‏إنَّ هذا العلم دين فانظروا عمَّن تأخذون دينكم?

 

 

 

ظاهرة قديمة متجددة : تتعلق بتلقي العلم والاستفتاء وتفسير القرآن الكريم ، وعدم احتراز كثير من عامة الناس والتثبت فيها، والتهاون في الاعتماد على غير المتخصصين المؤهلين فيها، كما يحترزون في القضايا الدنيوية المختلفة مما في الطب والهندسة وغيرها.

?#‏يقول? ابن القيم رحمه الله ؛ (والناس في دنيا الناس تحترز لطبيب الأبدان، ولا تحترز لطبيب الأديان ، مع ان مدار حفظ الأكوان علي طبيب الأديان)

?#‏وقد? قال الإمام محمد بن سيرين ـ رحمه الله ـ:(إنَّ هذا العلم دين ؛ فانظروا عمَّن تأخذون دينكم) .

?#‏قال? الشيخ محمد الغزالي ـ رحمه الله ـ :(قرأت كتاباً لأحد المهندسين يفسِّر حقيقة الصلاة تفسيراً لم يعرفه المسلمون طوال أربعة عشر قرناً ، فعجبت لهذا الحمق في خرق الإجماع ، وقلت: أما يجد هذا المخترع مجالاً لذكائه في ميدان الهندسة ليتقدَّم فيه بدل أن يشغل نفسه ويشغلنا معه بهذه التوافه).

?#‏وكم? قرأتُ وشاهدتُ على صفحات الفيس ومواقع الانترنيت كثيراً ممَّن على شاكلة هذا الشخص زاعمين أنَّهم مثقفون ومطَّلعون يطلقون لأنفسهم باب الاجتهاد في التحدث عنها بآرائهم ، وعندما نبهت أحد?هم -مهندس معماري- على جرأته في تفسير الآيات الكريمة تفسيراً يخالف اللغة العربية وإجماع الأمة ، فكان جوابه: أنا منسوب للنبي صلى الله عليه وسلم ، ونحن آل البيت أحق الناس بتفسير القرآن.

فأجبته : تفسير القرآن الكريم لا يتعلق بنسب الإنسان ، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه لم يستغل مكانته ليفسر القرآن بغير علم فقال كلمته المشهورة: ( أي سماء تظلني وأي ارض تقلني اذا قلت بكتاب الله بغير علم) ، وإنما الأمر يتعلق بالمؤهلات والمواصفات التي إذا أتقنها فيحق له التفسير ، وأنت مهندس معماري ولا أرى فيك توفر هذه المؤهلات .

ثم قال لي: هذه الآلاف التي تتابعني وتقرأ ما أكتبه وتثني على وتضع إعجابات هائلة ، فكلهم لا يفهمون وأنت وحدك الذي تفهم!!!

فأجبته: لو أنك وضعت مخططاً هندسياً وعرضت على بعض الخبراء المتخصصين في الهندسة واتفقوا على وجود أخطاء وألن البناء سينهار إذا قام بناء على ذلك المخطط، فلو وجدنا ملايين من عامة الناس وافقوا وأعجبوا به ، وصاروا يكيلون المدح والثناء عليك بلا حدود فهل كل ذلك له أي قيمة علمية بجانب كلام أهل الخبرة والتخصص؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!

والغريب أنَّ ذلك يحصل في كثير من المجالس وخصوصاً مجالس كثير من العوام أو غير المتخصصين في العلم الشرعي ممَّن تخصصوا في العلوم التجريبيَّة أو الطبيعيَّة أو غيرها ، وكانوا بعيدين بُعد المشرقين عن البحث والاطِّلاع في أصول الشريعة ومحكماتها، فتجد كثيراً منهم يلتُّ ويعجن في المسألة التي قد تكون مشكلة ، ولو عرضت على عمر ـ رضي الله عنه ـ لجمع لها أهل بدر ليتباحثوا فيها ، ويعطوا الحكم الشرعي المناسب لها المبنيا على الكتاب والسنة! وإن طرحت على أهل العلم أعطوها حقَّها من البحث والتفكير ، ورحم الله زمناً جاء فيه أنَّ الإمام مالك قال:(إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة ، فما اتَّفق لي فيها رأي إلى الآن) وقال:(ربما وردت علي المسألة فأفكر فيها ليالي) [ترتيب المدارك1/178].

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين