جود قيس بن سعد بن عبادة

رجال ومواقف:

جود قيس بن سعد بن عبادة

حيدر الغدير

(1)

أحمد – خالد

أحمد: لقد اشتدت بي الضائقة، حتى هممت أن أستعين ببعض الكرام، فقد تجاوز الأمر ما أقدر عليه من احتمال.

خالد: وماذا يمنعك أن تفعل؟

أحمد: الحياء يا خالد، الحياء هو الذي يُلجِم لساني، فلا أجد في نفسي قدرة على حديث.

خالد: اسمع يا أحمد، إن الحياء فضيلة كريمة، لكني سأرشدك إلى رجل جواد يصون حياءك، ويحفظ قدرك، ويحمل عنك ما عجزتَ عن حمله.

أحمد: والله.. إن حدث هذا، إني به لمسرور.

خالد: أنا دليلك إلى هذا الجواد الذي تؤمل.

أحمد: ومَنْ هو؟ بورك في سعيك الكريم.

خالد: قيس بن سعد بن عبادة.

أحمد: أكرِم به!.. أمَا إنه لَجوادٌ حقاً، فقد شرَّق ذكرُ مآثره وغرَّب.

خالد: بعد عصر الجمعة القادمة، نلتقي معاً، ونذهب إلى قيس.

أحمد: إن شاء الله.

خالد: إن شاء الله.

 

(2)

أحمد – خالد – الخادم

أحمد وخالد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الخادم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. مرحباً بكم، مرحباً.

أحمد: أليس هذا منزل قيس بن سعد بن عبادة!؟

الخادم: بلى، وإني عن مولاي أرحب بكم.. تفضلوا فالدار داركم.

خالد: ولكن أين قيس بن سعد؟

الخادم: إنه نائم.. وإذا لم يكن شيء ذو بال فلا حاجة لإيقاظه. "صمت" أثمَّةَ ما تحبان أن تقولاه لي؟

خالد: "في لهجة سريعة مضطربة قليلاً" لا.. لا.. لا شيء، إنما هو أمر خاص قدمتُ من أجله ومعي أخي هذا.

أحمد: "في سرعة واضطراب" الأمر كما قال أخي خالد.. بورك فيك، وبورك في مولاك. "صمت" نستأذن الآن في الانصراف، وسوف نعود في وقتٍ آخر إن شاء الله.. أليس كذلك يا خالد؟

خالد: بلى يا أحمد، بلى، هيّا بنا.

الخادم: لا والله لا تذهبان حتى تذوقا شيئاً من طعامنا.. انتظراني قليلاً، سأعود إليكم دون تأخير.

  "صوته يخرج"

أحمد: يا سبحان الله!.. لقد حرصنا على المجيء في الوقت المناسب، إلّا أن الرجل نائم.

خالد: وليس من المروءة أن نقطع عليه راحته.

أحمد: هو ذاك، لكنني وددتُ لو كنتُ قابلته اليوم، حتى إذا أمرَ لي بشيء، سارعتُ إلى سداد الديون، وقضاء حوائج الأهل فهُم كما حدَّثتك من قبل.

خالد: ربَّما ضاق أحدنا بحالٍ يؤول إليه، لكنه ما يلبث أن يرى فيها بعد حين، خيراً غاب عنه بادئ ذي بدء.

أحمد: "في صوتٍ هادئ خجول" أتظن يا خالد، أنَّ من اللائق، أن أذكر شيئاً من حاجتي لخادم قيس بن سعد؟

خالد: لا يا أحمد، لا أرى ذلك.

أحمد: لكنه خادمٌ تبدو عليه النجابة وحسن التصرف.

خالد: وإنْ يكنْ، نحن جئنا نطلب رفد قيس نفسه.

أحمد: كما تحب. "صوت حركة ثم يدخل الخادم"

الخادم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد وخالد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الخادم: إليكم هذا الطعام العاجل. "صوت شيء يوضَع"

أحمد: بارك الله فيك. ألا يزال سيدك نائماً؟

الخادم: بلى "صمت" يبدو أن لكما حاجة لا تريدان الإفصاح عنها.

أحمد: صدق ظنك يا رجل.

الخادم: ناشدتكما بالله.. إلّا ما قلتما ما هي هذه الحاجة؟

أحمد: "في صوت متردد متقطع" لقد كنا عزمنا على إخبار قيس فحسب. "صمت" إن لي لحاجةً حقاً.

الخادم: قل ولا تتردد، فأنت في دار قيس بن سعد بن عبادة.

أحمد: ضائقة حلّت بي.. فجئت أستعين بقيس في أمرها.

الخادم: مرحباً، مرحباً.. حاجتك أيسر من إيقاظ قيس، سأدفع لك ما يطيب به خاطرك.

أحمد: "مندهشاً" ماذا؟.. تدفع دون استئذانه!؟

الخادم: ويحك يا رجل!.. إني أعلم من هو قيس. لك كيسٌ فيه سبعمئة دينار ما أعلم أن في الدار غيرها.. ولك فوق ذاك راحلةٌ وعَبد.

أحمد: "فرِحاً" شكراً لك، شكراً لسيدك، بارك الله فيكما، وجزاكما خير الجزاء.

 

(3)

قيس – الخادم

قيس: وماذا فعلتَ لهما؟

الخادم: كنتَ نائماً يا سيدي، ووجدت أن حاجتهما أيسر من إيقاظك..

قيس: ليتك أيقظتني فقمتُ لهما بما يرجوان.

الخادم: إني لَأعلم جيداً من هو سيدي قيس بن سعد بن عبادة، لذا فعلتُ لهما ما يطيب به خاطرك.

قيس: "فرِحاً مسرعاً في الكلام" أصَحِيح؟ ماذا فعلت؟ هيَّا.. قلْ لي.

الخادم: أعطيتُ صاحب الحاجة سبعمئة دينار، وعبداً وراحلة.

قيس: بورك فيك!.. بورك فيك!.. لو أيقظتني لزدتُ في العطاء. اذهب فأنت حر، جزاء ما فعلت.

*****

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين