آية من سورة النحل

 

آية عجيبة ، تضع الأصبع على الداء الذي دمر الشعوب !!!!

آية عظيمة المعاني ، جمعت مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال .

تستوجب منا الوقوف عندها ، والإتعاظ بتوجيهاتها ، والعمل بمدلولاتها ، 

لتكون لنا نبراسا حياتيا ، ومنهجا سلوكيا .

 

يقول الحسن ( لم تترك هذه الآية خيرا إلا أمرت به ، ولا شرا إلا نهت عنه )

روى الحاكم عن ابن مسعود قوله : أجمع آية في كتاب الله للخير والنهي عن الشر هي آية في سورة النحل .

 

آية جعلها سيدنا عمر بن عبد العزيز آخر خطبة الجمعة ، ومشى العرف في زمانه وبعده إلى اليوم .

 

( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، يعظكم لعكم تذكرون )

 

العدل : هو التوحيد ، شهادة أن لا إله إلا الله  ، 

القرآن نزل لينشىء أمة ، وينظم مجتمعا ، جاء بالمبادىء التي تكفل تماسك الجماعة والجماعات والأمم والشعوب ..

 

جاء بالعدل الذي يكفل لكل فرد من الأمم قاعدة ثابتة للتعامل لا تميل مع الهوى ، ولا تتأثر بالود والبغض .. 

العدل واجب على الحكام والولاة والقضاة والأزواج والآباء والأمهات ، على الأفراد والمجتمعات ..

 

يقول عليه السلام ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور يوم القيامة : الذي يعدلون في حكمهم واهليهم وماو?لُوا ) رواه مسلم

 

أحد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أراد أن يخص أحد أولاده بعطاء فرفضت الزوجة المؤمنة التمييز بين الأولاد ، وطلبت أن يُشهد زوجها النبي عليه السلام على هذا العطاء لولد واحد دون غيره ، رفض النبي عليه الصلاة والسلام تحييز ولد على ولد ، وقال لصاحبه لا تشهدني على جور .

 

والجور الظلم ، والعدل مطلوب بين الزوجات لمن عدد وكان له أكثر من زوجة ، ولا تفهموا العدل هنا غسلت هذه فيجب أن تغسل هذه ؟؟ 

عيب أن يفهم المسلم العدل بهذا المفهوم الضيق ؟؟ فالغسل ليس من الأهداف العليا للحياة .

 

الاحسان : وإلى جوار العدل ( الاحسان ) يلطف من حدة العدل الصارم ، ويدع الباب مفتوحا لمن يريد أن يتسامح في بعض حقه ،

والاحسان أوسع مدلولا ، فكل عمل طيب إحسان ، والاحسان : أداء الفرائض ، أو أن تعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فإنه يراك .

 

ومن الاحسان إيتاء ذي القربى ، لمافيه من حث على مبدأ التكافل الذي يتدرج به الإسلام من المحيط المحلي إلى المحيط الاجتماعي العام

 

يقول الحديث النبوي عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  ( إن الله كتب الاحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، وليريح ذبيحته ) رواه مسلم 

إن ذبح الأضحية وبجانبها أختها حرام .

 

وينهى مولانا عن الفحشاء والمنكر والبغي : 

الفحشاء :  كل أمر يُفحش ، أي يتجاوز الحد ، الزنا ومايقاربه من الفحشاء ( ولا تقربوا الزنى ) مجرد القربان منهي عنه ، في الحارات المشبوهة لاتمر بها ، ابتعد عن الجو كله ، فالمعصية تجر إلى معصية .

 

لما كنت في دمشق رأيت إعلانا كبيرا عن فيلم سينمائي باسم مديحة وحسن ، والاعلان أن كل من اسمه حسن يدخل الفيلم مجانا ، وبجانب السينما ملهى ليلي ، والشيطان يجرك إلى المعصية خطوة خطوة ، وربنا يقول ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ) النور ??

( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) ?فاطر

 

ألا تقولون درهم وقاية خير من قنطار علاج 

صدقت ربنا ( لاتقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا  ) ?? الاسراء

 

اذا الفحشاء كل أمر يفحش ويتجاوز الحد ، والمنكر كل فعل تنكره الفطرة ، ومن ثم تنكره الشريعة ، لأنها شريعة الفطرة ، والمنكر شرعا من الكفر والمعاصي .

والبغي : الظلم للناس ، الظلم بجميع صوره ، والعدوان على الخلق في الدماء والأموال والأعراض ( كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم

 

ومامن مجتمع يمكن أن يقوم على الفحشاء والمنكر والبغي !!!!

ما من مجتمع تشيع فيه الفاحشة بكل مدلولاتها ، والمنكر والبغي ثم يقوم ؟؟؟

 

فالفطرة البشرية ضد هذه العوامل الهدامة مهما يستعمل الطغاة من الوسائل لحمايتها !!!

فالله جلت قدرته أمر بالعدل والاحسان ، ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، وهذا يوافق الفطرة السليمة ، ويدفعها للمقاومة باسم الله

 

لذلك جاء التعقيب بقول الحق تبارك وتعالى ( يعظكم لعكم تذكرون ) 

فهذه عظة للتذكر ، تذكر بوحي الفطرة الأصيل القويم

 

أجل آيها الناس سعادتنا وعزنا وصلاحنا ونجاتنا باتباع القرآن العظيم ، فهو الهادي لكل طريق قويم ..

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 

والله أكبر والعاقبة للمتقين 

وفرجك ياقدير

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين