تفنيد ما قاله المهندس محمد شحرور في مفهوم الإسلام والإيمان

تفنيد ما قاله المهندس محمد شحرور في مفهوم الإسلام والإيمان وإثبات بطلان النتيجة التي توصل إليها

وجدت تخبطاً كبيراً وقع به المهندس محمد شحرور أثناء عرضه لمفهوم الإسلام والإيمان ، وقد خلط بينهما خلطاً عجيباً مخالفاً بذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، حيث اعتبر أن الأحاديث النبوية الصحيحة التي قررت أركان الإسلام وهي : الشهادتان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ، اعتبرها مفبركة وأُعدت لمصلحة سياسية في العهد الأموي والعباسي بهدف تمييز المسلمين عن بقية الأمم من اليهود والنصارى وغيرهم .

وإمعاناً في التشويه والتحريف اعتبر أن هذه الأركان الخمسة السابقة هي أركان الإيمان وليست أركان الإسلام ، والغرض من ذلك هو اعتبار كل ملل الأرض مسلمون بمجرد اعتقادهم بوجود الله مهما كانت طبيعة هذا الاعتقاد حتى ولو اتخذوا آلهة أخرى عبدوها مع الله وقدوسها واعتقدوا فيها النفع والضر .

وقبل تفنيد ما قاله المهندس محمد شحرور وكشف بطلان النتيجة التي توصل إليها لابد من بيان المقصود بمفهوم الإيمان والإسلام ، بناء على تتبع هذه اللفظين الواردين في جميع الآيات القرآنية فالخلاصة هي : 

1- إذا ورد لفظ الإيمان والإسلام معًا في سياق واحد في مثل قوله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) وقوله عز وجل : (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) ، 

فالإيمان يراد به : الأعمال الباطنة ، وهي أعمال القلوب كالإيمان بالله تعالى ، والتصديق واليقين ، وحبه وخوفه ورجائه سبحانه  والإخلاص له .

وأما الإسلام : فيراد به الأعمال الظاهرة التي قد يصحبها الإيمان القلبي ، وقد لا يصحبها فيكون صاحبها منافقا أو مسلماً ضعيف الإيمان .

وهذا نجده هذا في الحديث الصحيح المشهور عندما جاء جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال  :  يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلامِ؟ فَقَالَ: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِل?هَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» ، أَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ؟ قَالَ:

«أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ». 

2- وإذا ورد أحد هذين اللفظين مفرداً عن الآخر فالمقصود به دين الإسلام كله ، ولا فرق حينئذ بين الإسلام والإيمان سواء خاطبنا الله تعالى بصفة الإيمان كما قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا ) فهذا يشمل المسلمين ، أو خاطبنا بصفة الإسلام كما قوله تعالى ( فلا تموتن الا وأنتم مسلمون ) فهذا يشمل المؤمنين  .

#تفنيد_ما_قاله_المهندس_محمد_شحرور_وإثبات_بطلان_النتيجة_التي_توصل_إليها :

ما يقوله المهندس شحرور في التفريق بين المسلم والمؤمن مناقض للقرآن الكريم ، ومناقض للنتيجة التي توصل اليها من اعتبار أن النجاة في الآخرة تعمّ كذلك اليهود والنصارى وغيرهم من أمم الأرض لما يأتي :

1- القرآن الكريم صرح أن الإيمان يتعلق بأعمال القلوب من التصديق واليقين كما في قوله تعالى : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) ، ففي هذه الآية الكريمة ربط الله تعالى بين القلب والإيمان ، ولم يربط القلب بالأعمال من صلاة وصوم وحج وغيرها .

2- أنكر الله تعالى على الأعراب ادعاءهم الوصول لمرتبة الإيمان اليقيني فنفى عنهم ذلك فقال سبحانه : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) 

مع أن الأعراب قاموا بالنطق بالشهادتين باللسان وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاة وصوم ِرمضان وحج البيت : وهي كلها من أعمال اللسان والجوارج ، فأثبت لهم بهذه الأمور صفة الإسلام ونفى عنهم صفة الإيمان،  فلو كانت هذه الأمور أركاناً للإيمان لما أنكر عليهم ذلك ، ثم بعدها بيّـن لهم حقيقة الإيمان فقال : ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأمواهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ). 

3- يناقض المهندس محمد شحرور القرآن الكريم عندما يحكم بنجاة أصحاب الديانات بعد بلوغهم دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم إيمانهم برسالته وعدم إيمانهم بالقرآن الكريم ، لأن القاعدة التي انطلق منها أنه  اعتبر أن متبع الرسول صلى الله عليه وسلم هو "مسلم مؤمن" ، وأصحاب الديانات كلهم مسلمون فقط وليسوا مؤمنين ، وهذا مخالف للآيات الكثيرة التي قيدت دخول الجنة بالإيمان والعمل الصالح مثل قوله تعالى : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً ) فبناء على ذلك فأهل الديانات السابقة لن يدخلوا الجنة لأن المهندس محمد شحرور اعتبرهم فقط مسلمين ، ولم يعتبرهم مؤمنين . 

ويناقض كذلك الآية التي اعتمد عليها وهي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى? مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) فالآية حددت النجاة بالإيمان في قوله " مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ " : وليس بمجرد الإسلام الذي يصف به أهل الديانات الأخرى، ولو كانت النجاة بمجرد الإسلام لقالت الآية : "إلا من أسلم لله " .

4 - يطلق المهندس محمد شحرور "الإسلام" على جميع أهل ملل الأرض فيقول : مسلم محمدي ، ومسلم يهودي ، ومسلم نصراني ، ومسلم بوذي ، ولو سألت أي منتسب لهذه الديانات لأنكر تسميته بالإسلام إنكاراً شديداً ولتبرؤوا من ذلك ، لأنهم لا يطلقون اسم الإسلام إلا على من اتبع دين محمد صلى الله عليه وسلم .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين