المنة لله وحده

 

(من أكرمك إنما أكرم فيك جميل ستره، فالحمد لمن سترك، ليس الحمد لمن كرمك وشكرك).

 الله ولي النعمة، وأهل الثناء أولاً وآخراً، ظاهراً وباطناً.

 قد تكون ذكي العقل بادي المواهب يثنى عليك الناس لما امتزت به من فكر ثاقب وعمل بارز.

فمن الذي صاغ معدنك وأنت جنين على هذا النحو المرموق؟.

 إنَّ المعدن الذي يُصاغ منه الإنسان هو الذي يحدد رزقه وأجله، فإن كان معدناً هشاً كان سريع الكسر، وإن كان معدناً رديئاً كان رخيص القيمة.

 من الذي خلق العباقرة ممتازين من طفولتهم؟ هو الله!!

[هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ] {آل عمران:6} 

فإذا رأيت الناس يُعلُون من قدرك، فالحمد لمن أنشأك جديراً بالرفعة.

 وكم يخطئ المرء؟ وكم يقع منه ما لو عُرف به لخدش مقداره وسقط شعاره؟.

 أحسن الله بنا أن الخطايا لا تفوح.

 فإذا المستور منا بين ثوبيه فضوح.

 لكنَّ الله تعالى يصبر ويبقيك بين الناس كأن لم يبدر منك شيء ويظل لك ما تحب من كرامة ومنزلة.

 فلمن الحمد؟ لمن يثنى عليك بلسانه؟ أم لله الذي أنعم أولاً وستر آخراً؟.

لا تنخدع عن حقيقتك

(الناس يمدحونك لما يظنونه فيك، فكن أنت ذاماً لنفسك لما تعلمه منها).

 هل أغش نفسي لأن الله سبحانه سترني فانطلقت ألسنة الناس تمدحني؟ ما يفعل هذا عاقل.

 واجب أن يكون موقفي من نفسي ثابتاً، أفتش عن عيوبها لأنقيها منها وأستحضر باستمرار ما بها من أخطاء كي أصوبها، وما فيها من نقائص كي أكملها.

 فإذا قال الناس: هو كامل، فلا أنخدع بمقالتهم عن حقيقة ما أعرف من نفسي (فأجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس).

 والعجب أن ناساً يكذبون ثم يصدقون هم أنفسهم ما اختلقوه على الناس، كما روي عن أشعب أن الأطفال تبعوه يوماً بزياطهم، فأراد أن يصرفهم عنه فزعم لهم أن عرساً بمكان كذا توزع فيه الحلوى!!

 فلما جروا إلى العرس المزعوم تبعهم أشعب هو الآخر يجرى!!

 لقد صدَّق الأكذوبة التي ألَّفها...

 إنَّ ذلك مثل من يسمع المدائح فيه فيصدقها، وهو يدري من باطن أمره أنه غير ما قيل فيه.

كان الرجل من الصالحين إذا مُدح قال: (اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني فوق ما يظنون).

 وهذا دعاء من ينصف نفسه ويخشى ربه.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

المصدر : كتاب الجانب العاطفي من الإسلام

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين