الفوضى اللغوية أشد خطرا من الفوضى السياسية

 

" إذا فقدت هذه الكلمات ( العبادة، الصلاة، الزكاة، الحج...) التي توارثت فهمها الأجيال المسلمة، وتواتر في المسلمين، وأصبح فيها مَساغ لكلِّ داعٍ إلى نِحْلة جديدة، ورأي شاذ، وقول طريف، فقد أصبحت قلعة الإسلام مفتوحة لكلِّ مهاجم ولكلِّ منافق، وزالت الثقة بالقرآن والحديث واللغة العربية، وجاز لكل قائل أن يقول ما شاء، ويدعو إلى ما شاء، وهذه فتنة لا تساويها فتنة، وخطر لا يكافئه خطر.

إنَّ مفاهيم هذه الكلمات معيَّنة – على اتِّساعها وبلاغتها وعمقها وكثرة معانيها – وأنَّ الأمَّة توارثت هذه المفاهيم المعيَّنة كما توارثت أشكال الصلاة والصوم والحج، ونظمها الظاهرة، وتناقلتها وحافظت عليها من غير أقل انقطاع أو أقصر فترة، وإنه معنى قوله تعالى:[إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] {الحجر:9}.و: [اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا] {المائدة:3}. وهو معنى الحديث المشهور الذي صحَّ معناه: (لا تجتمع أمتي على الضلالة) .

والكلمات هي الوسيلة الوحيّدة لنقل المعاني والحقائق من جيل إلى جيل، ومن عصر إلى عصر، ومن إنسان إلى إنسان، فإذا وقع الشك في مدلول هذه الكلمات ومصداقها، أو صار التلاعب بها هيِّناً، اضْطربت دعائم الدين وتزلزلت أركانه، وهذا يعم التاريخ والشعر والأدب، لذلك كانت الفوضى اللغوية linguistic anqrchyأشد خطراً وأكثر ضرراً من الفوضى السياسية political anarchy

 

من محاضرة له بعنوان: "بعض سمات الدعوة في هذا العصر " ألقيت في المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في 24- 29 / 2 / 1397هـ - 1977م.

نشرت في موقع رابطة العلماء السوريين على الرابط التالي هــــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين