قتل السفير الروسي في تركيا جريمة في شريعة الإسلام

 

مع إقرارنا بجرائم الروس في حلب إلا أن هذا لا يبرر واقعة #قتل_السفير_الروسي في تركيا لأسباب شرعية عديدة تشكل في مجموعها مفهوم الإسلام للقانون الدولي الإسلامي:

 

--1--لأنه في حق رجل تمَّ تأمينه على حياته وعرضه وهذا ما يسميه الفقهاء مستأمنا ، والمستأمن هو من يدخل بلاد المسلمين لإقامة موقتة تحد بزمن عمله.

 

--2-وفي كتب الفقه بينوا ان الرجل و لو كان محاربا للمسلمين في أصله ينقلب وضعه بدخوله بلاد المسلمين بعقد أو تأشيرة فقالوا-- يصير الحربيّ مستأمناً بالحصول على أمانٍ من كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ عند الجمهور، أو حتّى من مميّزٍ عند آخرين‏.‏

 

--3- وذكروا أن هذا العقد تعطيه الدولة للأفراد كالسفراء مثلا ، بل قد يعطيه الأفراد لأفراد محاربين أعداء مقاتلين طيارين أو غير ذلك ليستفيدوا بصفة الأمان على النفس والمال و في سنة النبي الصحيحة أن امراة أعطت أماناً لمحاربين في عام الفتح و قد أقرها  النبي ـ صلى الله عليه وسلم و قال :( قد أجرنا من أجرت، وأمَّنا من أمَّنت فلا يقتلنَّهما ).

 

و قالوا : إن الإمام أي الحاكم يلتزم بتأمينها ويسبغ حمايته لجميع الأفراد الذين شملهم تأمين المراة ‏

 

--4-   و ذكروا أن نظر الشريعة للعهد الذي يلتزمه المسلمون المقيمون في بلاد الغرب والروس وأمريكا مثلا أنه يعصم الدّماء والأموال، ويوجب الكفّ عن أعمال القتال.

 

قال فقهاء الحنفيّة‏:‏ إذا دخل المسلم دار الحرب تاجراً ‏(‏بأمانٍ‏)‏، فلا يحلّ له أن يتعرّض لشيءٍ من أموالهم ولا من دمائهم، لأنّه ضمن ألا يتعرّض لهم بالاستئمان، فالتّعرّض بعد ذلك يكون غدراً والغدر حرام، إلاّ إذا غدر به ملكهم، فأخذ أمواله أو حبسه، أو فعل ذلك غير الملك بعلم الملك ولم يمنعه، لأنّهم هم الّذين نقضوا العهد.

 

فتبين من هذا نقطتان:

 

الأولى: لا تسمح الشريعة بقتل أي رجل أجنبي غير مسلم كتابي أو ملحد من بلد معاهد أو عدو محارب متى دخل بلاد المسلمين بعهد من الدولة أو الأفراد .

 

الثانية: لا تسمح الشريعة لمسلم مقيم في بلاد الغرب بقتل أي فرد أو الغدر به في ماله أو عرضه أو نفسه والمانع هو عقده الداخل به أو المقيم به والذي يقتضي النزول عند شرط الاستيمان

 

--5--أنه مهما كان من جرائم الروس في حلب فإن المسلم يلتزم بشرع الله ولا يرد جريمة بجريمة أخرى.

 

ولا مبدل لكلمات الله ولا مبدل لشرعه اللازم والدليل على ذلك حادثة قتلى القراء في بير معونة وهم سبعون ولما قام أحد المسلمين بالانتقام بقتل فردين مسالمين من القبيلة المعتدية اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم  ذلك جريمة تستحق الدية

 

 ---فقد روى  مسلم في "صحيحه" هذه الحادثة عن أنس رضي الله عنه قال: (جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ابعث معنا رجالاً يعلمونا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلاً من الأنصار، يقال لهم: القراء، فيهم خالي حرام، يقرؤون القرآن، ويتدارسون بالليل يتعلمون، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء، فيضعونه في المسجد، ويحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطعام لأهل الصفة وللفقراء، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان، فقالوا: اللهم بلغ عنا نبينا، أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا، قال: وأتى رجل حراماً، خال أنس، من خلفه فطعنه برمح حتى أنفذه، فقال حرام: فزت ورب الكعبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (إن إخوانكم قد قُتِلوا، وإنهم قالوا: اللهم بلغ عنا نبينا، أنا قد لقيناك فرضينا عنك، ورضيت عنا). وكان ضمن الصحابة الذين قُتِلوا اثنان لم يشهدا هذه المؤامرة الغادرة، أحدهما: عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه، فأقبلا يدافعان عن إخوانهما، فقُتِل صاحب عمرو، وأفلت هو وسار راجعاً إلى المدينة المنورة، وفي طريق عودته لقي رجلين من المشركين ظنهما من بني عامر فقتلهما، وهو يري أنه قد أصاب ثأر أصحابه، وإذا معهما عهد من النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف به. 

 

لذا فان المسلم يلتزم بكتاب ربه وسنة نبيه مهما كان في حالة قبض أو بسط رضا أو غضب.

و الله الموفق.

أستاذ الفقه السياسي والفقه المقارن في جامعة الأمير عبد القادر بمدينة قسنطينة الجزائر

 

أستاذ الفقه السياسي والفقه المقارن في جامعة الأمير عبد القادر بمدينة قسنطينة الجزائر

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين