استشهاد الأحرار نور في طريق الرجاء

 

رغم تسليمنا بقدر الله تعالى، وحمدنا وشكرنا له جل وعلا على كل حال، فإن العين لتدمع، والقلب ليحزن، وإنا على فراق هؤلاء الأحبة - خمسة وأربعون قائداً وفي المقدمة منهم، الشيخ حسان عبود (أبو عبدالله الحموي) - من المجاهدين المصابرين المرابطين، لمتألمون ومحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.

 

ورغم ملابسات الموضوع وغموض تفاصيله إلى هذه الساعة، لكن الواضح من معالم الجريمة، أن المستفيد الأول من هذا، هو نظام الجريمة الأسدي، ومن في صفه، بطريقة أو بأخرى.

 

نهض هؤلاء الإخوة بحمل الأمانة، في مواجهة ظلم الظالمين، وفجور النظام وإجرامه، ومن معه وناصره وسانده من قوى الشر والظلام، وعشاق الفجور والفوضى الدموية التي لا تبقي ولا تذر.

 

وكانت هذه الحركة، تحمل على عاتقها أمانة المسؤولية، فما لانت، ولا استكانت، ولا تراجعت، ولا تخلت، من هنا كانت شوكة، في عين هذا النظام المجرم ومن معه، حيث دبرت لهم مثل هذه المكيدة، وهم مجتمعون في الداخل السوري، في إدلب الخضراء، يناقشون أوضاع الثورة، ويبحثون عن أسباب النصر، ويخططون لمناصرة الثورة، لتلاحقهم يد الغدر والجريمة، فيرتكب بحقهم هذا الفعل الوحشي المشين.

 

(وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ {169} فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {170} يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ {171} الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ {172} الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ {173} فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ {174} إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {175} ‏) (آل عمران).

 

علم هؤلاء الأحبة، أن الواجب الشرعي، يملي عليهم التضحية بالغالي والرخيص والنفيس، من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل، الذي سعوا من أجله، على طريق الحرية والكرامة والعدل والحقوق.

 

فمضوا في الطريق، لا يبالون بالجراح، ولا يقعدون بسبب الضيق.

 

ويقومون بالواجب، وهم يرون خذلاناً دولياً، وصمتاً عالمياً، وإن بصور متحركة، مع اختلاط في الصورة، في المواقف هنا وهناك، لترسم لوحة ناطقة، بمقولة: إن شعباً يذبح من الوريد إلى الوريد، بكل أنواع الذبح وأشكاله، على مرأى ومسمع كل الناس.

 

لا يأس، ولا تردد، ولا إحباطاً، بل الصبر والثبات والتضحية، فهذه أخلاق المجاهدين المصابرين، بل نرى الشهادة طريقاً نحو الرفعة والسؤدد والسمو، والأجر والثواب.

 

هذا هو الطريق، ومن ظن، أن الأمر خلاف ذلك، فعليه أن يراجع حساباته، طريق مفروش بالشوك، ومعبد بالمعاناة، ومرصوف بالبلاء، وبشر الصابرين.

 

لكن الميزة في هذا الطريق، أنها مأمون العواقب، ومضمون النتائج، حتى يحصل المرء على إحدى الحسنيين؛ "النصر أو الشهادة".

 

وفي خضم هذا الحدث ما أحوجنا إلى وحدة الكلمة، ورص الصف، والتعاون في الخير, والتعاضد من الاجتماع على هذا المشروع المبارك.

 

(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ {4}) (الصف).

 

وها نتوجه للأمة، أن يلتفتوا لما يجري في بلاد الشام، في سورية، فالمصاب أليم، والبلد تحترق من طرفها إلى طرفها، والبراميل المتفجرة، لا تكاد تتوقف، حيث تسقط على رؤوس الآمنين، حيث الأعداد الكبيرة من الشهداء والأرامل والأيتام والجرحى والمعوقين والمشردين واللاجئين والجرحى والجوعى.

 

كل هذا يستلزم وجوب المناصرة، وضرورة الإسناد؛ "والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه".

 

وهنا أذكر بوصيتي رقم (8) من الوصايا العشر للمرابطين: "خذوا حذركم"؛ الحذر من الاختراق الأمني، والغزو الفكري، والتجسس المريع، والشائعات الفظيعة، والحرب النفسية المعقدة، ولا يغرنك لحن الخطاب وجماله، فالعالم كله له مصالح في الشأن السوري، وهو يتابعكم، ويرصد حراككم، مع وجوب تقديم حسن الظن مع البحث والتحقق والتحري؛ "فلست خباً، ولا الخب يخدعني".

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين