البراهميون والتدين المريح

 قرأت لجوليا جيلارد رئيسة وزراء أستراليا  وهي تخاطب أحد المتدينين الإسلاميين في استراليا تقول له:أنت متعصب فلماذا لا تذهب وتسكن في السعودية أو إيران؟ ولماذا غادرت دولتك الإسلامية أصلاً؟ انتم تتركون دولاً تقولون عنها أن الله باركها بنعمة الإسلام وتهاجرون إلى دولٍ تقولون أن الله أخزاها بالكفر ، ذهبتم إليها من أجل الحرية والعدل والترف والضمان الصحي والحماية الاجتماعية والمساواة أمام القانون وفرص العمل عادلة ومستقبل أطفالكم وحرية التعبير،إذن لا تتحدثوا معنا بتعصب وكره فقد أعطيناكم ما تفتقدونه في بلادكم.احترمونا أو غادروا !

المصدر:

http://www.politiquetimes.com/maroc/news.php?action=view&id=6537

- "احترمونا أو غادروا "كلمة أثارت في نفسي أن اكتب عن ظاهرة التدين المريح!! هي صناعة. صنعها المشروع الصهيوني برعاية مخابراتيه إقليميه، والمغرر بهم لا يدرون ، لقد صُنع قطبين لمقاومة المشروع الإسلامي الوسطي كي لا يخرج إلي النور.أحدهما قطب الانحلال واللهو والغناء الفاحش واللعب والذي يؤدي إلى الفساد الأخلاقي ولا شك أنهم قد حققوا  بعض ما يرمون إليه ونري ذلك حيا في واقعنا ونري أثره.لكن أثره ذلك لم يغير في فكر ووعي  الكثير من الشباب فكان ولابد من صناعة أخري موازية وهي الأهم لهم، ممثله في قطب آخر يسمى بالتدين البديل"المريح"والذي يهتم بظواهر الدين دون جوهرة وليشيع الفرقة ويضيع الجهد والوقت وكتابات القلم في الخلافات. وبدا أثرة فلم يبال صاحب التدين المريح ولم يتحرك له ساكن أيام فساد وطاغوت اللامبارك،وذلك حين مات الآلاف بل الملايين من أبناء مصر بسبب المرض أو الحوادث من ضحايا القطارات والعبَّارات الغارقة والعمارات المنهارة ومرضى الفشل الكلوي والكبد والسرطان بفضل مبيدات يوسف والى ،وكلنا  نذكر طائرة القادة 208العائدون من أمريكا بعد دورات التدريب علي السلاح الأمريكي قتلوا جميعا وتخلف عنها السيسي.حين أُطلق عليها صاروخ في المحيط ولم ببقَ منها شيء،فلم يعبأ بهم نظام اللامبارك وخرست ألسنة البراهمة عندئذ، لكن كل هؤلاء الضحايا في نظر الإسلام الشمولي(لا البديل) هم ضحايا الفساد والاستبداد والظلم ومن رضوا بالراحة بديلا عن السجن والتنكيل لكلمة حق عند سلطان جائر.

- نحن هنا لا نحكم علي النيات، نعم لنا الظاهر والله هو المطلع علي السرائر لكن بعد انكشاف الأقنعة إثر الانقلاب الفاشي كُشف ما وراء الظاهر. فالأنظمة  المخابراتية ترحب بهذا التدين المريح فصنعته لأن له دوره ووقته الذي تحتاجه فيه،وقد حان ،فأعطوا له الفرص وفتحوا له الباب ليلتف حوله السذج الطيبين وكان. فأخذه بعض الإمعة كتقليد اعمي.ولتدب الفرقة بين التيارات الفكرية لأن هذا التدين البديل يعفي النظام من المسؤولية عما استرعاه الله وما يسميه البراهمة"الحاكم المتغلب" ففي عرف الإسلام الحقيقي يكون الحاكم هو المسئول الأول عن مشاكل المواطنين في بلاده ،والتدين المريح لا ينظر إلى من يعانى الفقر والبطالة على أنها مسؤولية الحاكم بل سوف يرجع ذلك إلى أحد احتمالين: إما أن هذا الفقير وهو منهم  قد قصر في العبادة ولذلك فإن الله يعاقبه، وإما أن الله يختبره بهذا الشقاء فعليه أن يصبر ولا يعترض ولا يعزي كل ما يحدث من قهر وظلم واستبداد إلي تلك الأنظمة الفاسدة وحجته في ذلك ما رواه الشيخان عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات، فميتته جاهلية "متفق عليه. إن ما فعله الانقلابي ليس مجرد أمر نكرهه في خُلُقه إنه قتل وحرق المساجد وسجن العلماء وخان وحنث في يمينه فهل هذا جائز" لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " لقد نسي أصحاب الولاء والبراء.حديث ابن عمر مرفوعا" السمع والطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة) ونحن رأينا وسمعنا وشممنا رائحة الدم والحرق والقتل في رابعة الصمود والظلم يكاد يشمل كل مظاهر الحياة اليومية  في مصر فلا دولة ولا قانون.وصاحبنا "التدين المريح "يقول نخشى أن تصيبنا دائرة!! لقد قال الله عن المنافقين" فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى? أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ? فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى? مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ"52 المائدة. وبالفعل لم تصبهم الدائرة ولا الأذى بل أصابت المصلحين المرابطين المدافعين عن الحق والشرعية، وهؤلاء سيكون لهم الفتح والنصر من الله،

- لقد سألت السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها النبي صلي الله عليه وسلم }أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث{ فلم تقل رضي الله عنها "المصلحون"لأننا نقرأ في كتاب الله }وَما كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ?لْقُرَى? بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ117{هود.وهذا ما أعنيه.إنَّ الصالحين بيننا كُثر ولكن ما أثرهم؟ ولا أقصد بالصالحين هنا"حزب الزور البراهمي" فالسلفيين الحقيقيين منهم براء،بل اقصد  أصحاب التدين المريح وهو الأخطر على امتنا والذين استتروا وراء فتوى البراهمي طلبا للراحة.والذي ترغبه الأنظمة المستبدة التي على شاكلة الانقلابي الخائن، فلا ترفع لهم راية ولا يسمع لهم صوت بل يكفيهم  شرفا أن من ساقوهم وأفتوا لهم بجواز الانقلاب على ولي الأمر الشرعي"محمد مرسي" أن جلسوا على منصة الانقلاب وأمِنوا! هذا إن أمِنوا بعد ذلك!!

- في كلمات كتبها الدكتور مصطفى محمود في مقالة"أمام قبر الرسول" صلى الله عليه وسلم يقول فيها "وقفت أمام قبر الرسول الكريم مُنكس الرأس حياءً و قد هَرَبَت مِني الكلمات كُلّي حياء منك يا رسول الله أحسنت التبليغ عن ربك وما أحسنّـا وأحسنت النصح لأمتِكَ وما نصحنـا وحملت كتابك بقوة وما حملنا وانتصرت للحق وما انتصرنـا واكتفى بعضنا بلحيته،وقال هي سنَّتَك وقصّر البعض جلبابه،وقال هو أمرك واستسهلوا السهل،وخانوا الأهل،واكتفوا من الدين بقشرته،ومن الجهاد بسيرته.وقعدوا وقعدنا معهم ورَكِب أكتافنا الدون والسُوقة ورِعاع الناس وشذاذ الآفاق ، وسفكوا دماءنا واستباحوا أرضنا وشتتوا شملنا"

- إن هذا التدين البديل مريح وخفيف ولا يكلف جهدا ولا ثمنا ولا نفساً، بل يأمن بجوار الحاكم المتغلب!!وأما الدفاع عن مبادئ الإسلام الحقيقية ،التي هي الشريعة والشرعية والعدل والحرية فهي  مسألة محفوفة بالمخاطر حتى يصل الأمر أن يقول أحدهم"البرهاميٍ" إننا نتعبد إلى الله بترشيحنا للسيسي. وهو ما يجعل السذج المغرر بهم  ينحون إلى هذا المنحى(التدين المريح ) والذي لا يكلفهم شيئا،فهو يمنحهم إحساسا كاذبا بالطمأنينة والرضا عن النفس لقد قال الله عن المنافقين" إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }50آلتوبه

- إن الذي يتبنى ظاهرة التدين البديل "المريح" يصوم ويصلي، ويلزم زوجته وبناته بالنقاب، وربما يشترك في مظاهرة ضد رسوم دنمركية أو منع حجاب في فرنسا ويندد بالكليبات العارية، وكل هذا ظاهره خير وهو بالفعل خير,لكن أن  يُعتقد بعد ذلك أنه قد أدى واجبه فليس هذا ديننا. إن الإسلام العظيم قد دفع بالمسلمين يوما ليقودوا العالم ويعلموا البشرية الحضارة والفن والعلم وقبل ذلك سماحته وقيمه وان يعبِّدوا الأرض لله ويعمروها وان يضحوا في سبيل ذلك بكل غالي ،أما التدين المريح الذي أدى بنا إلى هذا الهوان الذي نعيشه.وأدى بالبعض إلى السلبية بل إلى الانبطاح، فانجر البعض"إلى السلوك البرهامي"الذي جعلهم  يقفوا مع الانقلابي يد بيد بل ويشرعنون له القتل والخيانة فهذه رأس الفتنة فأين الولاء والبراء؟ إننا نريد من المغرر بهم أن يعودوا إلى الجادة معنا صفا واحدا ضد المفسدين الانقلابيين.أعود وأكرر.(سُئل رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثُر الخبث)وقد كثر!! فلا يكفي أن تكونوا صالحين يا أصحاب التدين المريح وتركنوا للظالمين فتمسكم النار بفتوى برهاميه، فالإسلام دنيا ودين،إننا نمتلك الإرادة لنغير واقع مصر الأليم ،بأن نتبنى منهج الإسلام الوسطي الشمولي لا أن يكون التدين الظاهري بديلا عنه يقوده "حزب الزور البرهامي غير السلفي "فاحترموا دينكم  أو أغربوا عنا"

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ولا تجعله متلبسا علينا فنضل واجعلنا للمتقين إماما"

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين