الاغترار بالأعمال رعونة يمقتها الإسلام

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ. قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لاَ، وَلاَ أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَلاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ: إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ) رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري.

المعنى:

إنَّ الإنسان مهما اجتهد في عِبادة الله تعالى وكلَّف نفسَه وحملها على الطاعات وعمل الصالحات فلا يؤهله عمله وحدَه لدخول الجنة، ومن يطمع أن يدخل الجنة بعمله كان كمن يطمع أن يأخذَ ألف دينار أجراً على عملٍ لا يستحق عليه في التقدير العادل إلا ربع دينار.

ولكنَّ الله الغني الكريم يَتغمَّد من يشاء من عباده المؤمنين بفضله، ويتداركهم برحمته، فيثيبهم على عملهم القليل، بالأجر الجزيل، ويدخلهم الجنة بفضل منه ورحمة.

على أنَّ هناك فضلاً آخر وهو أنَّه عزَّ وجل هو الذي وفَّقك إلى الأعمال: [وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ] {هود:88}، وتفضَّل عليك بقبولها لقوله تعالى: [وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا] {النور:21}.

فالاغترار بالأعمال، والاتكال عليها، رعونةٌ تَعتري نفوس بعض العابدين، وضعفٌ يدبُّ إلى صدور بعض العالمين، فيشمخون بأنوفهم، ويغترُّون بما وُفِّقوا إليه من عمل صالح.

قال ابن عطاء الله السكندري في حِكَمه: (معصيةٌ أورثت ذُلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عِزاً واستكباراً).

فالمؤمن الصادق يَبذل الجهد في العمل ويكدح في الصالحات، ويَتَفانى في الطاعات ومع هذا فالخوف من العقاب يملأ قلبه، والفزع من عدم القبول يزعج نفسه.

فقد قال تعالى في وصف المؤمنين حقاً: [وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ] {المؤمنون:60-61}.

هذا وإنَّ هناك فرقاً بين خوف العوامِّ وخوف الخواصِّ، فإنَّ خوف عوامِّ المؤمنين ورجاءهم وعبادتهم، كل ذلك له حدٌّ ونهاية، وأما خوف الخواصِّ ورجاؤهم وعبادتهم فليس له حدٌّ ونهاية.

بيان ذلك: أنَّ العوام إنما يخافون العقاب على المخالفة، ونهايةُ خوفهم من دخول النار، وخوف ما فيها من الآلام.

وأما رجاؤهم ففيما وُعدوا به من حُسن الثواب، وجزيل العطاء، بحسب الوعد الجميل، ونهايتُه دخول دار كرامته عزَّ وجل والتنعُّم بما أعدَّ لهم فيها.

وعبادتهم حدُّها التزام توفية ما جُعل لهم في ذلك، ونهايتها ارتقابُهم القدرة على خلاف ذلك، والاستراحة إلى قوله تعالى: [لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا] {البقرة:286}.

أما خوف الخواص: فإنه لا حدَّ له، لأنَّهم يخافون عدلَه عزَّ وجل، وعظمته جلَّ جلاله، ولا حدَّ لما يخافون، ولذلك إذا طرق لأحدهم طارق الخوف إن لم يتداركه بتنسُّم الفضل والرحمة انفطرت كبدُه، وشَحُبَ وجهُه، وارتعدت فرائصه، كما كانت تَعتري هذه الحالة أحياناً بعض كبار الصحابة وأقطاب الصوفيَّة.

وأما رجاؤهم فهم يَرْجون محضَ فضله عزَّ وجل، وما يرجونه لا حدَّ له، ويحصل لهم بذلك من شدَّة البسط وقوَّة الرجاء واليقين ما يَفُتُّون به الجبال، وتخفُّ روحهم حتى يكادوا يَطيرون من الفرح والانشراح، ومع ذلك فهم يحافظون على الأمر والنهي محافظةً لا يقدرُ غيرهم عليها.

ولكن كيف يمكن الجمع بين هذا الحديث والأحاديث التي وردت في الأعمال التي تؤدي دخول أصحابها الجنة، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ) [أخرجه البخاري ومسلم]، وكقوله عليه الصلاة والسلام عن العافين عن الناس: (ينصب لهم لواء أخضر يوم القيامة فيتبعونه حتى يدخلوا الجنة) [البيهقي في شعب الإيمان وضعَّفه السيوطي ].

وكقوله عليه الصلاة السلام في الذين لا يَسترقون ولا يتطيَّرون: (إنهم يدخلون الجنة بغير حساب) [أخرجه البخاري ومسلم].

وكقوله عليه السلام: (إن الصدق يَهدي إلى البر، وإن البِر يهدي إلى الجنة) [البخاري ومسلم].

وكقوله صلوات الله عليه: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال بإصبعيه السبَّابة والوسطى) [البخاري] إلى غير ذلك من الأحاديث.

وللجواب عن ذلك نقول: إنَّه لا مُنافاة بين هذه الأحاديث والحديث الذي نحن بصدد تفسيره، فإنَّ الرسول صلوات الله عليه بُعِثَ ليداويَ أمراضَ النفوس، ويعالج أدواء القلوب، فكان يَنطق في كل مقام بما يليق به، ويصف الدواء الملائم للداء، ويقول الحكمة التي فيها الشفاء.

فتارة ينطق بالأحاديث التي تملأ النفوسَ أملاً واطمئناناً، وتُرغِّبها في العمل، وتصف لها الأجر العظيم على الجهد اليسير.

وتارة يخوِّفُها ويرعبها خشيةَ الغرُور والخُيَلاء، والاتكال والاعتماد، فتنسى ربَّها وتتعاظم بأفعالها، فدواء أمثال هذه النفوس أن يذكِّرها بعظمة الخالق، وقدرته على التصرُّف بما لا يكون في تقدير الإنسان، ولا يَقع في الحسبان، فتظلّ تلك النفوس في حالة الخوف والترقُّب، ودوام التذكر لربها والتضرُّع إليه.

وذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ العبد ليعمل فيما يَرى الناس عمل أهل الجنة وإنَّه لمن أهل النار، ويعمل فيما يرى الناس عمل أهل النار، وهو من أهل الجنة، وإنما الأعمال بخواتيمها) [البخاري ومسلم].

يعالجُ هذا الحديث حالةً من الحالات الاجتماعيَّة كثيراً ما تكون سبباً للخداع، وشباكاً للتحايل ومبعثاً للغرور وحافزاً للخُيلاء، ذلك أنَّ الناس قد يَرون رجلاً عليه سمات الصلاح، يعمل أعمال أهل الجنة على حسب ما يظهر لهم، وهو في الواقع من أهل النار، لأنَّه كان مُرائياً في عبادته، مخادعاً في طاعته، غير مخلص لوجه الله تعالى في أعماله، والله لا يَقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً له، فإنَّه أغنى الشركاء، وهذه صورة من النفاق ولون من الخداع.

ويرى الناس رجلاً يعمل أعمال أهل النار على حسب ما يَظهر لهم، وهو من أهل الجنة، كرجل انحاز إلى صفوف أعدائه، فأظهر لهم المودَّة والإخلاص، إلى أن وقفَ على أسرارهم، وعلم محلَّ الضعف منهم، فأخبر بذلك أمته وقومه، فأعدُّوا لعدوهم العُدَّة، ثم حمل هو وقومه على هؤلاء الأعداء حملة صادقة هزموهم بها، وأَجْلَوهم عن بلادهم، وأخرجوهم من ديارهم.

فالعبرة في الأعمال إذن بخواتيمها وعواقبها، فلا داعي للتعجل في الحكم، والاندفاع في الأخذ بظواهر الأمور، دون بواطنها، وبمطالعها دون خواتيمها.

فالحديث الذي نحن بصدده إنَّما يهدف إلى محاربة الغرور يصيب أحياناً العاملين، وتطهير النفوس من الإعجاب يُشوِّه جهودَ المجاهدين، كما أخبر سبحانه يوم بدر: [فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] {الأنفال:9-10}.

فجعل نزول الملائكة اطمئناناً للقلوب لما يعلم تعالى من الضعف، ثم أخبر سبحانه أنَّ حقيقة النصر من عنده، فكذلك الأعمال الصالحة، فيها للنفوس الضعيفة طمأنينة، أما حقيقة الخلاص ودخول الجنَّة فهو بفضل الله تعالى ورحمته.

ولما خشي الله تعالى على المؤمنين الفخر والخيلاء، والانغماس في شهوة الانتصار، والاتكال على الأعمال دونه قال تعالى: [فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى] {الأنفال:17}.

أما في غزوة حنين فقد نَسيَ نفر من المؤمنين هذا الدرسَ، فعاقبهم الله تعالى بأن أذاقهم مرارة الهزيمة وذلَّ الانكسار، ثم مَنَّ عليهم بالطمأنينة، وأسباب الانتصار، كل هذا ليكون واعظاً لهم عن الاعتماد على الأعمال، ونسيان جانب الله تعالى، وزجراً لهم عن الإعجاب والاغترار، فقال تعالى: [لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الكَافِرِينَ] {التوبة:25-26}.

وقد جاء في القرآن الكريم ما يُشير إلى هذا المعنى الذي قصد الحديث فقال تعالى: [وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفَى بِاللهِ عَلِيمًا] {النساء:69-70}.

أي: ذلك الفضل الذي ذكر من جزاء المطيعين هو من فضل الله تعالى وتعطُّفِه وإنعامه.

أما لو عامل الله تعالى الناس بعدله وما يستحقونه من جزاء على أعمالهم، وناقشهم الحساب على تقصيرهم في القيام بواجب الشكر على قدر ما وهب لهم من النِعم، وهي لا تحصى: [وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا] {النحل:18} لما نجا فرد، ولما دخل الجنة إنسان، ولكن برحمته التي وسعت كل شيء، وبفضله الذي عَمَّ كلَّ مخلوق، يُدخل الجنة من يُدخل، ويُخرج من النار من يُخرج، قال صلى الله عليه وسلم: (من نوقش الحساب عُذِّب) [البخاري ومسلم].

فليطمئنَّ المؤمنون الصادقون، ولينشطوا في عبادتهم له سبحانه لعلهم يكونون من المقبولين الناجين.

وقال تعالى: [فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا] {النساء:175}.

قال القرطبي في تفسيره في قوله تعالى: (وفضل) دليل على أنه تعالى يتفضَّل على عباده بثوابه، إذ لو كان في مُقابلة العمل لما كان فضلاً.

ثم قال صلى الله عليه وسلم في الحديث: (ولا أنا، إلا أن يتغمَّدنيَ الله بفضله ورحمته) فهذا مثل رائع من التواضع، وإنكار الذات، واتهام النفس التي فوق التهم.

فإذا كان عليه السلام وهو خير البشر، وقد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر وهو صاحب الشفاعة والمقام المحمود لا يقدر على ذلك من الاعتماد على دخول الجنة بعمله فغيره من باب أحرى وأولى، لأنَّ صاحب كل مقام يطلب بتوفيقه بحسب ما رفع له في مقامه، يشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك) [مسلم].

وفي قوله عليه السلام: (فسدِّدوا وقاربوا)، أي: اجعلوا أعمالكم مُوافقة للصواب، بامتثال ما أمر الله به، واجتناب ما نهى عنه، ولا تكلفوا أنفسكم ما لا تطيق.

فقد روى البخاري في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدين يُسر، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، فسدِّدوا وقاربوا).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبلٌ ممدود بين ساريتين، فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حُلّوه، ليصلِّ أحدُكم نشاطه، فإذا فترَ فليقعد) [البخاري ومسلم].

ثم في الحديث النهي عن أن يتمنَّى أحدٌ الموت، فقد قال صلى الله عليه وسلم فيما يَرويه البخاري: (لا يتمنينَّ أحدُكم الموت من ضُرٍّ أصابه، فإن كان لابدَّ فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما دامت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) [البخاري ومسلم].

فإنَّ من الناس وخصوصاً الناس من إذا أصابه سوءٌ في جسمه أو أهله أو ماله غضب واضطَّرب حتى يصبح كالمعتوه يدعو على نفسه ويتمنَّى لها الموت.

فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم، يَنهى هؤلاء الأشخاص نهياً صريحاً عن هذا التمرُّد، ويأمرهم أمراً ضمنياً بأن يستقبلوا ما قد يُصيبهم من مكروه برباطة جأش، وقوَّة إيمان، صابرين على ما أصابهم، رَاجين من الله تعالى كشفَ الضرِّ عنهم، فمن لم يستطع أن يتغلَّب على نفسه، ويكبحَ جماحها، وأبى إلا أن يدعو على نفسه بالموت، فليطلب من الله تعالى الحياة إذا كانت خيراً له من الموت، أو الموت إذا كان خيراً له من الحياة.

وفي الحديث دليلٌ على قوَّة رجاء المؤمنين في الله تعالى على أي حالة كانوا، يؤخذ ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: (إمَّا محسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مُسيئاً فلعله أن يستعتب) أي: يعتب نفسه على ما وقع منه، ويندم ويتوب؛ لأنَّ الاستغفار لا يكون إلا بعد الندم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (الندم توبة) [أخرجه أحمد وابن ماجه، والحاكم وصحَّحه ووافقه الذهبي]، فالحديث هدفُه التخويفُ، وهو أساس من التربية سليم، فإنَّ التخويف سوط من سياط التربية، ووسيلة من وسائل التهذيب، قال تعالى: [وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً] {الأعراف:205}. 

وقال تعالى: [إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ] {الأنفال:2}.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

المصدر: (مجلة لواء الإسلام، العدد 6، السنة 7، 1373الموافق 1953).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين