الأزهر الشريف وما يراد له

 

الحملة الإعلامية الدائرة الآن على الأزهر الشريف،

وقانون الأزهر المزمع طرحه على

مجلس شعب الانقلاب أمر يسترعي الانتباه والتوقف، وفحص الأمر وبيان الواجب فعله

وما يمكن القيام به..

القانون المزمع تشريعه يجعل الكليات غير الشرعية تابعة للمجلس الأعلى للجامعات،

وكذلك مجمع البحوث الإسلامية، والمعاهد الأزهرية.

القانون إن أُقر، فهو ما يعنى تجريد الأزهر من سلطاته:

سلطة الفتوى والبحث في المستجدات والنوازل من خلال نقل تبعية مجمع البحوث

الإسلامية للتعليم "المدني"،

وتجريده من سلطة التعليم من خلال نقل تبعية الكليات العلمية والمعاهد الأزهرية

بعيدا عن الأزهر!!.

لا يصح أن يدفعنا الخلاف معه أن نفرط في حق الأزهر والدفاع عن مؤسسته وتاريخه،

والوقوف صفا واحدا أمام الرغبات العارمة في استئصاله بما هو رمز الإسلام المعتدل

الذي يرجع له الفضل بشكل كبير في نشر الإسلام وحماية شريعته.

وهذا يعني أن الأزهر لن تكون له أية سلطات، وأنه سيضحى جامعا بلا جامعة،

وأثرا بعد عين، مثله مثل مسجد ابن طولون، أو قلعة محمد علي،

يكون للمزارات والصلوات، ولا دور له في تشكيل العقل ونشر الإسلام

وتعليم الناس وتخريج العلماء.

وهي سابقة لم تحدث للأزهر الشريف في الاعتداءات عليه إلا في عصور الاحتلال،

ولا يقارب ذلك إلا ما فعلته خيول نابليون بونابرت حينما دخلت الخيل الأزهر،

وكان الأزهر وقتها حيًّا فانتفض وقاوم وأسهم بشكل تاريخي في تحرير مصر

من الاحتلال الفرنسي،

وقد كان هذا دور الأزهر دائما، دور المجاهد المقاوم الحي الذي لا يرضى بالدنية

في دينه ولا وطنه.

ولا يصح لنا أن ننظر إلى قضية الأزهر ومحاولات طمسه وتدميره أو الإجهاز عليه

تماما دون الوعي بالسياق العالمي والمعركة العالمية التي تستهدف الإسلام نفسه ممثلا

في الأزهر بما هو النواة الصلبة للإسلام الوسطي الذي نشر الإسلام في ربوع الدنيا

على مدار ألف عام،

وخرج من العلماء والأعلام والأئمة من ملأوا الدنيا وشغلوا الناس.

ولكي يحظى السيسي بالرضا الغربي والأمريكي والصهيوني لابد أن يقدم قرابينه لذلك

ومنها القضاء على كل ما يمت للإسلام بصلة سواء جماعات إسلامية

أو أزهر أو غير ذلك.

ولا ينبغي أن يدفعنا خلافنا مع شيخ الأزهر الحالي ومواقفه المخزية مع الانقلاب وصمته

الطويل على المذابح البشرية التي اقترفها العسكر والدماء التي سالت

والأرواح التي أزهقت والأعراض التي انتهكت حتى في صحن جامعة الأزهر

دون أن يتكلم شيخ الأزهر كلمة واحدة،

ولا أن ينتفض للأعراض ولا لزملائه من عمداء الكليات الأزهرية الذين اعتقلوا

وحوكموا وحكموا بالإعدام ظلما وزورا.

أقول لا يصح أن يدفعنا الخلاف معه أن نفرط في حق الأزهر والدفاع عن مؤسسته

وتاريخه، والوقوف صفا واحدا أمام الرغبات العارمة في استئصاله

بما هو رمز الإسلام المعتدل الذي يرجع له الفضل بشكل كبير في نشر الإسلام

وحماية شريعته.

إن الأزهر الشريف وإن أصبح تابعا للسلطة والحكومة منذ جرده عبد الناصر من أوقافه

يجب أن يُستحيا وأن يُستنقذ من يد العسكر،

ولا نسمح لهم بطمس تاريخه أو تشويه سمعته أو النيل منه؛ فضلا عن استئصاله

والإجهاز عليه.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين