ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن

 

البعض يشكك في حكمة الله، في إسلامه رقاب الصالحين ?عدائهم..

وهذا وارد في القرآن الكريم في أكثر من موضع، من ذلك قصة ابني آدم، فقد قتل الظالم الصالح مع أن الصالح هذا أقرب إلى الله، وقد تبين له قبول قربانه منذ قليل.

فلاشك أن هناك حكمة لله في تسلط الظالمين على المظلومين، ومن ذلك:

1 يملي للظالم ليزداد فجوره وإثمه، ثم ينتقم منه انتقاما أليما.

2 يرفع الدرجات للمؤمن بصبره، فكلما اشتد البلاء بالمؤمن كلما طهر ونقي من الخبائث.

3 يتميز الخبيث من الطيب. كما قال الله لنبيه بعد غزوة أحد: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران:179].

4 اتخاذ الشهداء، فالله يقول: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[آل عمران:140].

فلا ينبغي ?هل الحق أن ييأسوا، فالله قادر على النصر في الحال، ولكنه يؤخره لحكمة يعلمها سبحانه، ولذلك ترك نبيه يصارع الكفار ويصارعوه، لتكون تلك عظة لمن بعده..

ولله مع الظالمين سنن وأيام، جعلها الله عبرة لمن يعتبر، ? وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ? [إبراهيم: 5]..

فأين عاد ? إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ? [الفجر: 7-8]؟!

وأين ثمود ? الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ? [الفجر: 9]؟!

وأين الفراعنة ? ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ?[الفجر: 10-5]؟!

أين من نقبوا البلاد.. وأذلوا العباد؟!، أين من نحتو الجبال واتخذوا منها بيوتا فارهين؟!

أين من حازوا القوة، وقالوا من أشد منا قوة؟!

ظنوا أنهم بمنجاة حتى فاجأهم العقاب، وأذلَّهم العذاب، وأوقع الله بهم بأسه، فلم ينفعهم الندم ولات ساعة مندم. فصاروا بعد الوجود أثرًا، وأصبحوا للتاريخ قصصًا وعبرًا، ? فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ? [العنكبوت: 40].

فيا أيها الظالمون اعتبروا، وانتهوا، فوعد الله حق، وعقابه شديد، وعذابه أليم، وأمره كلمح البصر أو هو أقرب، وما يعلم جنود ربك إلا هو.

ويا أيها المظلومون.. ثقوا بربكم، وأمِّلوا خيرا، فإن الله منجز لكم ما وعد.

وما جرى لطواغيت الأمس من عذاب، وحلول النقم والمصائب، سيجري مثله لطواغيت اليوم، وجباريه، اليوم أو غداً، فهذه سنة الله التي لا تتحول ولا تتبدل.

فلا يحملنكم استبطاء النصر على اليأس من رحمة الله، فالله لا يعجل بعجلة أحد، ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ? وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ? [هود: 102].

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين