كم نسيء للقرآن الكريم بأكاذيب نقول عنها إعجازاً علمياً

 

صار البعض مهوساً في قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، ويبالغ فيه مبالغة  يسيء بها لكتاب الله ، وذلك عندما يأتي بمعلومات مغلوطة يفسر بها الآيات الكريمة ، وقد يكون سبباً في اهتزاز إيمان الآخرين وإلحادهم عندما يكتشفون خطأ هذه المعلومات، فيفقدون ثقتهم بكتاب الله .

والإتيان بمعلومات مغلوطة لإثبات إعجاز علمي مخترع لا حقيقة له يدل على عدم ثقة هؤلاء الكتاب والمتحدثين بعظمة القرآن الكريم وإعجازه البلاغي والتشريعي .

ومن هذا ما كتبه أحدهم الذي يطلق على نفسه الباحث الإسلامي، ويضع عنوانا لموقعه : ( أبحاث نادرة ومبهرة عن الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم ) ، ومن هذه البحوث التي كتبها : ( جهنم هي الشمس ) ، ولأجل أن يغر الناس ويخدعهم يقول : ( أحد كبار المثقفين الملحدين صرخ بالشهادتين وأعلن إسلامه بعلو صوته أمام الجميع عندما سمع منى هذا البحث بفضل الله عزّ وجل ) ، ثم يزيد في الاحتيال والغش فيقول : (ملاحظة : لم يعترض على هذا البحث حتى الآن كل من عرضته عليه من الشيوخ والعلماء سواء علماء آية أو حديث ، أو فيزياء فلكية ) ، ولا يذكر اسم عالم واحد من هؤلاء العلماء الذين يوثق بعلمهم .

ثم يكتب بحثاً طويلاً في إثبات أن جهنم هي الشمس وكل ما جاء فيه مغالطات وفهوم شاذة ، وتنزيل للآيات الكريمة والأحاديث الشريفة في غير مكانها ، وقد قدم لبحثه بمقدمة تدل على فهم سطحي وركيك حيث قال : ( مدخل البحث : ما سبب الحر الذى نشعر به على كوكب الأرض ؟ لو سألت أى إنسان ما سبب الحر ؟ لأجاب على الفور : بسبب تعامد الشمس على مدار السرطان فيسلط علينا حرارة الشمس ، ولو أنه يسكن نصف الكرة الجنوبى سيقول : بسبب تعامد الشمس على مدار الجدي ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى لا ينطق عن الهوى يؤكد أن ارتفاع درجة الحرارة مصدرها جهنم ! فعن أبى هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ) رواه البخاري ومسلم .

#بيان_بعض_الأخطاء_الواردة_في_هذأ_البحث :

وبعض ما جاء في هذا البحث مخالف مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة ، وسأختصر ذلك في خمسة أمور : 

1- الحديث النبوي ( إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ) نؤمن به ونسلم لما جاء فيه ، وهو يعتبر من القضايا الغيبية التي لا يصح لنا أن نخوض في تفاصيلها ، أما عن كيفة وصول الحر من فيح جهنم فهذا مما لا تدركه عقولنا ، ولا نستطيع أن نفسره تفسيرا علميا دقيقاً ، وقد يصل العلم إلى تفسير ذلك تفسيرا علميا في يوم ما .

2- جهنم تعتبر من عالم الآخرة ، وهو عالم غيبي مأمورون بالإيمان بها ، ولا تخضع لقوانين الدنيا ، أما الشمس فهي من عالم الدنيا ، وتختلف اختلافا كليا عن جهنم لأن جهنم لا نعلم حجمها ولا المسافة بينها وبين الأرض ، وهذا بخلاف الشمس ، فقد حسب العلماء قطرها وقدروه بحوالي 1,392,684 كيلومتر، وهو ما يعادل 109 أضعاف قطر الأرض ، وكتلتها 2×1030 كيلوغرام وهو ما يعادل 330,0000 ضعف من كتلة الأرض ، وتبعد الشمس عن الأرض ما يقارب 149.6 مليون كم .

وكذلك فإن جهنم لا تتناقص ولا تتلاشى، وهذا بخلاف الشمس فقد حسب العلماء مقدار ما تفقده في اليوم والسنة ، ووضعوا معادلة لحساب ما تفقده الشمس في السنة الواحدة مقدرة بما يلي :

1.2 x 1017 Kg/Year 

3- نصوص القرآن والسنة توضح أن حقيقة الشمس غير حقيقة جهنم ، بل هما شيئان مختلفان وليسا شيئا واحدا ، والنصوص على هذا كثيرة جدا ومعلومة لكل من قرأ كتاب الله تعالى ، وذكرها يطول ونكتفي بالنص الصريح الآتي : قال الله تعالى: ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ، وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ، وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ، .... وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ، وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ، وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ )  .

فقوله تعالى : " إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ " معنى "التكوير" في كلام العرب : جمع بعض الشيء إلى بعض ، وذلك كتكوير العمامة ، وهو لفها على الرأس ، والمعنى : أن الشمس يجمع بعضها إلى بعض ، ثم تُلفُّ ويرُمِي بها "  .

وكذلك ثبت في السنة أنها تكور في نار جهنم . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ‏(‏ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‏) رواه البخاري .

4- أن الله تعالى ذكر في الآيات السابقة ما يحدث يوم القيامة فقال : ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) ثم قال بعدها : ( وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ) فدلّت الآيتان بوضوح أن الشمس وجهنم شيئان متغايران ، و تشير الآية بشكل صريح أن الشمس تفنى عندما تقوم الساعة ، بينما الجحيم ( جهنم ) فهي موجودة وإنما توقد ويزداد لهيبها .

5- جهنم مخلوقة وموجودة وهي باقية لا تفنى ، ولا يقع عليها شيئاً من الدمار الذي يقع عند قيام الساعة ، وهذا بخلاف الشمس التي تنفجر وتفنى عند قيام الساعة كما جاء في الآية السابقة : ( اذا الشمس كورت) ، وكذلك قوله تعالى في سورة القيامة ( وجُمع الشمس والقمر  ) .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين