أسباب انهيار المجتمع

 

إنَّ الانهيار الذي عرض لأمتنا في العصور الأخيرة يرجع إلى أسباب علمية واقتصادية وسياسية كثيرة، بيد أن فقدان التربية السديدة، والأخلاق الصلبة يرجع إلى العوج الهائل في وسائل التربية وأوَّل ذلك المرأة المخرفة الغافلة، والبيت الساذج المحدود.. 

لقد كانت النساء في العصر الأول تصلي التراويح في مساجد خاصة بهن حتى جاء أخيراً من يمنعهن أداء الفرائض في بيوت الله.. 

وكُن يبايعن الإمام على نصرة الإسلام، ومكارم الأخلاق.. حتى جاء من يقوم بتجهيلها عمداً في قضايا الإسلام الكبرى، ومكافحة أعدائه المتربصين به.. 

وقال لي رجل ـ ممن يرون سجن المرأة ـ نحن نعلمهن كل شيء.. ولا يخرجن من بيوتهن! فقلت له: إننا نعرق في محاولات مضنية لرفع مستواكم الفكري.. ولا نكاد ننجح! فكيف نأمنكم على وظائف التربية والتعليم؟ ثم هذا الذي تقوله.. أما كان محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه يعرفونه عندما فتحوا المسجد للمرأة، وأذنوا لبعضهن بالمسير مع الجيش؟! 

إنَّ الإسلام لا يؤخذ من أصحاب العقد النفسية.. سواء كانت غيرتهن عن ضعف جنسي أو شبق جنسي، إنَّ الإسلام يؤخذ من كتاب الله ـ تعالى ـ وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمجتمع الذي يصنعه الكتاب والسنة يجعل المرأة تلد ذريات مشرفة، باهرة الأخلاق.. لا دابة تلد حيوانات.. 

* * * 

في هذه السنة قرأت أسماء من نالوا جائزة نوبل العالمية، فإذا بين العمالقة المختارين اسم راهبة في الهند تدعى (تريستا)! وتساءلت: ترى لماذا منحت هذه الجائزة؟ وكانت الإجابة: إنها نجحت نجاحاً تاماً في أداء رسالتها التبشيرية! قالت صحيفة "الرائد" التي تصدر في الهند: إنها من مركز عملها في (كلكتا) منذ سنة 1947م كانت تقوم بخدمات عظيمة في إغاثة المنكوبين ورعاية المرضى.. 

وتقدر قيمة الجائزة التي نالتها بمليون ونصف روبية.. وكان (السيناتور كيندي) قد رشح اسم الراهبة عندما زار الهند في أثناء أزمة (بنجلاديش) واطلع على الجهود التي بذلتها لإسكان لاجئي باكستان الشرقية، وقد شاهد بنفسه نشاط الراهبة التي تعمل لنشر الدين المسيحي بين شتى الطبقات وبين البؤساء والمساكين والمضطهدين.. وذلك عن طريق فتح شبكات المدارس والمستشفيات والملاجئ.. ودور رعاية اللقطاء، والأطفال المهجورين.. ويعرف مدى نشاط هذه الراهبة، واتساع الرقعة التي تعمل فيها إذا ذكرنا أن 250 راهبة يعملن تحت إشرافها في دائرة (كلكتا) وحدها.. 

ويبلغ عدد الراهبات التابعات لمركزها 100راهبة في عشرين بلداً منها بلاد عربية!! وتدير منظمتها الخيرية 7 دارا للأيتام في الهند و40 داراً في خارجها و213 مستشفى للعلاج بالمجان و54 مستشفى للمجذومين ، و60 مدرسة للتعليم، ومستشفى من مائة سرير للمرضى اليائسين الذين ينتظرون الموت! قالت جريدة الرائد: واعترافاً بخدماتها منحتها الخطوط الجوية الهندية، وكذلك السكك الحديدية رخصة للسفر بالمجان.. 

إنني أسوق هذا الخبر لنفر من المتكلمين باسم الإسلام يرون المرأة في الجامع أو الجامعة قذى في أعينهم، ويضعون العوائق من عند أنفسهم ـ لا من عند الله ـ كيلا يكون للنساء وجود في ميادين الأمر والنهي، والنصح للعامة والخاصة.. 

وهم مهرة في لي أعناق الآيات، وقلب الأحاديث النبوية رأساً على عقب، وتحريف الكلم عن مواضعه حتى يأخذ الناس دينهم من عقول بها مَسّ. وأعرف الآن نساء يقمن بعمل رحب في خدمة بيوت الطالبات، وإنشاء المؤسسات الصحية والثقافية.. في مقدمتهن السيدة الجليلة (زهيرة عابدين) الأستاذة بكلية الطب جامعة القاهرة.. وقد استعانت بي في فتوى متواضعة لتمنع متخرجة في كلية الصيدلة من القعود في البيت والارتزاق من آلة خياطة.. لأن أحد المشايخ قال لها: (إن المرأة لا يجوز أن ترى أحداً أو يراها أحد). 

قلت لها: هذه فتوى مخبول لا يعرف الإسلام.. بل هو وأمثاله قرة عين لأعداء الإسلام.. 

فلا يحرِّم الإسلام على المرأة أن تبيع وتشتري، وأن تتعامل مع الناس ما دامت مستترة في زيّها الإسلامي متأدبة بآداب الإسلام، غير متبرجة بزينة.. تحفظ نفسها وعرضها من الذئاب. 

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

المصدر: كتاب الفساد السياسي

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين