بطولة عكرمة بن أبي جهل في اليرموك

رجال ومواقف

بطولة عكرمة بن أبي جهل في اليرموك


حيدر الغدير

(1)

عكرمة بن أبي جهل – الحارث بن هشام – عمرو بن عكرمة

عكرمة: "يقرأ في صوت خاشع: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:169-171] صدق الله العظيم. اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك.

عمرو: أبي عكرمة، أراك محزوناً ساهماً شارد النظرات.

عكرمة: صدقت يا بني، إن اباك عكرمة محزون ساهم شارد النظرات.

عمرو: وما الأمر يا أبي؟

عكرمة: يا ولدي عمرو!.. إنَّ أباك قاتلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم "عمرو والحارث يكرران الصلاة" في مواطن كثيرة، وصدَّ عن سبيل الله كثيراً.. وقد تذكَّرَ اليومَ ذلك كله فحزن وندِم.

عمرو: لكننا نعرف أن الإسلام يجبُّ ما قبله.

عكرمة: صدقت يا بُني، وذلك عزاؤنا وسلوانا.

عمرو: وعمي الحارث بن هشام محزون ساهم هو الآخر، ما له يا أبي؟

عكرمة: سَلْهُ يا بني، إنه إلى جوارك.

عمرو: مالك يا عمّاه؟

الحارث: يا ابن أخي، إنَّ بي مثل الذي بوالدك. هنيئاً لك يا عمرو أَنْ لم تصد عن سبيل الله كما صدَّ أبوك عكرمة بن أبي جهل، والحارث بن هشام.

عكرمة: الإسلام يجبُّ ما قبله. هذا صحيحٌ يا بُني. لكنني لا أرى دواءً لي كالشهادة في سبيل الله. والله إن فزتُ بها إني إذن لَسعيد. اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك.

الحارث: وأنا كذلك.. اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك.

عمرو: وأنا أيضاً أريد مثل الذي تُريدان، اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك.

عكرمة: لقد خرجتُ من مكة المكرمة إلى الشام وليس في نيتي العودة قط. "صمت قصير".

الحارث: ترى ماذا فعل خالد بن الوليد؟

عكرمة: يرتِّبُ الجيش، ويُعِدُّ لكل أمرٍ عدته.

الحارث: لكن جيش الروم كثيرٌ يا عكرمة.

عكرمة: نحن بالإسلام أقوى وأعز.

الحارث: صدقت!.. "صمت" إن يوم اليرموك له ما بعده. اللهم أنزل على المسلمين نصرك.

عمرو وعكرمة: اللهم آمين.

عكرمة: واجعلنا في هذا اليوم من الشهداء يا رب العالمين.

عمرو والحارث: اللهم آمين.

عكرمة: "في صوت هادئ كأنه يناجي نفسه" من يدري!؟.. فقد تكون هذه آخر ليلة في العمر، غداً تبدأ معركة اليرموك، وعسى أن أفوز فيها بالشهادة.

(2)

رجلان من المسلمين يتحدثان بحماسة هما أسامة ومعاذ – صوت مسلم ينادي

"صوت المعركة عالياً"

المنادي: يا معشر المسلمين!.. لا يهولنَّكم كثرة الروم، فإن الله ناصرنا عليهم ما صبَرنا وأطعنا.

       "يشتد صوت المعركة"

أسامة: لقد هجم الروم هجوماً شديداً يا معاذ.

معاذ: ليس هذا أول هجوم شديد لهم يا أسامة ينتهي إلى إخفاق.

أسامة: صفوفنا بحمد الله ثابتة ثبات الجبال.

معاذ: إنه فضل الله علينا.

أسامة: لكننا لم نجد ثغرة في صفوف الروم ننفذ إليهم منها.

معاذ: الثغرة لا توجد يا أسامة هكذا، إنما نصنعها نحن بإقدامنا وحسن تصرف قائدنا.

أسامة: صدقت، أما الإقدام فإنَّ لنا فيه الحظ الأوفى.

معاذ: وتصرف قائدنا؟

أسامة: حكيم عظيم، حسبك أن جيشنا يقوده خالد بن الوليد.

معاذ: سيف الله حقاً كما سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم "أسامة يكرر الصلاة"

أسامة: فأين الثغرة إذن؟

معاذ: لا أدري أين مكانها وزمانها من تدبير خالد، لكني واثق أننا سوف نصنعها بإذن الله.

أسامة: بإذن الله.

 (3)

عكرمة بن أبي جهل – عمرو بن عكرمة – الحارث بن هشام

عكرمة: "في صوت هادئ كأنه يفكر وحده" طالت معركة اليرموك، حقاً لم يكسب الروم من هجومهم شيئاً. لكننا نحن المسلمين لم نستطع حتى الآن النفاذ إلى أعماق صفوفهم.

عمرو: تُرى كيف لنا بمثل هذا النفاذ يا أبي!؟

الحارث: إنما يسهل اقتحام الحصن إنْ أُحْدِثت فيه ثغرة.

عكرمة: "فرحاً متحمساً" صدقت يا عماه. لقد أتيت بها، إنما نحن بحاجة إلى ثغرة في صفوف الروم.

الحارث: ومن لنا بها يا عكرمة؟

عكرمة: غيرك يقول هذا يا عماه.

الحارث: ولِمَ يا ابن أخي؟

عكرمة: أنت تراني مشغولاً بالأمر، وأنت كذلك، وابني عمرو مشغولٌ هو الآخر.

الحارث: صدقت.

عكرمة: فلا بد إذن أن هناك كثيرين من المسلمين في جيشنا هذا مشغولين بالأمر شُغْلَنا نحن.

عمرو: صدقت يا أبتاه.

عكرمة: غداً حين يحمي الوطيس سأهتف: من يبايع على الموت؟ فإذا اجتمع عدد طيبٌ هان أمر الثغرة بإذن الله.

الحارث: فأنا يا ابن أخي أول من يبايعك على الموت منذ الآن.

عمرو: وأنا كذلك يا أبتاه.

عكرمة: بورك فيك يا عماه!.. بورك فيك يا ولدي!.. "في صوت هادئ كأنه يناجي نفسه" اللهم إنا نسألك أن تنصرنا غداً على الروم نصراً مؤزراً، وأن تميتنا شهداء صادقين.

عمرو والحارث: اللهم آمين، اللهم آمين.

 (4)

عكرمة – عمرو – الحارث – جماعة المسلمين

"يسمع صوت المعركة عالياً" "يدور الحديث في حماسة"

عكرمة: "ينادي" من يبايع على الموت!؟

رجل مسلم: أنا أبايعك على الموت يا عكرمة.

رجل ثانٍ: وأنا كذلك.

رجل ثالث: وأنا كذلك.

الحارث: بارك الله في إخواننا هؤلاء. ما كدتَ يا عكرمة تنادي من يبايع على الموت حتى انهالوا عليك من كل مكان. أما نهجم الآن يا ابن أخي لنفتح الثغرة.

عكرمة: بلى يا عم.. ولكن دعني الآن أكرر النداء قبل أن نهاجم قلب الجيش الرومي.

"صوته عالياً متحمساً مؤثراً": يا معشر المسلمين من يبايع على الموت!؟ يا معشر المسلمين من يبايع على الموت!؟

أصوات مختلفة متداخلة: لبيك يا عكرمة.. مرحباً بالموت في سبيل الله.. نحن نبايعك فاهجم بنا حيث تريد.

عكرمة: "يبكي" بارك الله فيكم يا قوم. "في لهجة تساؤلٍ وإنكار" قاتلتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة وأفِرُّ اليوم!؟ لا.. والله لن يكون ذلك.

"صوته عالياً" يا معشر من بايع على الموت!.. أترون قلب الجيش الرومي ذاك.. فنحن هاجمون عليه هجمة واحدة.

"صوته عالياً": الله أكبر، إني لَأجدُ ريح الجنة والله، الحقوا بي فإني منطلق. "صوت جوادٍ يعدو"

الحارث: وأنا معك يا ابن أخي.. "صوت جوادٍ يعدو"

عمرو: وأنا معك يا أبتاه.. "صوت جوادٍ يعدو"

أصوات متداخلة: "في حماسة" وراءَهم يا قوم.. الله أكبر.. يمِّموا وجوهكم حيث ذهب عكرمة.

"يعلو صوت المعركة"

(5)

عكرمة – رجل من المسلمين

"يدور الحديث في هدوء من قبل الرجل، وفي ضعفٍ وتقطُّع من قبل عكرمة"

الرجل: بارك الله فيك يا عكرمة.

عكرمة: "بصوت ضعيف متقطع" وفيك يا أخي.

الرجل: لقد كان لِما فعلتَ أنت ومَن بايعَ على الموت أقوى الأثر في انتصارنا.

عكرمة: إذن فقد.. انتصر.. المسلمون.. الحمد.. لله.. الحمد.. لله.

ما فعل عمي.. الحارث.. وابني.. عمرو؟

الرجل: هنيئاً لهما الشهادة، وهنيئاً لك.

عكرمة: الحمد لله.. نصرٌ للمسلمين مؤزَّر.. وشهادة.. لنا.. نحن.. الثلاثة.. "يضعف صوت" أشهد.. أن.. لا إله.. إلا الله.. وأشهد.. أن.. محمداً.. رسول الله.

*****

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين