العراق علي خطا سوريا أم العكس؟

 

ملاحظة مبدئية: "المقصود بالمسلمين هنا هم أهل السنة والجماعة فبعد الثورة السورية الفاضحة لم يعد هناك مسلمون شيعة ومسلمون سنة. هناك مسلمون وهناك بالمقابل دين شيعي لا علاقة له بالإسلام"

 

بدأت الأمور بالتوضح في العراق التي تسبق سوريا بخطوات من حيث صيرورة الثورة في البلدين.

 

في العراق اقتنع المسلمون أخيراً، وبعد احتلال أمريكي تبعه احتلال إيراني استمرا عشر سنوات، بفكرة التقسيم وأنها الحل الوحيد لأزمة المسلمين هناك.

 

يقوم المسلمون الآن بتنفيذ هذا التقسيم بأنفسهم وبالقوة، بعد أن كانوا يرفضون مجرد الحديث عنه.

 

إيران أمامها اليوم حلان: الأول أن تواجه هذه الثورة بمعونة أمريكا وبحجة مكافحة الإرهاب مواجهة مباشرة، أو، وهو الحل الأفضل والأسلم، ستترك الأمر يسير إلى نهايته وستكتفي مع ميليشياتها القديمة والجديدة بالحفاظ على حدودها وبالصراعات الصغيرة على بعض المناطق الهامة مثل آبار النفط والقرى والأماكن المختلطة التي لا يمكن تهجير الشيعة منها. بعد استقرار التقسيم سيتفرج الجميع على المسلمين وهم يذبحون بعضهم بأيديهم داعش من جهة لأنها مصممة على الاستئثار بكل الغنيمة وإقامة ما يسمى زوراً وبهتاناً دولة الإسلام، والعشائر والبعثيون وكل من سيرفض حكم داعش من جهة أخرى. وهذا سيوفر على أمريكا  وإيران التدخل العسكري وقد يترافق هذا مع قصف جوي أمريكي لبعض المواقع زيادة في تهجير المسلمين من العراق.

 

في نفس الوقت تستطيع إيران بكل سهولة التخلي عن المالكي واستبداله بمن هو أسوأ منه أو أفضل منه فقائمة خدامها في العراق طويلة جداً تستطيع اختيار من تشاء منهم.

 

سيترافق هذا مع زيادة تهجير المسلمين من العراق وتناقص نسبتهم تحرزاً للمستقبل بحيث لا يشكلون خطراً على أحد بعد قيام دولتهم التي ستكون شبيهة بدولة الصومال ولن تهدأ فيها الحروب ولا بعد عشرين سنة.

 

التحرز الوحيد هو محاولة الثوار أو داعش الدخول إلى بغداد وإلى مناطق الجنوب الشيعية وهذا ما سيفتح المجال للتدخل الخارجي الذي رسم الحدود المسبقة للدولة المسلمة وللدولة الشيعية الإيرانية وللدولة الكردية. أعتقد أن هذه ستكون خطوطاً حمراء حقيقية.

 

سوريا تلحق العراق على نفس الخطوات: يجري حاليا بعد أربع سنوات التمهيد للتقسيم نفسياً وصار الكلام عنه علناً وعن عدم جدوى استمرار القتل والثورة وعن الحل السيساسي وعن مصالحات وعن بقاء الأسد وعن الكف عن سفك الدماء وعن عدم وجود معارضة قادرة على فرض حل ما وعن الخيانات والسرقات وتوقف المعارك فجأة وعن انتصارات متبادلة وانتصارات في مناطق معينة مسموح فيها بالانتصار... الخ

 

الأيام القادمة والتي قد تطول إلى سنوات ستشهد نفس السيناريو العراقي: داعش تتحالف تكتيكياً مع بعض الفصائل وتحقق انتصارات في الجبهات التي ستتشكل فيها دولة المسلمين سيستمر تهجير المسلمين والمعارضين من الملل الأخرى، من كل المناطق التي ستبقى خاضعة لإيران والأسد.

 

مشكلة إيران في سوريا أنه لابديل لديها عن الأسد بعكس المالكي، والمشكلة الثانية هي عدم قناعة كل الناس حتى الآن بفكرة التقسيم والمشكلة الثالثة هي الكتائب التي تقاتل بصدق وإيمان وإخلاص وأخيراً الخسائر المتزايدة لحزب الله وللميليشيات التابعة لإيران في سوريا. هذا كله يطيل أمد العملية هناك وهذا ما يراهن عليه الشعب السوري الثائر.

 

لهذا ستكون تجربة العراق فرصة للتأكد من النتائج في حال تكرار هذه التجربة في سوريا وقد تتداخل الأمور بحيث تتمدد دولة المسلمين إلى الأراضي السورية منذ الآن نتيجة التفوق العسكري للثوار في العراق واستفادة داعش من هذا التفوق.

 

إيران وأمريكا ستراهنان حتماً هنا أيضاَ على داعش الذي يبدو أنه حالياً الحصان الرابح، لا مانع من السيطرة على حوض الفرات إلى حلب ويبقى الشمال بيد الأكراد والساحل بيد الأسد.

 

المشكلة التالية هي درعا ودمشق والحدود مع فلسطين المحتلة، وهل ستبقى درعا على تواصل مع الشمال عن طريق البادية فقط وتبقى دمشق تابعة للأسد؟ الوضع سيكون مكلفاً جداً عسكرياً وأعتقد أنه حل غير مقبول، وسقوط دمشق سيعد انتصاراً معنوياً كبيراً للثوار لن يُسمح به، أعتقد أن دمشق هي من العقد التي لم تحل حتى الآن في الموضوع. ولا ننسى وجود 800 ألف علوي في عشوائيات حول دمشق, وكذلك الفرقة الرابعة ومطار المزة العسكري. وقد تكون عقدة دمشق هي السبب فيما نسمعه دوماً من الغربيين أن الحل السياسي لم ينضج بعد.

 

المهم أن الدولة التي ستعطى للمسلمين ومن معهم من الرافضين للأسد، ستبقى أيضاً في حالة صوملة وحرب طويلة الأمد وعندها قد نشاهد تدفقاً للسلاح الممنوع حالياً على الثوار.

 

هذا باختصار الوضع الحالي في سوريا والعراق، لا يعني هذا أبداً أن نتوقف أو نهادن أو نتراجع وإنما يعني أن علينا أن نضع الخطط البديلة وأن نعي أمورنا وما يدبر لنا وأن نتوقف عن القتال فيما بيننا وأن نوحد هدفنا بإسقاط هذين النظامين وأن نعرف أن عدونا الأول اليوم هو إيران وأعوانها وان الأسد قد سقط منذ زمن طويل وأن المالكي ورقة محروقة.

 

شعار أعدائنا في المرحلة القادمة: دعوا المسلمين يقتلون المسلمين وتفرجوا عليهم.

قسموا العراق وسوريا إلى دول تابعة تماماً وخاضعة للخارج

  ما هو شعارنا نحن؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين