الثورة السورية

هبت رياح التغيير في البلدان العربية، واستيقظ المارد العربي من سباته ونومه -الذي دام طويلاً- على القهر والاستبداد والظلم، عندما تفجرت الثورة في تونس ضد حكم بن علي، وفي ليبيا ضد معمر القذافي، وفي مصر ضد حسني مبارك، وكان الشعب السوري يرقب تطورات المشهد من بعيد، ثم ما لبثت أن اشتعلت شرارة الثورة في درعا الأبية. وظن الشعب السوري أن الأمر لن يطول كما في البلدان الأخرى، وإذا بها تطول سبع سنوات عجاف كسني يوسف عليه السلام في مصر. والتي ذكرت في القرآن في رؤيا الملك: {إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات} (يوسف: 43). 

لقد مرت هذا السنوات العصيبة ببطء شديد، وخلَّفت لنا ذكريات مؤلمة وراها، مئات الآلاف من الشهداء، والجرحى، والمفقودين، والمعتقلين، وملايين من المشردين في بلدان الشتات، ودموعاً وآهاتٍ لا تنتهي، تصحبها أنات الثكالى، وصيحات الأرامل، وبكاء اليتامى. 

كلُّ ذلك والجزار ما زال يعمل آلة القتل والإجرام، ويستعين بكل قوى الشر في العالم للقضاء على أطهر وأنقى ثورة عرفتها البشرية في العصر الحديث.

لقد مضى على الحرب في سوريا سبع سنوات أَكلت كل شيء، أفنت اللحم، ودقت العظم، وأصبحت لعب الأطفال فوارغ الرصاص بدل المكعبات الجميلة، وأصبحت أواني الورد تصنع من بقايا القذائف التي لم تنفجر...إنها إرادة الحياة التي لن تقتل فينا بعون الله !!.

ولكن مع ذلك فالأمل لا زال موجوداً بحمد الله، وإن الله تبارك وتعالى سيمكن لأهل الحق والعدل في الأرض، وسيهلك الظالمين، كما وعد في أكثر من موضع من كتابه العزير بمنه وفضله. قال تعالى: ?ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون? (القصص: 5-6).

واسأل العلي القدير أن تكون السبع العجاف في الثورة قد أوشكت على نهايتها في بلدي الحبيب سورية، وأن تأتي سني الخير والوفرة، ويخضر الزيتون من جديد، وتعود سوريا بلد الخير والعطاء كما كانت في السابق. 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين