حجاب المرأة المسلمة فريضة ربانية وتكليف وتشريف

 

وعنوان عبودية لله ومظهر يعبر عن هوية إسلامية

يحاول البعض أن يجعل من حجاب المرأة مجرد عادة عربية تتبدل بتبدل الأزمان وعادات الشعوب ، وينفي صلته بالدين .

والحقيقة أنه ليس مجرد عادة ولكنه عبادة واجبة تتقرب به المرأة المسلمة لربها باستجابتها لأمر الله تعالى ورسوله .

ولكن لا يعني هذا أننا عندما نؤكد على فرضية الحجاب أننا نهمل التأكيد على السلوك القويم للمرأة المسلمة وأخلاقها من الصدق والأمانة والعفة وقيامها بمسؤولياتها ، ووجوب التزامها ببقية الواجبات والبعد عن كل ما يسيء لدينها وحجابها .

بل يجب على المرأة المسلمة أن تعطي الصورة الرائعة لدينها وأخلاقها .

وهذه مقالة قديمة كتبتها في الحجاب : 

أنت يا صاحبة الطهر والعفاف، أنت يا من أكرمك ربي بالجمال، فكنت الزينة في أجمل مظهرها، لولاك ما اكتملت سعادة وجود إنسان، أروع صفة تحملينها أنك في إيمانك قمة في تسليمك لأمر ربك، وأعظم صفة في شخصيتك أنك ترصعينها بعبوديتك لله، فحيث كان التشريع الرباني حيث أنت في روعة الاستجابة المبنية على قناعة وطمأنينة، وعزة وافتخار.

أرأيت يا درة الكون كرامتك عند ربك، فيخاطبك عبر رسولك الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، ليرقى بك مع درر من جنسك هنَّ صفوة الكون: أمهات المؤمنين، وبنات نبيك الكريم، فأي شرف ومنزلة خصك الله بها أعظم من ذلك وأرقى، اسمعي خطاب الله لك بقلبك، وتمثليه في أعماق وجدانك، ونوري به عقلك، ليبقى جمالك مصوناً عزيزاً، ولمكان الفتنة منك مستوراً .

وقد بيّن الله تعالى لك أن لباسك الإسلامي مؤلف من خمار وجلباب، والآيتان الواردتان فيه هما: قوله تعالى {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ }، وقوله : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ }.

ولأجل أن تعرفي المقصود بالخمار والجلباب فهما : 

1- الآية الأولى في سورة النور [ 31 ] قال الله تعالى : (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) .

الخمار: ما تغطي به المرأة رأسها. والجيب: فتحة الثوب تحت العنق مما يلي الصدر.

الشاهد : في قوله تعالى "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ" دالالة الأمر في قوله "وَلْيَضْرِبْنَ" الوجوب الشرعي مثل دلالة قوله تعالى "وأقيموا الصلاة " فكلاهما واجبان على المرأة المسلمة .

2- التطبيق العملي لنساء الصحابة لآية الحجاب السابقة فقد روى البخاري وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( رحم الله نساء المهاجرين الأول، لما نزل قوله تعالى {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} : شقَقْـنَ أزرهنَّ فاخْتَمَـرْنَ بها).

وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ ) رواه البخاري ومسلم

3- والآية الثانية في سورة الأحزاب [59] قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ? ذَ?لِكَ أَدْنَى? أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ? وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) .

الشاهد : الفعل { يُدْنِينَ.. } مجزوم في جواب الطلب "قُلْ" مثل: ذاكر تنجح، والمعنى : إن كنتن مؤمنات فالتزمن بهذا الأمر . 

والمراد بـ "يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ" أي: على المرأة أن تقرب جلبابها من جسمها إلى قدميها ليستر الجسم كله .

قال ابن منظور في في معجم "لسان العرب" : (الجلباب: إزار يُشتمل به فيجلل جميع البدن، وهو كالثوب السابغ الذي يشتمل به النائم فيغطي جسده كله) ، وقال كذلك : ( الجِلْبابُ: ثوب أَوسَعُ من الخِمار، دون الرِّداءِ، تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وصَدْرَها ) .

4- الفهم الدقيق لنساء الصحابة بعد نزول الآية السابقة فقد روى أبوداود في سننه بسند صحيح عن أمِّ سلَمةَ قالت:

( لمَّا نزلت: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ خرجَ نساءُ الأنصارِ كأنَّ علَى رؤوسِهِنَّ الغِربانَ منَ الأَكْسِيَةِ ) والأكيسة جمع كساء : وهو اللباس الذي بادرنَ إليه لستر أجسامهنّ ورؤوسهنّ .

ولئن بحثت أيتها المرأة المسلمة الكريمة عن أسرار هذا التكليف الذي هو لك تشريف، وعن فرض الحجاب الذي هو لك تاج، فتستطيعن إعمال عقلك المنير، ليتوافق مع تسليم قلبك الطاهر فتقولين: 

للحجاب فلسفة راقية، ورؤية حضارية رائدة، في ظاهرِهِ قطعةُ قماش تغطي الرأس، وعباءة تستر الجسد، ولكن في طياته يحمل معان كريمة، وقناعة ذاتية، ولعل من أروع أهدافه:

?- استجابة لأمر رباني، وعبادة أتقرب بها لربي، وعبودية أتعبد به لخالقي كتعبدي في صلاتي، أشعر بفخري وعزتي حيث إنني رضيت بحكم ربي، واستجبت لأمر خالقي.

?- عنوان شخصيتي المميزة، وتعبير عن هويتي الإسلامية التي أتشرف بالانتماء إليها، وهذا مما يحميني من الذوبان في الآخرين ، فكل أمة تحرص على ما يميزها في لغتها ومظهرها، فهذا مما يزديني به تعلقا : لأنه يظهرني بلافتة الاسلام المحببة لقلبي. 

?- مظهر ينبئ عن حقيقة رسالتي في الحياة، وحجاب يفصح عن امرأة ذات إيمان وأخلاق، صاحبة أمانة ومنهج، يحترمني الآخرون ويقدرونني، ويثقون بي، فلا تساور أنفسهم التلاعب والخروج عن حدود الأدب، فأنا ذات مبدأ وقيم، وصاحبة شأن واعتبار، فلست سلعة رخيصة ينظر إليها كل من هب ودب.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين