إن الدين عند الله الإسلام -1-

 

حين كنتُ في هيئة تحرير مجلة الأزهر عُرض علينا بحث بعنوان: (دين الله واحد)، وقد آثر كاتبه أن يقدِّمَه غُفْلاً من التوقيع.

ونظر فيه أحد الزملاء فما كاد ينتهي من قراءة المقدمة، حتى ألقاه أمام رئيس التحرير، وقال: إنَّ هذا البحث كتبه أحد المبشرين.

ولكن قارئ هذا المقال راقَ له أن يتمَّ قراءة البحث، حتى إذا رفض نشره كانت في يده (حيثيات الحكم)، ثم إنَّه رغب أن يعرف ما يقوله هؤلاء الذين يبشرون بالمسيحية من غير أهلها، فقد كان على يقين أنَّه لم يكتبه رجل من رجال الدين المسيحي، وإنما كتبه أحد الكُتَّاب المسلمين.

وفعلاً قرأت البحث بإمعان، وكتبت على هوامش النسخة تعليقات تبيِّن ما فيه من أخطاء علميَّة، وما يتضمَّنه من انحراف في العقيدة.

وكنت أظنُّ أنَّ صاحب هذا البحث – إذا كان مؤمناً بعقله ودينه – لن ينشرَه حتى يصلِّح من أخطائه، ثم علمت أنَّ البحث قد نُشر، وتبيَّن أنَّ مؤلفه ليس مبشراً وإنما هو رجل مسلم يلبس العمامة، ويرتدي الجُبَّة والقفطان.

وقد اعتزمت أن ألتزم الصمت حيال هذا البحث، فربما كان الجدل حوله أحد الأهداف التي يقصد إليها المؤلف من نشره، وسكت.

غير أنَّ أحد الكُتَّاب الغيورين كتب منذ أسابيع فصلاً في مجلة الرسالة أبان فيه عما رآه في الكتاب من انحراف، ومع حرص الكاتب على التقصي، ومُقارعة الحجَّة بالحُجَّة فاتته أشياء ذات بال، فرأيت أنَّ الواجب يقتضي – وقد علم بعض القرَّاء شأن هذا الكتاب – أن أكتب هذه الكلمات، وأعتقد أنَّ فيها فائدةً للمؤلف – وإن لم ينتفع بما كتبت على هوامش البحث من قبل –، وفائدة لأولئك الذين يشجعونه على مثل هذا البحث، فإنَّ في البحث تغريراً بهم في عقيدتهم، وفي هذا البيان إرشاد إلى الطريق القويم الذي يتحتَّم عليهم أن يسلكوه، حتى يكونوا عند الله من الناجين.

يقوم الكتاب على فكرة واحدة أعلنها المؤلف في صراحة، ثم راح يدور حولها في كل فصول الكتاب.

قال المؤلف: (فكلُّ من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعمل صالحاً فهو ناجٍ بفضل الله – إن شاء الله – ذلك بأنَّ هذه الصفات الثلاث هي أركان الدين الأساسية على لسان كل رسول، فمن اتَّبع أحكامها، وأقام أصولها، من أي دين كان فاز برضوان الله، ومن أخلَّ بشيء منها، واتَّبع هواه، فأمره إذن إلى الله إن شاء رحمه الله تعالى، وإن شاء عذَّبه، وهو – سبحانه – غفور رحيم لا يُسأل عمَّا يفعل).

ومعنى هذه العبارة: أنَّ الإيمان بالرسل، والكتب المنزلة، ليس ركناً من أركان الدين؛ لأنَّه حصر الأركان في تلك الثلاثة: الإيمان بالله، والإيمان باليوم الآخر، والعمل الصالح.

والمؤلف قد جعل النجاة – أولاً – بفضل الله إن شاء، ثم جعلها – ثانياً – غير مُتوافقة على شيء غير اتباع أحكام هذه الأركان وإقامة أصولها، فقد حكم بأنَّ مثل هذا فائز برضوان الله – هكذا من غير تقييد بشيء.

والمسلمون يؤمنون بالله، وبرسله جميعاً، وبكل كتبه المنزلة، وباليوم الآخر فهم غير محتاجين لهذا القانون الذي وضعه المؤلف، واليهود غير مُنتفعين به أيضاً؛ لأنَّ المؤلف نبذهم بقوله في ص 76: (ولا يفوتنا أن نبين أن كلامنا عن اليهود – هنا – ليس على إطلاقه، وإنما نقصد به اليهود الذين اتَّبعوا موسى عليه السلام بحق، وآمنوا بتوراته الصحيحة التي أنزلها الله إيماناً صحيحاً، وأخذوا أنفسهم بآدابها وتعاليهما أخذاً صادقاً).

وقبل أن نناقش المؤلف في دعاواه التي أوردها في الكتاب نحب أن نُنبِّه إلى حقيقتين اثنتين في هذه الكلمة التي نقلناها في أول هذه الكلمة: 

الحقيقة الأولى: كيف يتمُّ الإيمان بالله دون أن يؤمن الإنسان بكل ما يصدر عنه؟

والحقيقة الثانية: يقول: ومن أخلَّ بشيء منها فأمره إلى الله إن شاء رحمه...الخ، ومن هذه الثلاث: (الإيمان بالله) فمعنى كلامه: أنَّ من أخلَّ بالإيمان بالله، أي: كفر به – سبحانه – فأمره إلى الله إن شاء الله رحمه، وإن شاء عذَّبه، وهذا مخالف لنصٍّ محكم صريح من نصوص القرآن، وهو قوله تعالى: [إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ] {النساء:48}، والمؤلف يعرف حكم من ينكر نصاً صريحاً من نصوص القرآن الكريم.

ثم نأخذ في مُناقشة المؤلف في كل ما جانب فيه الحق والصواب:

فرَّق المؤلف بين العبادات والمعاملات، فجعل الأولى من وظيفة الرسل، أما القول في الثانية فلا شأن للرسل به – كما زعم – ومن ثَمَّ فلا تتعلق بها التشريعات التي جاءت بها الأديان، وفي ذلك يقول: 

(أما أحكام الحياة ونظمها – وهو المعبَّر عنه بالمعاملات – فإنه يتغير بتغير الزمان، وأحوال ا لناس وطبائعهم وطريق مَعَايشهم، كما تتغيَّر القوانين الوضعية بين الفينة والفينة، وهذا الأمر قد تركه الله للناس – كما قال أستاذنا الإمام محمد عبده – وفي ذلك يقول محمد صلى الله عليه وسلم: (أنتم أعلم بأمور دنياكم) [أخرجه مسلم وغيره].

ولا أدري ما الدافع القوي الذي يدفع بعض من يريدون أن يقحموا أنفسهم في الحديث عن التشريعات الإسلامية إلى أن يقولوا ويكرِّروا القول أنَّ (المعاملات) لا تدخل في نطاق التشريع – وهم بالطبع – يريدون التشريع الإسلامي؟!.

إنَّ (المعاملات) كلمة اصطلاحية، وضعها فقهاء المسلمين لما يجري بين الناس من شؤون الحياة كالبيع والرهن، والشفعة والهبة... وما إلى ذلك، فهل هذه من شؤون الدنيا التي تركها الرسول صلى الله عليه وسلم للناس؟ وهل خلا القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف من بيان أحكامها؟! 

وليست هذه المعاملات متروكة للناس يقولون فيها بأهوائهم، وإنما وضعت الشريعة الإسلامية أصولاً لكل هذه الأمور، فإخراجها عن دائرة الشريعة لا يؤدي إلا إلى رفع حكم الله عنها، وترك الناس يسيرون فيها كما يشاءون!.

وقد استعان المؤلف في خبطه وخلطه بكلام الشيخ محمد عبده:

فأولاً: ليقل الشيخ محمد عبده، ومن هو أفقه من الشيخ محمد عبده ما شاء فإننا لا نأخذ ديننا عن هذا، ولا عن ذاك، وإنما نأخذه من مصادره الأولى، وهي معروفة غير مجهولة.

والمعاملات الإسلامية التي تكلم فيها الفقهاء مصحوبة بأدلتها من الكتاب والسنة والقياس والإجماع من صميم الشريعة، وليست كتأبير النخل، تلك الحادثة التي ورد فيها قول الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم: (أنتم أعلم بأمور دنياكم) [أخرجه مسلم وغيره].

وثانياً: كلمة الشيخ محمد عبده لا تعني المعاملات المعروفة، ولا أظنُّ الشيخ - رحمه الله تعالى - خطر بباله أن يخرج المعاملات عن حكم الشريعة، وهل هذه هي كلمة الشيخ: 

(وأما تفصيل طرق المعيشة، والحذق في وجوه الكسب، وتطاول شهوات العقل إلى درك ما أعد للوصول إليه من أسرار العلم، فذلك مما لا دخل للرسالات فيه إلا من وجه العظة العامة والإرشاد إلى الاعتدال فيه، وتقرَّر أنَّ شرط ذلك كله أن لا يحدث ريباً في الاعتقاد بأن للكون إلهاً واحداً قادراً عالماً حكيماً مُتَّصفاً بما أوجب الدليل بأن يتصف به).

وكيف يقصد الشيخ محمد عبده إلى التعميم، والله تعالى يقول: [وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ] {البقرة:283}. ويقول: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى] {البقرة:282}. وهذه الآية هي أطول آية في القرآن، وقد جمعت كل ما يتعلَّق بكتابة الدَّيْن، ويقول: [وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ...] {النساء:6} والميراث: أهو من العبادات أم من المعاملات؟. 

وغير ذلك كثير في القرآن الكريم، ينبغي أن يكون عند الذين يقولون فيما يتصل بالتشريع الإسلامي شيء من الحياء.

ويرى المؤلف – وهذا هو جوهر البحث – أنَّ لكل واحد من أصحاب الأديان أن يؤدي عبادته على الصورة التي بيَّنها دينه، في مَعْبده أو في بيته أو في خلوته، أو في أي بقعة من الأرض، فأينما تولوا فثمَّ وجه الله.

وهذا الكلام يحتمل وجهين:

الأول: أن يكون المؤلف قصد أنَّ كل ذي دين من حقه أن يعبدَ الله على الطريقة التي نهجها له دينه، لا حجرَ عليه في ذلك ولا تقييد لحريته، وهذا أمر لا نخالف فيه، فإنَّ الإسلام أمرنا بأن نترك أصحاب البِيَع والكنائس يؤدون شعائرَ دينهم ولا نتعرَّض لهم فيها.

الثاني: وهو الذي يُفهم مما كتبه المؤلف بعد ذلك أنَّ لكل ذي دين أن يؤدي عبادته على الطريقة التي رسمها دينه، ولا يطلب منه أن يؤدي شعائر الدين الجديد، وهو يقصد – كما هو ظاهر – أنَّ المسيحي غير مُطالب بأن يؤمن بالإسلام، ولا أن يؤدي شعائره، فإنَّ قيامه بشعائر دينه يغنيه عن ذلك.

ومعنى هذا إنكار عموم الشريعة المحمدية، ومُصادمة الآيات القرآنية الصريحة التي تدعو كل البشر إلى أن يؤمنوا بالقرآن وبمحمد صلى الله عليه وسلم، وبأن يدينوا بدين الإسلام.

وسنترك الكلام في هذا المقصد إلى موضعه الذي هو أليق به من حديثنا هذا.

ويسوق المؤلف (حكاية) خلاصتها أنَّ بعض رجال الدين استنكر أن يقول أحد المحامين الشرعيين في محامٍ من أهل الكتاب قد مات: رحمه الله، ويغضب المؤلف لذلك ويقول: إذا كان حكمكم على الكافر صحيحاً، فإنَّ النصراني ليس بكافر، ويجنح إلى أدلة يُؤيد بها جواز الاستغفار لا للنصراني فحسب، بل للكافر أيضاً.

فينقل – أولاً – عن الحسن رضي الله عنهما: قيل يا رسول الله إنَّ فلاناً يستغفر لآبائه المشركين فقال: ونحن نستغفر لهم.

وعن علي رضي الله عنه: رأيت رجلاً يستغفر لأبويه، وهما مشركان، فقلت له، فقال: أليس قد استغفر إبراهيم لأبيه؟

وينقل – ثانياً – عن الزمخشري في الكشاف أنَّ العقلَ يُجَوِّز أن يغفرَ الله للكافر، ألا ترى إلى قوله عليه السلام لعمه: (لأستغفرنَّ لك ما لم أُنه عن ذلك) [أخرجه مسلم وغيره].

ويقول – ثالثاً – بتبعية الجميع لبني آدم مُستشهداً بقول الله سبحانه: [يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ] {الأعراف:35} فكل من يتقي ويصلح فلا خوف عليه، والأساس الأول هو: التقوى، هكذا قال – هداه الله -.

أما أولاً: فالمؤلف تجاهل مسألة: (استغفار النبي للمشركين) فذكر أولها وترك آخرها، ولو أنه كان أميناً لأثبت هذه الآيات: [مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ(113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ(114) ]. {التوبة}.

ولعل قائلاً يقول: إنَّ المؤلف قد غفل عن هذه الآيات، أو لعله لا يحفظها ولا يعرف مكانها في المصحف، ولكن لا أدري ماذا يقول هذا القائل إذا علم أنَّ المؤلف نقل كل هذه النقول من تفسير الكشاف، وعين في هامش صفحة 13 من كتاب (بالجزء والصفحة)، من كتاب الكشاف، وفي هذه الصفحة تفسير هاتين الآيتين؟!.

والمؤلف من المؤمنين بالسيد رشيد رضا، وهو يتكئ عليه في كثير من بحوثه إذا وافقت هواه، والسيد يقول بالحرف الواحد: (والمراد أنَّه ليس مما تبيحه النبوة ولا الإيمان ولا مما يصحُّ وقوعه من أهلهما: الاستغفار للمشركين في حال من الأحوال حتى لو كانوا أولي قربى). 

ويقول في نفس الصفحة في تفسير الآيتين الكريمتين: (والآية – {ما كان للنبي...} – نَصٌّ في تحريم الدعاء لمن مات على كفره بالمغفرة والرحمة، وكذلك وصفه بذلك، كقولهم: (المغفور له، المرحوم فلان)، كما يفعله بعض المسلمين الجغرافيين الآن لعدم تحققهم بمقتضى الإيمان، وتقيدهم بأحكام الإسلام).

فما قول المؤلف في هذا الكلام الواضح الحاسم القاطع؟ أعتقد أنَّه إذا سمح لنفسه أن يغفل بعض آي القرآن، فلن يسمح لها أن تغفل كلام السيد رضا؛ لأنه يأخذ عنه في كثير من الآراء.

وسنثبت له فيما يأتي من حديث: أنَّ هؤلاء الذين يطلب لهم الرحمة كفار بنص القرآن، ولكن نبادر فنذكره بقوله تعالى: [لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ] {المائدة:17}. وبقوله – سبحانه: [لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ] {المائدة:73}.

وقد جاء في سبب نزول هذه الآية {ما كان للنبي...} روايات ومنها – كما ذكر صاحب الكشاف وصحَّحه – أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة سأل أي أبويه أحدث به عهداً؟ فقيل: أمك آمنة، فزار قبرها بالأبواء، ثم قام مُستعبراً، فقال: إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي، فنزلت.

وقيل في سبب النزول: قال المسلمون: ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا وذوي قرابتنا، وقد استغفر إبراهيم لأبيه، وهذا محمد يستغفر لعمه فنزلت.

وإن تعجب فعجبٌ ما رواه المؤلف عن سيدنا علي كرَّم الله وجهه، وحقيقة الأمر أنَّ علياً قال: سمعت رجلاً يستغفر لوالديه وهما مُشركان فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: {ما كان للنبي..}.

وأما – ثانياً – فمن قال للمؤلف: أنَّ أحكام الإسلام يتحكَّم فيها العقل وحدَه؟!. 

ولكي يتبين للقارئ مدى أمانة المؤلف ننقل له عبارة الكشاف التي اقتضبها المؤلف اقتضاباً، أن الزمخشري كان يُفسِّر الآية الثانية: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه...}، فأورد سؤالاً، وأجاب عنه: 

قال: فإن قلت: كيف خفي على إبراهيم أنَّ الاستغفار للكافر غير جائز حتى وعده؟.

قلت: يجوز أن يظن: أنَّه ما دام يُرجى منه الإيمان جاز الاستغفار له، على أنَّ امتناع جواز الاستغفار للكافر إنما عُلِم بالوحي؛ لأنَّ العقلَ يُجوِّز أن يغفرَ اللهُ للكافر.

فالمؤلف قد ألغى الجزء الأولى من كلام الزمخشري، واكتفى بالجزء الثاني الذي أراد به ذلك العالم الجليل أن يعتذر عن إبراهيم، فنقله المؤلف إلى حديث يؤدي به مزعماً من مزاعمه.

والعجب – أيضاً – كيف ساقَ المؤلف قولَ النبي صلى الله عليه وسلم: (ما لم أُنْهَ) ولم يذكر أنَّ الآية نزلت تنهاه عن الاستغفار لأحد من المشركين!!.

يتبع

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين