كتابة الأحاديث النبوية بدأت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بإذنه وبأمره -1-

 

 يشيع الذين يشككون في السنة النبوية أن الأحاديث الشريفة كتبت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بـ ( 200 سنة ) ، وهذا ليس صحيحا على الإطلاق ، ولأجل تفنيد هذه الشبهة من خلال أدلة تاريخية ثابتة موثوق بها أقول : 

إن الرسول صلى الله عليه وسلم اتبع في تبليغ أحاديثه طريقتين :

#الطريقة الأولى :

 أمر الصحابة ومن بعدهم بحفظ أحاديثه الشريفة ، وحثَّ على تبليغها وإيصالها للناس، وحذر من الكذب عليه : فقال صلى الله عليه وسلم : (نضر الله امرأ، سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ). رواه الترمذي وغيره .

 فقام الصحابة بنقل كلامه بمنتهى الدقة والأمانة، ثم قام العلماء بوضع الضوابط الدقيقة في قبول الأحادبث ، وابتكروا منهجا فريداً يعتبر من مفاخر أمة الإسلام في التثبت والتوثيق ، حتى قال المستشرق "مرجليوث" : #ليفخر_المسلمون_ما_شاؤوا_بعلم_حديثهم

 ومستشرق آخر يقر بتفرد أمة الإسلام بعلم الجرح والتعديل (علم توثيق الرجال ) إنه المستشرق الألماني شبرنجر خلال تصديره لكتاب: ا"لإصابة في تمييز الصحابة" للحافظ ابن حجر رحمه الله ، حيث يقول: (( لم تكن فيما مضى أمةٌ من الأمم السالفة ، كما أنه لا توجد الآن أمة من الأمم المعاصرة أتت في علم أسماء الرجال بمثل ما جاء به المسلمون في هذا العلم العظيم الذي يتناول أحوال خمسمئة ألف رجل وشؤونهم )).

#الطريقة الثانية :

 إذن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بكتابة أحاديثه، وأمره أحيانا بذلك ، وهذه بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك :

11- يقول أبو هريرة رضى الله عنه : “ما من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أحد أكثر حديثاً عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب.” رواه البخاري الترمذي

22- كان عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه يكتب كل ما يسمعه عن الرسول صلى الله عليه و سلم حتى قيل له: “أنت تكتب كل ما يقوله رسول الله صلى الله عليه و سلم، بينما هو بشر يغضب ويرضى.”

 على إثر هذا الكلام ترك عبد الله بن عمرو كتابة الحديث وعرض الموضوع على الرسول صلى الله عليه و سلم فأشار الرسول صلى الله عليه و سلم إلى فمه المبارك قائلاً: «اكتب! فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق.» أبو داود وأحمد في المسند.

33- سأل رافع بن خَديج من الرسول صلى الله عليه و سلم: يا رسول الله! أنا نسمع منك شيئاً أفنكتبها؟ فأجابه الرسول صلى الله عليه و سلم: «اكتبوا ولا حرج.» رواه لإمام أحمد والنسائي .

44- وفي سنن النسائي والدارمي أن الرسول صلى الله عليه و سلم استكتب بعض الأحكام حول القصاص والدية وحول بعض الشرائع وأرسلها إلى عمرو بن حزم في اليمن، كما كتب كتاباً لوائل بن حُجر لقومه في حضرموت، فيه الخطوط الكبرى للإسلام وبعض أنصبة الزكاة وحد الزنا وتحريم الخمر وكل مسكر حرام. وكان علي رضي الله عنه يحتفظ لنفسه بصحيفة كتب فيها بعض أحكام الإسلام ومنها عقل الديات.

55- عن أَبُي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : ( لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا لا تَحِلُّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَإِنَّهَا لا تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي فَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلا يُخْتَلَى شَوْكُهَا وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلا لِمُنْشِدٍ وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا الإِذْخِرَ فَقَامَ أَبُو شَاهٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ : اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ ) رواه الباخاري ومسلم .

66- كان رجل من الأنصار يجلس إلى النبي صلى الله عليه و سلم فيسمع من النبي صلى الله عليه و سلم الحديث فيعجبه ولا يحفظه، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: يا رسول الله إني أسمع منك الحديث فيعجبني ولا أحفظه، فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم: «اِستعِنْ بيمينك» وأومأ بيده للخط. رواه الترمذي.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين