المهندس محمد شحرور يدعو للإباحية وترك ما تدعو إليه النخوة والمروءة

 

النتيجة التي توصل إليها المهندس محمد شحرور من خلال قراءته المعاصرة للقرآن الكريم

 

عندما تتأمل بعض الأفكار الحداثية التنويرية  التي ينشرها المهندس محمد شحرور عبر القنوات ووسائل التواصل تصل إلى نتيجة حتمية وهي : أنه يسعى لقتل الغيرة على الأعراض في نفوس الرجال ، واستبدالها بمشاعر التبلد والخسة والدناءة ، لتصبح استباحة الأعراض أمراً اعتيادياً في المجتمعات العربية والإسلامية كما هو عليه الحال في المجتمعات الغربية ، وكأن هذه المجتمعات الإباحية تفعل ذلك بناء على تعاليم الوحي ورسالات السماء لتصبح هي القدوة لجميع المجتمعات البشرية .

لننظر ما يقول المهندس محمد شحرور :

( هناك خمسة مصطلحات بالفصحى في قواميس اللغة العربية تسيطر على العديد من جوانب حياتنا وسلوكنا، ليس لها أي وجود في كتاب الله تعالى، ولا في المراجع الدينية .

هذه المصطلحات هي: الشرف / العِرض / النخوة / المروءة / الشهامة.

وهي مصطلحات لا نجدها أبداً في التنزيل الحكيم، لأنها مفاهيم محلية، زمانية ومكانية.

والرجل العربي إن رأى أخته أو ابنته العاقلة الراشدة مع شخص غريب : زميل دراسة أو زميل عمل أو جار، ولم يبادرها ويبادره بالضرب والشتم، إن لم نقل بالمسدس والسكين، فهو فاقد في نظر مجتمعه للنخوة والمروءة والشرف. ولو أخذنا هذه المصطلحات بمفهومها العربي، وحاولنا تطبيقها أو بحثنا لها عن مقابل عند الصيني والياباني والألماني، فلن نجد لها أثراً، ولتعرضنا للضحك والسخرية ، وبما أن الرسالة المحمدية رسالة إنسانية عالمية، فنحن لا نجد أثراً لهذه المصطلحات في التنزيل الحكيم ) .

#الجواب_العلمي:

1- هذه المصطلحات الخمس : الشرف والعِرض والنخوة والمروءة والشهامة لم يأت لها ذكر في القرآن الكريم بحروفها ، ولكن مضامينها ومعانيها دعا إليها القرآن الكريم والسنة النبوية وفق رؤية إسلامية راقية وضوابط شرعية ، فلقد بيّن الله تعالى الإنسان الكامل والنموذج الأرفع في أخلاقه وهو رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال عنه ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ، وأوضح النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاء ليتمم مكارم الأخلاق ، ومن هذه الأخلاق الرائعة التي جاء ليتممها : الغ?يرة على العرض والشرف ابتداء من المحارم من النساء والأقارب وانتهاء بأعراض أخواته المؤمنات ، واعتبر ذلك من الفضائل ومكارم الأخلاق التي ترقى بالإنسان عن البهيمية والخسة .

فهذه المصطلحات تتفق مع استنكار المؤمن من الاقتراب من الزنا بكل وسائله ابتداء من النظرة المحرمة أو الخلوة أو الاختلاط ، وتنسجم مع استبشاعه للفاحشة سواءت كانت ظاهرة أو باطنة . 

والغ?يرة تعني : الحَمِيّة والأَنَفَة ، وهي تلتقي في مضامينها مع معاني الشرف والعِرض والنخوة والمروءة والشهامة ، ولذلك عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه يقول : لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ، مِن أجل غيرة الله حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن ) رواه البخاري ومسلم.

2- هناك أخلاق رائعة يتفق عليها جميع العقلاء والنبلاء لم تأت في القرآن بأسمائها مثل : الجود والكرم وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم ، ولكن المبادئ التي دعا إليها الإسلام تحث عليها ، ودعا إليها القرآن بطريق غير مباشر ، فلا يليق أن يقال بسبب عدم التصريح بها أنها قضايا زمانية ومكانية تتغير بتغير الزمان والمكان .

ولا يصح أن يقال : إذا كان هناك شعب من شعوب الأرض اعتاد على عدم الكرم وعدم إغاثة الملهوف أن هذا من العادات الحسنة التي ينبغي للشعوب الإسلامية أن تتقبلها في مجتمعاتها .

وإنك عندما تتأمل مضامين هذه المصطلحات الخمس تجدها متفقة مع رسالات الأنبياء ودعوات المصلحين العقلاء، فالشَّرَفُ معناه الحَسَبُ بالآباء والمَجْدُ ، وهذا لا يكون الا بنسب أصيل بعيد عن الزنا الذي ينتج عنه ضياع الأنساب ، وعكسه العار والسفالة ، وعِرْضُ الرجل: حَسَبُه ، يقال: فلان كريم العِرْضِ أِي كريم الحسَب ، وعكسه العار والوضاعة ، والشَّهامة تعني: الحرص على الأعمال العِظام؛ توقعًا للذِّكر الجميل عند الحقِّ والخلق ، وعكسها السفالة والوضاعة ، والنَّخوَة هي الحماسة والمُروءة والعزة  ، وعكسها : الذلة والهوان ، والمروءة تعني : العِفَّة وكمال الرجولية ، و إتيان الحق ، والتباعد من الخلق الدنيء ، فهي آداب نفسانيَّة، تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق، وجميل العادات ، وعكسها : الخسة والدناءة .

2- إذا كانت هناك عادات غير صحيحة وسيئة انتشرت في بعض المجتمعات العربية ينتج عنها تضخيم زنا النساء والتهوين من زنا الرجال فهي عادات جاهلية فالكل في نظر الشرع حرام ، والأحكام الشرعية تنطبق على الزانية والزاني بنفس الشروط والضوابط دون أي تفريق بينهما .

3- والغريب أن المهندس شحرور يستنكر على الرجل العربي غَـيرتَـه ونخوته عندما يجد أحداً من محارمه مع رجل أجنبي لا تربطهما علاقة زواج فيقول : ( والرجل العربي إن رأى أخته أو ابنته العاقلة الراشدة مع شخص غريب زميل دراسة أو زميل عمل أو جار ، ولم يبادرها ويبادره بالضرب والشتم ) والمطلوب إذاً أن يسكت عن ذلك ليصبح أمراً اعتياداً حتى ولو نتجت عن هذه اللقاء ملامسات وتقبيل ومضاجعة وزنا فهي حرية شخصية في منظور المهندس شحرور لأن للأخت والبنت كامل الإرادة المستقلة فهي ولية نفسها تفعل ما تشاء ، لذلك يقول في لقاء معه عندما سئل : ( هل تسمح لي أن أصادق أختك أو ابنتك ؟

فأقول : إن أختى وابنتي ليست متاعاً أو سيارة أملكها حتى أسمح أو لا أسمح ، لأن المرأة لها إرادة كالرجل فهي تقرر أمرها ) .

بهذه البساطة يجيب شحرور أن المرأة تقرر أمرها فلا يكون لشرع سلطة عليها ، ولا قيمة للمبادئ والقيم حتى ولو انتهكتها .

وهذا أقل ما يقال فيه الرضا بانتشار الإباحية والسكوت على الفاحشة حتى ولو فعلها أقرب الناس إليك فلا علاقة لك بهم : فدعهم وشأنهم، وهذا ينطبق عليه قول الحق سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ? وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) .

وبهذا فإن المهندس شحرور سبق بهذا الطرح عندما يرضى بهذه العلاقات المحرمة لابنته وأخته : سبق ما كانت عليه الجاهلية قبل البعثة المحمدية ، فإن أحدهم حتى ولو كانت تسمح له نفسه الخبيثة بارتكاب الفاحشة ولكن تأنف نفسه أن يرضى ذلك لابنته وأخته لذلك عندما أَتَى شابٌ إلى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَا رَسُول اللَّه اِئْذَنْ لِي بِالزِّنَا"، فَأَقْبَلَ الْقَوْم عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: "مَهْ مَهْ"، فَقَالَ: «ادْنُهْ»، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا فَقَالَ: «اِجْلِسْ»، فَجَلَسَ فَقَالَ: «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّك؟» ، قَالَ: "لَا وَاَللَّه, جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك"، قَالَ: «وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ» ، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِك؟» ، قَالَ: "لَا وَاَللَّه يَا رَسُول اللَّه جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك"، قَالَ: «وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ» ، قَالَ «أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِك»، قَالَ "لَا وَاَللَّه, جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك"، قَالَ: «وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ» ، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِك؟» ، قَالَ: "لَا وَاَللَّه", جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك قَالَ: «وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ»، قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِك؟» ، قَالَ: "لَا وَاَللَّه، جَعَلَنِي اللَّه فِدَاك"، قَالَ: «وَلَا النَّاس يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ» ، قَالَ فَوَضَعَ يَده عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اِغْفِرْ ذَنْبه وَطَهِّرْ قَلْبه وَأَحْصِنْ فَرْجه»، قَالَ فَلَمْ يَكُنْ بَعْد ذلك شيء أبغض إلي منه - أي الزنا - ) رواه أحمد

4-  ولنتأمل إلى النظرة المعكوسة التي يعرضها المهندس شحرور لعالمية الرسالة المحمدية وإنسانيتها عندما يقول  : 

( ولو حاولنا تطبيق  مبادئ الشرف والعِرض والنخوة والمروءة والشهامة أو بحثنا لها عن مقابل عند الصيني والياباني والألماني، فلن نجد لها أثراً، ولتعرضنا للضحك والسخرية ، وبما أن الرسالة المحمدية رسالة إنسانية عالمية،  فنحن لا نجد أثراً لهذه المصطلحات في التنزيل الحكيم ) .

فعلى حسب نظرته إذا اعتادت هذه الشعوب على الدياثة والخسة والنذالة فينبغي أن تكون مقبولة لتتحقق عالمية الإسلام : وهذا فهم مشوه لعالمية الإسلام ، فالرسالة المحمدية الخاتمة جاءت لتغير الواقع البعيد عن منهج الله ، وجاءت لتصبغ الإنسان وفق ما يحبه الله ويرضاه له ليخلصه من عاداته السيئة وأفكاره الدنيئة الذي تحط من قيمته وتجعله عبداً للشهوات دون قيود تنظمها بطريقة تحفظ له كيانه وإنسانيته .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين