إننا أحفاد لأجداد عظماء وننتسب لأمة عريقة

 

كيف استخدمت آيسلندا التاريخ في صناعة النصر ؟

 

 

هناك طبقة من المثقفين والمفكرين من أبناء أمة الإسلام همّها التشكيك في دور أمة الإسلام الحضاري وما قدمته للبشرية ، ويعملون ليل نهار على الطعن في علماء الأمة وقادتها ، ويشككون في الأعمال العلمية والنهضوية الرائعة التي قاموا بها وغيروا بها مجرى التاريخ .

وبالمقابل فإن هؤلاء المفكرين المسغربين يقدمون الغرب والعلمانية ومفكريها بأجمل صورة ، ويصفونهم بالأحرار والمفكرين العقلاء المبدعين .

نحن بحاجة لاستلهام دروس تاريخ الأمة وأمجادها ليبعث ذلك فينا الثقة والهمة والعمل الدؤوب في الرقي والنهضة ، وليس من اللائق أن نجلد ذاتنا ، ونظلم تاريخنا المشرق، ونقلل من مكانة عظمائنا .

هل سمعت عن جمهورية ( آيسلندا ) ؟؟!!

هي دولة جزرية أوروبية في شمال المحيط الأطلسي على الحافة وسط الأطلسي ، تلك الجزيرة البركانية المعزولة عن بقية العالم، والتي بالكاد يزيد عدد سكانها الإجمالي عن 300 ألف نسمة!

في دوري كرة القدم للاتحاد الأوربي لعام ( 2016 ) نال المنتخب الإنكليزي هزيمة تاريخية من المنتخب الآيسلندي في نهائيات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم التي أقيمت في فرنسا!

ولكن كيف تمكن المنتخب الآيسلندي الذي لا يملك تاريخًا يذكر في الانتصارات الكروية من هزيمة إنجلترا الدولة التي اخترعت كرة القدم؟؟!!!

وكيف ظهر لاعبو آيسلندا كالوحوش المفترسة أمام الإنجليز في حين يظهر لاعبو بعض الفرق العربية بمظهر بائس عند مشاركتهم في مسابقات عالمية أمام منتخبات كبيرة ؟؟!

!!

فمن تابع مباريات المنتخب الآيسلندي في بطولة أمم أوروبا الأخيرة... لاحظ كيف أن الجمهور الآيسلندي قام باستخدام الورقة القوية الوحيدة التي يمتلكها لتشجيع لاعبي منتخب بلاده، هذه الورقة القوية الوحيدة... هي ورقة التاريخ ؟؟!!!

فبالرغم من افتقار آيسلندا لكل مقومات القوة حاليًا، إلا أن الآيسلنديين يدركون أنهم من سلالة قومية عظيمة جابت بحار الدنيا في يوم من الأيام... وانتصرت فيه على أمم أوروبا بأسرها...

إنهم الفايكنج...

فالآيسلنديون كباقي الشعوب الإسكندنافية ينتسبون إلى شعب الفايكنج، هؤلاء المقاتلون الأشداء.... الذين كانوا في أواخر القرن الثامن وحتى القرن الحادي عشر ينشرون الرعب في جميع أنحاء أوروبا.

هذا الأمر استغله الآيسلنديون جيدًا... فصاروا يشجعون فريقهم الوطني بتحية مميزة مستمدة من ثقافة الفايكنج القتالية... الأمر الذي يذكر لاعبيهم ولاعبي الخصم على حد سواء... بأنهم من سلالة قوية... سلالة محاربة... وهو ما يبث الخوف في نفوس الفرق المنافسة... في حين يدفع ذلك بلاعبي أيسلندا إلى القتال على أرضية الملعب ليحققوا النتائج المبهرة في هذه البطولة الأوربية.

استحضار الأمم لتاريخها العظيم ... بغض النظر عن تعريف كل أمة للعظمة... من شأنه أن يصنع أبطالًا فخورين بأمتهم...

أبطالًا تملأ قلوبهم العزة والطموح والأمل...

الأمل بمستقبل مشرق لأمتهم...

لذلك لا تستغرب عندما ترى حرص غزاة التاريخ على الحط من تاريخ عظمائنا... بل وتشويه متعمد لصورتهم في أعيننا... لا لكي ينالوا من أبطال ماتوا قبل مئات السنين بعد أن صنعوا المجد لأمتهم.. بل الهدف الرئيس لهؤلاء الأوغاد هو نحن...  لكي نصبح أنا وأنت مجرد عبيد مهزومين داخليًا أمامهم..

إننا أحفاد لأجداد عظماء... تفوق عظمتهم عظمة الفايكنج بآلاف المرات...

فنحن أحفاد من علموا الدنيا معنى التقدم والحضارة والحرية.... ويومًا ما... سنكون مثلهم... طال الزمان أم قصر... رغم أنوف غزاة التاريخ... وأنوف عملائهم... وأنوف من اختاروا أن يظلوا أقزامًا!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين