شبهة .... وجوابها

 

يستدل بعض الضلال ممن يخرجون على وسائل الإعلام على 

نجاة النصارى عند ربهم  ، وأنهم على الحق بقول الله تعالى : { إنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هادوا وَالنَّصارى وَالصّابِئينَ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَعَمِلَ صالِحًا فَلَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ} .

وهؤلاء يتبعون المتشابهات،  ويتركون المحكمات البينات الواضحات . 

ومع ذلك  ؛ فالآية حجة عليهم لا لهم ،  وبيان ذلك من وجوه :

 

الأول  : أن هذه الآية نزلت في الذين عاشوا قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ممن آمنوا بأنبيائهم ولم يغيروا دينهم ولم يحرفوه .

 

قال مكي بن أبي طالب:  " أكثر العلماء على أنها محكمة ، ونزلت فيمن كان قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم منهم ". [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ص123 ]

 

وقال الألوسى - رحمه الله- : " ومنهم من فسرها بمن كان منهم  في دينه قبل أن ينسخ مصدقا بقلبه بالمبدأ والمعاد عاملا بمقتضى شرعه فيعم الحكم ....اليهود والنصارى الذين ماتوا قبل التحريف والنسخ "  . [روح المعاني (1/392)]

 

وقال السعدي رحمه الله : " إن هذا إخبار عنهم قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم " .[ تيسير الكريم الرحمن  (1/48)]

 

الثاني  : من العلماء من قال إنها منسوخة  بقول الله تعالى {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين }وذلك مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما .

 

قال شيخ الإسلام في الفتاوى (14/64) : " ومراده أن الله يبين أنه لا يقبل إلا الإسلام من الأولين والآخرين " .

قلت : وعلى هذا فليس المراد بالنسخ هنا رفع الحكم وإنما المراد دفع توهم ما قد يظن أن الآية دالة عليه . [نبه على هذا شيخ الإسلام]

 

الثالث : أن المفسرين متفقون على أن من أدرك من هؤلاء بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يتم إيمانه بالله حتى يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وإلا كان من الهالكين  . 

 

قال الطبري- رحمه الله -في تفسىير الآية " وأما إيمان اليهود والنصارى والصابئين فالتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به فمن يؤمن منهم بمحمد وبما جاء به واليوم الآخر ويعمل صالحا فلم يغير ولم يبدل حتى توفي على ذلك فله ثواب عمله وأجره عند ربه " .

 

وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - : " وإيمان النصارى أن من تمسك بالإنجيل منهم وشرائع عيسى عليه السلام  كان مؤمنا مقبولا منه حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم فمن لم يتبع محمد ا صلى الله عليه وسلم منهم ويدع ما كان عليه من سنة عيسى والإنجيل كان هالكا "  . [تفسير ابن كثير (1/126)]

 

الرابع:  كيف يكون مؤمنا بالله واليوم الآخر من كان مكذبا لرسوله الذي أرسل إليه  ؛  فإن عيسى عليه السلام بشر بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) ، كما قال تعالى:  

?وَإِذ قالَ عيسَى ابنُ مَريَمَ يا بَني إِسرائيلَ إِنّي رَسولُ اللَّهِ إِلَيكُم مُصَدِّقًا لِما بَينَ يَدَيَّ مِنَ التَّوراةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسولٍ يَأتي مِن بَعدِي اسمُهُ أَحمَدُ فَلَمّا جاءَهُم بِالبَيِّناتِ قالوا هذا سِحرٌ مُبينٌ}

ومن لم يؤمن بمحمد( صلى الله عليه وسلم )فهو مكذب لرسوله 

ومن كذب الرسول فقد كذب الذي أرسله وهو رب العالمين سبحانه 

فكيف يكون مؤمنا بالله !!!!

 

الخامس:  من لم يؤمن بالنبي (صلى الله عليه وسلم) فهو كافر بالله تعالى .

قال سبحانه : 

- يا أَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَكُمُ الرَّسولُ بِالحَقِّ مِن رَبِّكُم فَآمِنوا خَيرًا لَكُم وَإِن تَكفُروا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ وَكانَ اللَّهُ عَليمًا حكيما

ياأَهلَ الكِتابِ لا تَغلوا في دينِكُم وَلا تَقولوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الحَقَّ إِنَّمَا المَسيحُ عيسَى ابنُ مَريَمَ رَسولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلقاها إِلى مَريَمَ وَروحٌ مِنهُ فَآمِنوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقولوا ثَلاثَةٌ انتَهوا خَيرًا لَكُم إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبحانَهُ أَن يَكونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكيلا} .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين