فضل الصدقة

 

عن سعيد بن يسار أنَّه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تصدَّق أحدٌ بصدقة من طَيِّب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرةً فتربو في كفِّ الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فُلوَّه أو فصيله).

ويروي الإمام مسلم بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه يَبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى: (يا ابن آدم أنفق، أنفق عليك)، وقال: (يمينُ الله ملآى، سحَّاء لا يَغيضها شيء الليل والنهار).

وعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حصِّنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، واستقبلوا أمواجَ البلاء بالدعاء والتضرُّع).

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله ! أرأيت إن أدَّى الرجل زكاة ماله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أدَّى زكاة ماله، فقد ذهب عنه شرُّه). رواه الطبراني في الأوسط واللفظ له، وابن خزيمة في صحيحه والحاكم مختصراً: (إذا أدَّيت زكاة مالك، فقد أذهب عنك شره) وقال: صحيح على شرط مسلم.

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوماً قريباً منه، ونحن نسير فقلت يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار؟ قال: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه: (تَعبُد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت).

وعن المنذر بن جرير عن أبيه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار قال: فجاءه قوم حُفاةٌ عُراة، مجتابي النِّمار أو العَباء، مُتقلدي السيوف، عامتهم من مُضَر، بل كلهم من مُضَر، فتمعَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذَّن وأقام، فصلى ثم خطب فقال: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] {النساء:1} [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ] {الحشر:18}. تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال، ولو بشق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرَّة كادت كفُّه تعجز عنها، بل لقد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلَّل كأنه مذهبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سنَّ في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة كان عليها وزرها، ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء).

وعن عَدي بن حاتم رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم النار فأعرض، وأشاح ثم قال: (اتَّقوا النار) ثم أعرض وأشاح، حتى ظننا أنَّه كأنما ينظر إليها، ثم قال: (اتَّقوا النار ولو بشقِّ تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة).

وعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا: خطَبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (والذي نفسي بيده – ثلاث مرات – ثم أكبَّ فأكبَّ كل رجل منا يَبكي، لا يدري على ماذا حلف؟ ثم رفع رأسه وفي وجهه البشرى فكانت أحبَّ إلينا من حُمر النعم قال: (ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة، وقيل له: ادخل بسلام).

وعن عبد الله بن مَعْقِل عن عَدي بن حاتم رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل).

صدقة الفطر:

وزكاة الفطر واجبة على كل مسلم وجد لديه من المال ما يزيد عن حاجته، وحاجة من تلزمه نفقته، يوم العيد وليلته، ويخرجها عن نفسه، وعن كل من تلزمه نفقته من ذكر وأنثى من المسلمين.

يقول ابن عمر رضي الله عنهما، فيما رواه البخاري ومسلم: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين).

وعن موسى بن عُقْبة، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة).

وروى الإمام مسلم بسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمر بإخراج زكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة).

وروى الإمام مسلم بسنده، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ معاوية رضي الله عنه لما جعل نصف الصاع من الحنطة عدل صاع من تمر، أنكر ذلك أبو سعيد رضي الله عنه وقال: لا أخرج فيها إلا الذي كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط.

فقد روى البيهقي والدارقطني، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، وقال: (أغنوهم في هذا اليوم)، وفي رواية للبيهقي: (أغنوهم عن طواف هذا اليوم).

وصدقة الفطر حق الله سبحانه وتعالى، وهي كأي حق من حقوق الله تعالى، لا تسقط بفوات وقتها، وإنما تستمرُّ دَيناً على من لم يؤدها ويكون في تأخيرها إثم على من أخَّرها، وعليه أن يُعجِّل بأدائها.

وهي على كل حال دَين في ذمته، يستمر حتى تؤدَّى، ولو في آخر العمر، وإذا مات قبل أدائها فعلى ورثته أن تخرجها من تركته قبل تقسيمها.

فعلى كل من لم يؤدِّ زكاة الفطر من المسلمين أن يخرجها الآن، فإنَّها طهرة للصائم من اللغو والرفث، وثوابها عند الله جزيل.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

المصدر: (مجلة الجديد، 15 أغسطس 1978 - العدد 159).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين