ببيت في رَبَض الجنة، وببيت في وسط الجنة:

فعن عمرو بن مالك الجَنْبي، أنه سمع فضالة بن عبيد، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أنا زعيم - والزعيم الحميل لمن آمَن بي، وأسلم وهاجَر - ببيت في رَبَض الجنة، وببيت في وسط الجنة، وأنا زعيم لمن آمَن بي، وأسلم، وجاهد في سبيل الله، ببيت في ربض الجنة، وببيت في وسط الجنة، وببيت في أعلى غرف الجنة، من فعل ذلك فلم يدَع للخير مطلبًا، ولا من الشر مهربًا، يموت حيث شاء أن يموت)) [34].

 

قال السندي: "رَبَض الجنة" بفتحتين في المجمع هو: ما حولها خارجًا عنها، تشبيهًا بأبنية حول المدن، وتحت القلاع، قلت: ينبغي أن يراد ها هنا في طرف الجنة داخلها لا خارجًا عنها، وإلا يلزم المنزلة بين المنزلتين، فليتأمل مطلبًا؛ أي: محل طلب؛ أي: ما من مكان يطلب فيه الخير إلا حضره، وطلب فيه الخير، وأخذ منه حظه مهربًا؛ أي: ما من مكان يهرب إليه من الشر، ويُلجأ إليه، ويُعتصم به للخلاص منه، إلا هرَب إليه واعتصم به" [35].

 

11- المهاجر في أول زُمرة تدخل الجنة:

فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من أُمتي؟))، قال: الله ورسوله أعلم، فقال: ((المهاجرون يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون، فيقول لهم الخزنة: أَوَقَد حُوسِبتُم؟ فيقولون بأي شيء نُحاسب؟ وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله، حتى مِتنا على ذلك، قال: فيُفتح لهم، فيَقِيلون فيه أربعين عامًا قبل أن يدخلها الناس)) [36].

 

12- النهي عن البداوة بعد الهجرة:

فعن عبدالله قال: "آكل الربا، وموكله، وكاتبه إذا علِموا ذلك، والواشمة، والموشومة للحسن، ولاوِي الصدقة، والمرتد أعرابيًّا بعد الهجرة - ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة" [37].

 

وقال ابن عبدالبر موضحًا ذلك: "ما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا على الهجرة، وإنما كانت البيعة على الإقامة بدار الهجرة، قبل أن يفتح الله على رسوله مكة، وكان المعنى في البيعة على الهجرة الإقامة بدار الهجرة - وهي المدينة - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، حتى يصرفهم فيما يحتاج إليه من غزو الكفار، وحفظ المدينة، وسائر ما يحتاج إليه، وكان خروجهم راجعين إلى دار أعرابيتهم حرامًا عليهم؛ لأنهم كانوا يكونون بذلك مرتدين إلى الأعرابية من الهجرة، ومَن فعل ذلك كان ملعونًا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم...، وأن البيعة على الهجرة توجِب الإقامة بالمدينة، وأن البيعة الأعرابية تخالفها لا توجب الإقامة بالمدينة على أهلها، ويدلك على ذلك أن مالك بن الحويرث وغيره من الأعراب، بايَعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقاموا عنده أيامًا، ثم رجعوا إلى بلادهم..، وممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المقام بدار الهجرة، فمن هنا أبَى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إقالة بيعته، وفي إباء رسول الله صلى الله عليه وسلم من إقالة البيعة، دليلٌ على أن من العقودِ عقودًا إلى المرء عقدها وليس له حَلُّها ولا نقضُها، وذلك أن من عقد عقدًا يجب عقده، ولا يَحِل نقضه، لم يَجُز له أن ينقضه، ولم يحل له فسخه، وإن كان الأمر كان إليه في العقد، فليس إليه ذلك في النقض، وليس كل ما للإنسان عقده له فسْخه، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلمأن يقيله بيعته؛ لأن الهجرة كانت مفترضةً يومئذ، كما لم يكن له أن يُبيح له شيئًا حظرته عليه الشريعة إذا دخل فيها، ولزمته أحكامها إلا بوحي من الله، وأما من بعده، فليس ذلك حكمه بوجه من الوجوه؛ لأن الوحي بعده قد انقطع صلى الله عليه وسلم" [38].

 

وقد لخَّص الحافظ ابن حجر ذلك بقوله وهو يشرح قول البخاري: "قوله: (باب التعرب في الفتنة) التعرب: بالعين المهملة والراء الثقيلة؛ أي: السكنى مع الأعراب بفتح الألف، وهو أن ينتقل المهاجر من البلد التي هاجر منها، فيسكن البدو، فيرجع بعد هجرته أعرابيًّا، وكان إذ ذاك محرمًا، إلا إن أذِن له الشارع في ذلك، وقيَّده بالفتنة إشارةً إلى ما ورد من الإذن في ذلك عند حلول الفتن...، وقيل بمنْعه في زمن الفتنة لما يترتب عليه من خِذلان أهل الحق، ولكن نظر السلف اختلف في ذلك، فمنهم من آثر السلامة، واعتزل الفتن؛ كسعد، ومحمد بن مسلمة، وابن عمر في طائفة، ومنهم مَن باشَر القتال وهم الجمهور" [39].

 

والخلاصة المستنبطة من أحاديث هذا الباب:

1- ليس في سكن البادية إثم من حيث السكن.

 

2- مَن رجع مرتدًّا إلى البادية، فهو فاعل لكبيرة، وسُمِّي بالردة للتعظيم من أمره وفعْله؛ سواء رجع إليها، أو مكث في موطن هجرته، أو ذهب لغيرهما من الديار، وهذا خاص بزمنه صلى الله عليه وسلم دون غيره؛ لأن البيعة في زمنه كانت للمقام بالمدينة والدفاع عنها.

 

3- من رجع إلى البادية بعذرٍ فلا شيء عليه، والله أعلم بالصواب.

 

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحْبه أجمعين، والحمد لله ربِّ العالمين.

 

الخاتمة:

بعد هذه الرحلة الممتعة في السنة النبوية للوقوف على فضل الهجرة والمهاجر، تحصَّل لدي اثنتا عشرة فضيلة في هذا الباب، وهي كالآتي:

1- تمنَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون امرأً من الأنصار لولا الهجرة.

2- وقوع أجْر المهاجر على الله، والعبرة بالابتداء؛ سواء أتَم الرحلة، أم لا.

3- هدم الذنوب.

4- مغفرة الذنوب العظام (قتْل النفس ).

5- الهجرة أفضل الإيمان.

6- الهجرة من خمس أوامر أمَر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمته.

7- صاحب الهجرة يقدَّم في الإمامة عند صلاة الجماعة.

8- الهجرة عمل لا مثيلَ له.

9- المهاجر حقًّا على الله أن يُدخله الجنة.

10- المهاجر يُبشر ببيت في رَبَض الجنة، وببيت في وسط الجنة.

11- المهاجر في أول زُمرة تدخل الجنة.

12- النهي عن البداوة بعد الهجرة.

 

المصادر والمراجع:

1- إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام؛ لابن دقيق العيد، مطبعة السنة المحمدية، بدون طبعة وبدون تاريخ.

2- تاريخ الطبري (تاريخ الرسل والملوك)؛ لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبي جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، دار التراث - بيروت، الطبعة: الثانية - 1387 هـ.

3- التعاريف؛ لمحمد عبدالرؤوف المناوي (ت1031هـ)، دار الفكر - بيروت بالاشتراك مع دار الفكر المعاصر- دمشق؛ تحقيق: د. محمد رضوان الداية.

4- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد؛ لأبي عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ)؛ تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبدالكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب، عام النشر: 1387 هـ.

5- جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم؛ لزين الدين عبدالرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (المتوفى: 795هـ)؛ تحقيق: شعيب الأرناؤوط - إبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة: السابعة، 1422هـ - 2001م.

6- حاشية السندي على سنن النسائي (مطبوع مع السنن)؛ لمحمد بن عبدالهادي التتوي، أبي الحسن، نور الدين السندي (المتوفى: 1138هـ)، مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب، الطبعة: الثانية، 1406 – 1986.

7- سنن البيهقي الكبرى؛ لأحمد بن الحسين بن علي بن موسى، أبي بكر البيهقي (ت 458هـ)، مكتبة دار الباز - مكة المكرمة، 1994م؛ تحقيق: محمد عبدالقادر عطا.

8- سنن النسائي؛ لأحمد بن شعيب أبي عبدالرحمن النسائي، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، الثانية؛ تحقيق: عبدالفتاح أبو غدة.

9- شرح النووي على صحيح مسلم؛ ليحيى بن شرف بن مري النووي، أبي زكريا ( 631-676هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1392، الطبعة الثانية، ط: 8.

10- شرح مشكل الآثار؛ لأبي جعفر الطحاوي (238-321هـ)، مؤسسة الرسالة - لبنان/ بيروت - 1408هـ - 1987م، الطبعة: الأولى؛ تحقيق شعيب الأرنؤوط.

11- شرح صحيح البخاري؛ لابن بطال أبي الحسن علي بن خلف بن عبدالملك (المتوفى: 449هـ)؛ تحقيق: أبي تميم ياسر بن إبراهيم، مكتبة الرشد - السعودية، الرياض، الطبعة: الثانية، 1423هـ - 2003م.

12- صحيح ابن خزيمة؛ لمحمد بن إسحاق بن خزيمة أبي بكر السلمي النيسابوري، (223-311هـ)، المكتب الإسلامي، بيروت، 1390 -1970م؛ تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي.

13- صحيح البخاري؛ لمحمد بن إسماعيل، أبي عبدالله البخاري الجعفي، ضبط وترقيم وفهرسة: الدكتور مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، بيروت 1407– 1987م.

14- صحيح مسلم؛ لمسلم بن الحجاج أبي الحسين القشيري النيسابوري، (206-261هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ترقيم محمد فؤاد عبدالباقي.

15- عون المعبود شرح سنن أبي داود، ومعه حاشية ابن القيم: تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته؛ لمحمد أشرف بن أمير بن علي بن حيدر، أبي عبدالرحمن، شرف الحق، الصديقي، العظيم آبادي (المتوفى: 1329هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الثانية، 1415 هـ.

16- فتح الباري شرح صحيح البخاري؛ لأحمد بن علي بن حجر أبي الفضل العسقلاني، (773-852هـ)، دار المعرفة، بيروت، 1379هـ، ط3؛ تحقيق: محب الدين الخطيب، بترقيم: محمد فؤاد عبدالباقي.

17- فيض القدير شرح الجامع الصغير؛ لزين الدين محمد، عبدالرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (المتوفى: 1031هـ)، المكتبة التجارية الكبرى – مصر، الطبعة: الأولى، 1356هـ.

18- لسان العرب؛ لمحمد بن كرم بن منظور الإفريقي، (المتوفى 711هـ)، دار صادر، بيروت.

19- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد؛ لعلي بن أبي بكر نور الدين الهيثمي (المتوفى 807هـ )، بتحرير الحافظين العراقي وابن حجر، دار الكتب العلمية، بيروت.

20- مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح؛ لعلي بن (سلطان) محمد، أبي الحسن نور الدين الملا الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ)، دار الفكر، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م.

21- المستدرك على الصحيحين؛ لمحمد بن عبدالله أبي عبدالله الحاكم النيسابوري، (321-405هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411 -0 199، الأولى؛ تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا.

22- مسند أبي يعلى؛ لأحمد بن علي بن المثنى، أبي يعلى الموصلي التميمي، دار المأمون للتراث، دمشق، (1404- 1984)، الأولى، ط؛ تحقيق: حسين سليم أسد.

23- مسند الإمام أحمد بن حنبل؛ لأحمد بن حنبل أبي عبدالله الشيباني، (164-241هـ)، مؤسسة قرطبة، مصر.

24- المعجم الكبير؛ لسليمان بن أحمد بن أيوب أبي القاسم الطبراني (260 - 360هـ)، مكتبة العلوم والحكم، الموصل، الثانية؛ تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي.

25- معجم مقاييس اللغة؛ لأحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي، أبي الحسين (المتوفى: 395هـ)؛ تحقيق: عبدالسلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ - 1979م.

26- المغني؛ لأبي محمد موفق الدين عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي، ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ)، مكتبة القاهرة، (1388هـ - 1968م).

27- مفردات ألفاظ القرآن؛ للحسين بن محمد، أبي القاسم الأصفهاني المعروف بالراغب الأصفهاني (425هـ)؛ تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، 1996، ط: الأولى.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله ربِّ العالمين

 

------------------------------------

[1] فعن محمد بن سيرين، قال: قام رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: أرِّخوا، فقال عمر: ما أرِّخوا؟ قال: شيء تفعله الأعاجم، يكتبون في شهر كذا من سنة كذا، فقال عمر بن الخطاب: حَسَنٌ، فأرِّخوا، فقالوا: من أي السنين نبدأ؟ قالوا: من مَبعثه، وقالوا: من وفاته، ثم أجمعوا على الهجرة، ثم قالوا: فأي الشهور نبدأ؟ فقالوا: رمضان، ثم قالوا: المحرم، فهو منصرف الناس من حَجِّهم، وهو شهر حرام، فأجمعوا على المحرم؛ ينظر: تاريخ الطبري (2 /

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين