نفثة مصدور إلى الخطباء والدعاة وطلاب العلم

 

 

 أيها الخطيب والداعية وطالب العلم  ، لا يغرنك ثناء من أثنى على خطبك ودروسك وكتاباتك ومقالاتك من عامة الناس أو حتى من طلبة العلم  ؛ فيحملك ذلك على رؤية النفس ، والاستعلاء على الخلق ، وبطر الحق ، وغمط الناس .

 

ويزين لك الشيطان أنك قد وصلت إلى مقامات الكبار  ، وصرت معدودا من أهل العلم المبرزين ، ثم لا تزال كذلك حتي تستولي عليك نفسك ،  ويستجرينك الشيطان إلى ردود حمقاء رعناء عجلة طائشة على من أفنوا أعمارهم في طلب العلم ، وجثو بركبهم في حلقه ومثافنة أهله ، في مسائل لم ينضج فيها عقلك ،

أو يصل إليها فكرك ، أويتحملها فهمك ؛ فرحت تخطئهم لكونهم 

قد خالفوا - في نظرك وبادئ رأيك - نصا جزئيا في مسألة 

وهم قد أحاطوا علما بمقاصد الشريعة وكلياتها  وحكمها ومراميها .

 

فكنت كفاقئ عينيه عمداً

                           فأصبح لا يضيئ له نهار 

 

وهم قد عملوا بذلك النص  الذي تحتج به ولم يخالفوه،  

وإنما فهموه في ضوء تلك المقاصد الكلية ،والقواعد العامة المستخرجة من النصوص  والمعتمدة عليها.

فوفقوا بين ذلك ، وضموا المتشابه إلى المحكم ، والمجمل إلى المبين    = فخرجوا من ذلك بالفهم المستقيم ،

والحجة الواضحة .

 

ولعمر الله لقد اتسع الخرق على الراقع،  وعظم الخطب ، واشتد الكرب 

 

وطاول البقل فروع الميس 

                               وهبت العنز لقرع التيس 

 

وتذبب بعض الأخوة قبل أن يتحصرم ، وراش قبل أن يبري 

وندب كل عوير وكسير وثالث ما فيه خير نفسه لمقارعة الكبار ولسان حاله :

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا 

                              متى أضع العمامة تعرفوني 

 

وصدق القاضي عبدالوهاب المالكي رحمه الله حيث قال :

 

متى تصل العطاش إلى ارتواء 

                                  إذا استقت البحار من الركايا 

ومن يثني الأصاغر عن مراد 

                                 إذا جلس الأكابر في الزوايا

وإن ترفع الوضعاء يوما

                            على الرفعاء من إحدى الرزايا

إذا استوت الأسافل والأعالي 

                               فقد طابت منادمة المنايا 

وإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين