تعدي المهندس الكيالي على أحكام الشريعة الغراء

 

*واختراعه أحكاماً لا أصل لها*

 

لم يكتف المهندس الكيالي بالإتيان بمعلومات مغلوطة يدعي أنها من علم الفيزياء - وليس لها أصل في علم الفيزياء - يفسر بها آيات من القرآن الكريم ، وتأكدت من ذلك بعد تواصلي مع كبار المختصين في علم الفيزياء أمثال البروفيسور الفيزيائي محمد باسل الطائي ، والدكتورة عالمة الفيزياء ريم الطويرقي ، والدكتور الفيزيائي طلال العتيبي ، والدكتورة الفيزيائية شيرين السالمي : وكلهم أكدوا أن ما يعرضه المهندس الكيالي معلومات مشوهة وتخبيصات لا أصل لها في علم الفيزياء .

لم يتوقف عند هذا الحد بل تعدى إلى أحكام الشريعة الإسلامية فراح يحرف الآيات الكريمة ويشوه معانيها بفهومات شاذة ليصل لأحكام شرعية جديدة تخالف الدين الإسلامي وتخالف القرآن الكريم والسنة النبوية وتخالف عمل الأمة ابتداء من الصحابة الكرام وما عليه أئمة الإسلام الثقات المحققون ، لينفرد لوحده بتلك الأحكام الشاذة مع أنه مجرد مهندس معماري وحصل كذلك على ليسانس في الفيزياء ، ولا يعرف عنه أنه درس العلوم الشرعية دراسة متخصصة ، وهذا ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) رواه البخاري .

*نشر المهندس الكيالي مقـالة بعنوان* : ( الطـلاق مـرّتان ) ، وللأسف بدل أن يقرر في هذا المقالة أحكام الطلاق وفق ما جاء في الكتاب والسنة وما قرره أئمة الإسلام ، إلا أنه اتبع الدجال الماركسي المهندس محمد شحرور في تحريفاته للآيات القرآنية .

قال في تلك المقالة :

( فمثلـما أنّ الزواج يحتاج إلى شـهود وإشـهار  ، كذلك الطـلاق لـه : إجراءات لا بُـدّ مِنَ القيام بهـا قبل أنْ يحْصل الطـلاق وهـذه الإجـراءات هي : 

1- الطـلاق يجب أنْ تسـبقه عـزيمـة وإصرار قبل وقوعه ، قال تعالى : ( فإذا عـزموا الطـلاق ) وأنْ يتناقـش به الزوجان معاً كي تتحقّق العـزيمة  ، وفشـل الحكَـمـان في الإصلاح بين الزوجـين ، نُعْطي الزوجين :  فرصـةً أخـيرة  هي ثـلاثـة أشْـهر يبقـيان مع بعضهما ليـلاً نهاراً ، يُمكنهما خلال هـذه الفترة الرجـوع عـن الطلاق بمجرّد قيام علاقـة زوجـيّة بينهمـا ) .

#الجواب :

أخطر ما جاء في كلام المهندس الكيالي أنه اخترع مدة " ثلاثة أشهر " يبقى فيها الزوجان مع بعضهما يفكران بوقوع الطلاق أو استمرار العلاقة بينهما ، وهذا لا أصل له في الشريعة الإسلامية ، وإنما ورد تحديد مدة ثلاثة أشهر في عدة الطلاق بعد وقوعه للمرأة التي يئست من المحيض فقال تعالى : ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ) فهذه المدة ليست سابقة على الطلاق ، وإنما بعد الطلاق  وتسمى عدة المطلقة التي انقطعت عنها الدورة الشهرية .  

2- ويستمر المهندس الكيالي في تخبيصاته فيقول :

( فإذا انقضتْ هـذه المـدّة وبقي إصرار الزوجين على الطـلاق ، فمعنى ذلك أنّه يوجـد أسـباب حقيـقيّة للطلاق عـند ذلك لا يجـوز الطلاق إلاّ أمام القاضي  كمـا أنّ الزواج قـدْ تـمّ أمام القاضي ، لأنّ الزواج بالأصـل هـو :  عقـد نكـاح ، و هـذا العقـد ينطـبق عليه نظـام العقـود ، و بمـا أنّ عقـد النكـاح  قـد تـمّ بموافقـة طـرفيْ العقـد الذكـر والأنثـى  ، كـذلك الطـلاق يكـون أمـام القاضي حصـراً ، كـي يفسـخ العقـد أصـولاً و شـرعاً ) .

#الجواب :

أ- قول المهندس : "لا يجـوز الطلاق إلاّ أمام القاضي  كمـا أنّ الزواج قـدْ تـمّ أمام القاضي " : هذا نوع من التألي على الله والاعتداء على شرعه عندما يحكم بتحريم شيء لم يحرمه الله ولا رسوله ، فقوله: " لا يجوز الطلاق إلا أمام القاضي " هذا تحريم لم يرد في كتاب الله ولا سنة رسوله .

ب- قوله : " كمـا أنّ الزواج قـدْ تـمّ أمام القاضي " ليس من شروط صحة الزواج أن يتم أمام القاضي ، وهذا لم يقل به عالم من علماء الأمة ، وإنما توثيق العقد بعد توفر شروط الزواج أصبح من الإجراءات القانونية لحفظ حقوق الزوجة وحفاظاً على نسب الأولاد .

ج - لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم أنهم كانوا لا يوقعون الطلاق إلا إذا كان أمام  القاضي - وهو الرسول صلى الله عليه وسلم في عهده - ، فهو من حقوق الرجل فلا يحتاج لإثباته أمام القاضي .

لذلك عندما طلق عبد الله بن عمر رضي الله عنه زوجته لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي إليه ليطلق زوجته أمامه  : جاء في صحيح البخاري : " بَابُ قوْل الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) " : عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأتهُ وهِيَ حَائِضٌ على عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حتى تَطْهُرَ، ثمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمسَكَ بَعْدُ، وَإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أن يَمَسَّ، فتلْكَ العِدَّةُ التي أمَرَ اللهُ أنْ تُطلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ ".

وكذلك ثبت في سنن النسائي بسند حسن أن فاطمة بنت قيس قد أرسل لها زوجها ثلاث تطليقات وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسأله لِمَ لم تطلق أمامي ، بل اعتبر طلاقه صحيحاً .

3 - ويستمر المهندس الكيالي في تحريفه فيقول :

( وبعـد أنْ يلْفظ الزوج يمين الطـلاق أمـام القـاضي ، لا تُغـادر الزوجة البيت بلْ يُغـادره الرجـل ، و تبقى المرأة مع أولادها في البيت ، لقولـه تعالى : " لا تُخْـرجوهـنّ منْ بيـوتهنّ ولاَ يخْـرجْـنَ إلاّ أنْ يأتينْ بفاحـشـة مُـبيّنة "، إذاً لا يجوز إخراج المرأة منْ البيت إلاّ بحالةٍ واحدة فقـط ، هي أنْ تأتي بفاحشـة واضحة في البـيت ، و غـير هـذه الحـالة لا تخـرج مـن بيتهـا ) .

#الجواب :

يهرف المهندس الكيالي بما لا يعرف ويتقول على الله بغير علم ، ليس هناك حكم شرعي في الإسلام أنه يجب على الرجل مغادرة البيت الذي طلق فيه زوجته .

أما الزوجة المطلقة فلها حالاتان :

أ- إذا كانت مطلقة طلاقاً رجعياً : وهي المطلقة طلقة واحدة أو طلقتين بعد الدخول- فهي تبقى وتعتد في بيت زوجها لعله يراجعها.

ويستحب لها أن تتزين لزوجها، وتتطيب له، وتلبس الحلي، ليكون ذلك باعثاً له على إمساكها والرغبة فيها.

ولا يجوز للزوج إخراج مطلقته الرجعية من بيتها إن لم يراجعها حتى تنقضي عدتها؛ لأنها زوجته.

ب- المطلقة البائن بينونة كبرى وهي التي طلقلت ثلاث تطليقات : فهذه تعتد في بيت أهلها؛ لأنها لا تحل لزوجها، ولا نفقة لها ولا سكنى إلا إن كانت حاملاً ، والدليل على ذلك أن فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلاثاً، وَأخَافُ أنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ، قال: فَأمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ. أخرجه مسلم ،  وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي المُطَلَّقَةِ ثَلاثاً، قال: «لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَةٌ». أخرجه مسلم.

وهذا مذهب الحنابلة.

وقال مالك والشافعي وجمهور الفقهاء: لها السكنى، ولا نفقة لها. واحتجوا في إيجاب السكنى وإبطال النفقة لها بقول الله تعالى: ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم، ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن. وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) ، قالوا فعمّ بالسكنى المطلقات كلهن ولم يخص منهن ّمطلقة دون أخرى ، وخص بالنفقة أولات الأحمال خاصة، فدل ذلك على أن غير الحامل لا نفقة لها. لأن النفقة لو وجبت لغير الحوامل لعمهنّ جميعاً بالنفقة كما عمهنّ بالسكنى، 

4- وفي آخر المقالة يختم المهندس الكيالي مقالته بأمر عجيب فيقول :

( وعندمـا يُغادر الزوج البيت يجبُ أنْ يُقدّم للزوجة فـوراً  مالاً يكفيها مصروف عام كامل  ، لقوله تعالى : "متاعاً إلى الحول غـيْر إخـراج " كيْ  لا تخـرج المـرأة للبحـث عـن عمـل ) . 

#الجواب :

خلط عجيب بين الآيات القرآنية ، وتحريف لها وإحداثٌ في دين الله تعالى ، ليس في شريعة الإسلام إعطاء الزوج لزوجته المطلقة مالا مقدماً يكفيها لمدة عام كامل ، والآية التي جاء بها الكيالي إنما في حق المتوفّى عنها زوجها وليست المطلقة ، والكيالي زيادة في التحريف والخديعة حذف بداية الآية التي صرحت بخصوصية ذلك بالمتوفى عنها زوجها وهذه هي الآية : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ) ، وهذه الآية أكثر العلماء على أنها منسوخة، وأن عدة المتوفى عنها زوجها كانت سنة مع الوصية لها بما يكفيها من نفقة خلال هذه الفترة ، ثم تغير حكم ذلك بآية أخرى فقررت العدة بأربعة أشهر وعشراً فقال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) .

ومن العلماء من قال ان الوصية بمال يكفي المتوفى عنها زوجها لمدة سنة على سبيل الاستحباب .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين