حرب غزة يوميات ومشاهدات.. ماذا بقي من مساجد غزة؟

نعمت بلادنا بالإسلام وقرت به عينا من وقت مبكر؛ إذ دخلها الصحابة الأبرار في زمن عمر رضي الله عنه، ومنذ ذاك الوقت عمرت فيها المساجد وأسست على التقوى.

وأقدم مساجدها العمري الكبير الذي ذكرنا خبره في مقالة مضت.

ومدينة غزة معروفة بمساجدها العتيقة القديمة، بعضها جدد وبقيت طائفة منها على حالها.

في الحروب الماضية قصف اليهود عددا منها، لكن أكثرها سلم بحمد الله، ثم جاءت هذه الحرب المدمرة فصبوا عليها الحمم، وقتلوا فيها المصلين العابدين الذاكرين.

وليس بين يدي إحصاء دقيق لعدد المساجد التي دمرت في القطاع، لكن مساجد الشمال والوسط وخانيونس غالبها دمر، أما المساجد العتيقة في مدينة غزة فلم يبق منها إلا (السيد هاشم) على دمار فيه، وهو منسوب إلى جد النبي صلى الله عليه وسلم (وقبره في ناحية منه على ما ذكره أكثر المؤرخين).

العمري، وابن عثمان، وابن مروان، والظفردمري، وعثمان قشقار، وكاتب الولاية، والمحكمة، والسيدة رقية، والأيبكي، والمغربي، والشيخ شعبان، والشيخ زكريا.. كلها قصفت وحرقها اليهود حرق الله قلوبهم، وخرب بيوتهم.

وآخرها الشيخ زكريا الذي شيد قبل ألف سنة تقريبا، قصف من ثلاثة أيام، ومررت عليه ورأيته ركاما شاهدا على إجرام يهود.

قصة المساجد في هذه الحرب مؤلمة أشد الألم، الله يعلم ويشهد أن هدم بيوتنا أهون علينا من هدمها.

أليست بيوت ربنا؟

أليست معاقل عزنا ومجدنا؟

أليست بقايا تاريخنا وحضارتنا؟

أليست مجالس درسنا وعلمنا؟

أليست محال عبادتنا وذكرنا؟

أليست محاضن أشبالنا وشبابنا؟

سلام على تلك المآذن الصادحة بالتوحيد، والمحاريب العامرة بالركع السجود.

سلام على تلك البقاع الطاهرة المباركة.

سلام على معاهد العلم والإيمان.

سنبنيها يا يهود، ونجدد معالمها ودروسها، ولا نقول ما قال عبد المطلب: للبيت رب يحميه.

نعم، يحميها ربنا، ونحميها نحن بعونه وقوته. ولا نسلمها لعدونا حتى نسلم معها أرواحنا.

سنبنيها يا يهود، وقريبا قريبا بإذن الله ستخرج منها جحافل الموحدين لتتبير ما علوتموه تتبيرا.

سنصلي يا يهود على ركامها، ونرفع الأذان من فوق أنقاضها، ونبث العلم فيما بقي منها حتى يفصل الله بيننا وبينكم وهو خير الفاصلين.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين