التداوي بالصدقة

حدثني أحدُ أعلام العمل الخيري في قطاع غزة، أن أحد الخَيِّرِينَ من مدينة خان يونس قام بِكَفالة يتيمٍ على هيئةِ مبلغٍ ماليٍّ يصلهُ شهريًا، وقد ابتدأه قبل سنواتٍ ستة، وقدر الله تعالى أن يُصاب ولدُه بِسَرطان الدم قبل عدة سنوات، فذهب إلى أطباء غزة، وإلى الخارج، ولكن بلا جدوى!

ثم إنه جاءني قبل ستة أشهر، وتحديدًا في مطلع عام [2011م] وتكفل يتيمًا آخر؛ بِنَيِّةِ شفاءِ ولدِه، واستجابة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: " دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ " البيهقي / السنن الكبرى (3/382)، فيقول: والله لقد شُفِيَ الولدُ الآن تمامًا قبل مضى ستة أشهر عليه، حتى ذُهِلَ كلُّ الأطباءِ الذين عالجوه ! وشكرًا لله تعالى جاءني وتكفل يتيمًا ثالثًا !

وقال لي: والله إني لأعيش الآن بِسَعادةٍ وبركةِ مال، ورزقني ربي بأولاد حفظوا كتاب الله تعالى، وقد زارني في البيت قبل أيام، وقال لي: والله إني لأشعر بسعادة لو كانت هي نعيم أهل الجنة في الجنة؛ لكانُوا فِي عيشٍ طيبٍ !

 

وهذا رجل آخر بمدينة غزة رزقه الله [8] بنات، ثم رزقه اللهُ ولدًا، فطارَ بِهِ فَرِحًا، وشاء الله تعالى أن يمرض الطفل مرضًا شاقًا عليه، فقد أصيبت صفيحات الدم عنده، حتى أصبحت [29 درجة]، فإذا ضربه أحدٌ يُصاب بِتَجَلُّطٍ في الدماء، فذهبوا به إلى ألمع أطباء فلسطين، والأردن، ولكن بلا جدوى كثيرة، وجلس أبواه يرقبانه بألم، ويدعوان الله له بالشفاء !

ثم أخذه أبوه إلى المدرسة، وشرح لِمُدِيرها ظروفَ ولده؛ لئلا يضربه أحد، وأثناء خروج الأب من المدرسة لاحظ أن أطفال المدرسة يشربون الماء المالح، وبجوار المراحيض، فاشترى خزان ماء، ووضعه في المدرسة، وكان في كل يوم يُوَفِّر الماء على حسابه الخاص !

وبعد أيامٍ من عذابات العلاج؛ رأى الأب في نومه [4] من الملائكة أخذوا ولده، ووضعوه على طاولة كَطَاولةِ العلميات، وأجروا له العلمية، فبدأ الأب يكبر: اللهُ أَكبَرُ.. اللهُ أَكبَرُ.. اللهُ أَكبَر!

فاستيقظ مُكَبِّرًا، فَفَزِعَت زوجته، فقال لها: أبشري! لقد شَفَى اللهُ ولدَنَا من مرضه !

وما إن هَلَّ الصباح حتى ذهب به للفحص الطبي، فكانت النتيجة أن صفيحات الدم عنده أصبحت [590 درجة] بدلًا من [29 درجة]؛ فلم يصدق الدكتور، وشك في جِهَاز الفحص، فأرسل المريض إلى طبيبٍ آخر للتأكد من سلامة الفحص؛ وبعد الفحص الثاني تبين أن الولد شُفِيَ تمامًا؛ فلما ذهبوا إلى الطبيب الأردني وأخبروه هتفَ قائلًا:

نحن الأطباء نُعَالج المرضى، لكن الله هو الذي يَشفِي المَرضَى !

 

وأختم هذه السحابة بكلم نفيس لابن القيم جاء فيه:

إن للصدقة تأثيرًا عجبًا في دفع أنواع البلاء، حتى لو كانت من فاجرٍ أو ظالمٍ بل من كافرٍ، وهذا معلومٌ عند أهل الأرض كلهم، خاصتهم وعامتهم؛ لأنهم جربوه، وقد ورد في بعض الآثار: " بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ؛ فَإِنَّ الْبَلاَءَ لاَ يَتَخَطَّاهَا "! ابن القيم / الوابل الصيب ص (49).

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين