حيث يجول قلبك حيث قيمتك

 

#القلوب_جوالة_فقلوب_تجول_حول_العرش_وقلوب_تجول_حول_الحَش

أحوال القلوب في رقيها وانتكاستها بحسب تعلقاتها، فعندما تكون همم أصحابها متعلقة بمعالي الأمور، ومتنورة بأنوار الذكر، ومتلألأة بشهود الحق سبحانه، وهمتها الآخرة ورضا الله : عندها تعيش في حالة من الحب والصفاء، والشوق والتبتل ، أجسادها في الدنيا، وأرواحها في عليين، يعبر عن ذلك قول المحب في هُيامه ، وقد سافر  قلبه عنه إلى بلد المحبوب:

كان لي قلبٌ بِجَرْعَاء الحمى**ضاعَ منّي هل لهُ رَدٌّ عَلَيّ 

فاسألوا سكان وادي سَلَمٍ**فهْيَ مابينَ كَدَاءٍ وكُدَي

وهناك من القلوب من أظلمتها آثار ران المعاصي، وكبلتها نجاسة الشهوات، وأقعدتها خسة التعلقات، تعيش في ضيق وانتكاسات، نقل الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء  عن العارف الرباني أحمد بن خضرويه  قال: (القلوب جوالة، فإما أن تجول حول العرش ، وإما أن تجول حول الحَش)، والحش: مكان الغائط والنجاسات، وهو كناية عن هبوط  أصحابها إلى سفاسف الأمور، فيطغى عليها ملل فظيع ، وضيق قاتل.

يظن أحدهم أن سعادته وراحته يجدها في متع دنيوية زائلة،  أو أغنيات هابطة وأفلام مائعة، أو اتباع موضات حديثة ومظاهر جوفاء بالية، ولكن من شقاء إلى شقاء.

لكن الدواء موجود لمن يبحث عنه، والباب مفتوح لمن يطرقه، أطرق هذا الباب لكن دون يأس ولا استعجال، تيقن أنه سيفتح  ، لكن ليس من المرة الأولي فهو سبحانه وتعالى يحب أن يرى منك الصدق و الصبر والعزيمة والإصرار، وإليك هذه الموقف لبيان حال قلبك الذي ينبغي أن تقبل به على ربك: 

ذكرالإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه (ذم قسوة القلب) :

( كان رجل يبكي وينادي : أين قلبي ، أين قلبي ؟! من وجد قلبي؟!

فدخل يوما بعض السكك ، فوجد صبيا يبكي وأمه تضربه ، ثم أخرجته من الدار ، فأغلقت دونه الباب ، فجعل الصبي يلتفت يمينا وشمالاً ، ولا يدري أين يذهب ، ولا أين يقصد ، فرجع إلى باب الدار ، فوضع رأسه على عتبته، فنام .

 فلما استيقظ جعل يبكي ويقول: يا أماه من يفتح لي الباب إذا أغلقت عني بابك؟  ومن يدنيني من نفسه إذا طردتِني؟  ومن الذي يؤويني بعد أن غضبت علي؟

 فرحمته أمه ، فقامت فنظرت من خلل الباب ، فوجدت ولدها تجري الدموع على خده متمرغاً في   التراب . ففتحت الباب ، وأخذته حتى وضعته في حجرها ، وجعلت تقبله وتقول :

 يا قرة عيني وعزيز نفسي ؛ أنت الذي حملتني على ذلك !!، وأنت الذي تعرضت لما حلّ بك ، ولو أطعتني لم تلق مني مكروهاً .

فقال الرجل : قد وجدت قلبي ، قد وجدت قلبي) .

أتدري أين وجد قلبه؟ !!

وجده في التذلل على أعتاب رب كريم ، ومولى غفور رحيم :  (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ? إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين