البعض عندما يقرأ ما كتبته في السابق عن قانون الجذب يظنّ أنني عدو كل فكر جديد وخاصة عندما يأتينا من الغرب ، وهذا غير صحيح فإنني أعشق الحقيقة العلمية التي ثبتت بالتجربة والبرهان دون النظر لمن اكتشفها .
وما يسمى بقانون الجذب لا يمت للحقيقة العلمية بشيء بل هناك من أساطين علماء الفيزياء الغربيين من أنكروه لأنه لم يثبت علمياً .
والذين يروجون لقانون الجذب على قسمين :
1- من كان على خلفية دينية مطلع على بعض تعاليم العقيدة والأحكام الشرعية : يغطي قانون الجذب ببعض الآيات والأحاديث النبوية ، ولكنه يقع في مخالفات عقدية وتفسيرات باطلة للآيات والأحاديث ، ويلوي معانيها لتتناسب حسب الظاهر مع ذلك القانون .
2- وبعضهم خلفيته الدينية ضعيفة جداً فيردد ما يقوله المدربون الغربيون فيقع في مخالفات خطيرة صريحة ، وهؤلاء خطرهم أقل من الصنف الأول .
#وهذه_بعض_المؤاخذات_الشرعية_حول_قانون_الجذب :
1- #أن الإنسان هو الذي يجذب الخير والشر لنفسه :
يعتقدون بأن قانونهم المزعوم هو ترجمة للحديث القدسي : ( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَه ) .
#الجواب:
أ- الحديث يدعونا إلى الرجاء برحمة الله ومغفرته ، والبعد عن اليأس والقنوط من رحمته .
ب- أن الله تعالى برحمة منه وفضل لم يتركنا إلى تحقيق رغباتنا من خير وشر ، ولكن قدر ذلك وفق مشيئته وحكمته ، لذلك حتى ولو استعجل الإنسان في طلب الخير أو الشر، فقد لا يحقق الله له ما أراده من الخير لأنه لا مصلحة به في عاجل دنياه وآخرته ، ولا يعجل له ما تمناه لنفسه من الشر رحمة به كما قال الله تعالى : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) .
لذلك لم يحقق الله تعالى أمنية الذين تمنوا أن يعطوا مثلما أعطي قارون عندما قالوا: ( يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عظيم )، وتيقنوا أن الخير فيما أراده الله لهم، وليس فيما تمنوه لأنفسهم : (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ? لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ).
ج- لا يفهمون مسألة الابتلاء فهماً متكاملاً ، بل يأخذون بآية واحدة مثل قوله تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) ، ويتركون بقية الآيات والأحاديث الصحيحة .
#هناك من الأقدار سببُها ما يقع من الإنسان ، وهناك محض ابتلاء من الله تعالى لحكمة يريدها الله تعالى من تكفير سيئات أو رفع درجات كما جاء في قوله تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص منالأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين· الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون· أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)، وقوله : (ونبلوكم بالشر والخير فتنة).
وكما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط) رواه الترمذي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرا يصب منه) رواه البخاري.
2- #دعوة للتراخي والقعود عن العمل بصورة غير مباشرة:
إن مروجي قانون الجذب يأخذون حديث "أنا عند حسن ظن عبدي بي" ولا يريدون فهمه في سياق الآيات والأحاديث الأخرى التي تؤكد على ضرورة اقتران حسن الظن بالله بالعمل الدؤوب وفق طرقٍ صحيحةٍ والتي منها على سبيل المثال:
ما قاله تعالى: ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ).
وإذا ذكر بعضهم العمل فيذكره على استحياء ، ولا يركز عليه كتركيزه على التخيل والتفاعل الوجداني .
3- #التقليل من التركيز على التوكل على الله والاعتماد عليه :
إن أخطر أمر يروج له أهل "قانون الجذب" ضمنياً وهم لا يعلمون هو الاستغناء عن الله عز وجل (وإن كان ظاهر حديثهم حسن الظن بالله)، إن إيمان الإنسان أن الخير والشر هو الذي يجذبه وهو المسؤول عنه.
4- #منافاته لعقيدة الإيمان بالقضاء والقدر:
المسلمون يؤمنون بأن قدر الله فوق نظرية التفكير الإيجابي، وأن الله هو من يقدر حياة الإنسان وليس الكون أو مجرد القوى الخفية، ويؤمنون بأن القدر يستلزم موضوعي التفاؤل والعمل، ويبقى في النهاية أن النتيجة بقدر الله ومشيئته وليس أن مجرد التفكير العميق يجذب بذاته ما يفكر فيه الإنسان استقلالا عن تقدير الله.
5- #الدعوة إلى التعلق بالكون رغبة وسؤالاً وطلباً :
من أشد المحاذير التي تنتج عن التعامل بقانون الجذب : فإذا أردت شيئاً فما عليك إلا أن تتوجه بطلبك للكون، والكون سيلبي طلبك ولابد.
والإسلام إنما يدعو لتعليق القلب بالله جل وعلا فإليه الرغبة والتوجه، والسؤال والطلب .
ولنسمع لهذا المقطع الذين يقول فيه ذلك المدرب : ( الكون لا يفرق بين ما تعيش وما تتخيله ، وإنما يستجيب للذبذبات التي تصدر عنك ، لذلك تخيل ما تريده ، هو مساعد جدا)
ولم يذكر خطوة واحدة عملية لكسب المال .
https://www.youtube.com/shared?ci=y07NIgBAzrI
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين
ذات صلة
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول