محمد صلى الله عليه وسلم رسولُ الحرية 4 / 6

 

[اتهام حمزة بن عبد المطلب بجريمة شنعاء]

 

وأخيراً يُعلنها المؤلف صريحة، وهي نكراء شَنيعة، فيرمي حمزة في عِفَّته، دون سند أو دليل، فيقول: (على أن حمزة أفاق لنفسه، فأعلن ندمه أمام الجمع، وأقسم ألا يقرب الخمر، ولا نساء غير زوجاته).

 

وإذن فحمزة عند – المؤلف – كان يفجر بفاتنات إسرائيل. [كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا] {الكهف:5}

 

حمزة الذي كان قد بلغ الخامسة والخمسين في ذلك الوقت، والذي أعزَّ الله به الإسلام مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يقرب نساء غير زوجاته، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي أعلن يوماً كلمته الخالدة: (لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) هذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتهاون في حدود الله، يرى حمزة يرتكب الفجور، ويراه يعترف ويبكي من الندم فلا يصنع إلا أن (يخفف عنه) وهذه الأخيرة عبارة المؤلف!.

 

وهكذا يصف المؤلف عند الحديث عن الصحابة فعلي كرم الله وجهه فتن بابنة أبي جهل الصغيرة الجميلة الغنية، ويضعف حين يدخل مكة فيدير رأسَه جمالُ بنتِ أبي جهل ويطمعه مالها، لقد أعجبك حسنها وفتنك مالها، هذا هو كل ما في الأمر.

 

وعثمان رضي الله عنه إنَّما مال قلبه للإسلام؛ لأن محمداً صلى الله عليه وسلم رجل أمين، ولأنه والد رقية، وقد وقع منها في قلبه شيء.

 

فحبُّ رقية رضي الله عنها – إذن – أحد الدوافع القوية التي دفعت عثمان رضي الله عنه إلى الإسلام، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، اتهم – كما يذكر المؤلف – من كبار الصحابة بأنه – وهو التاجر الغني – ما زال على الرغم من إسلامه يعطف على أفراد طبقته القديمة من أسرة قريش.

 

ما زالت صلاته الشخصية وعواطفه الخاصة أعمق من إيمانه... وهو لا يأبى القتل لصديقه أمية بن خَلَف إلا لأنَّه غني مثله.

 

هذا هو منطلق المؤلف، وله من أشباه ذلك كثير، حتى عند حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحسن اختيار الألفاظ في بعض الأحايين.

 

بقيت كلمة واحدة أحب أن يعرفها المؤلف، وبعض المؤلفين الآخرين، ذلك أنَّ دخول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة بعد صلح الحديبية بعام لم يكن للحج، وإنما كان للعمرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحجَّ في حياته إلا مرَّة واحدة هي حجة الوداع، ولكن المؤلف تبعاً لبعض المؤلفين المحدثين يظنون أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حجَّ في ذلك العام الذي تلا عام الحديبية، فهو يقول مثلاً: (وذو الحجة يقترب)، (هذا هو موسم الحج).

 

(فقد أقام المسلمون في مكة ثلاثة أيام وانقضت مناسك الحج) ولقد أتاح لهم هذا الحج أن يحادثوا كثيرين من أهل مكة (وحشد محمد كل الذين صدوا عن مكة في العام الماضي ) يريد عام الحديبية.

 

هذا ما رأيناه وقرأنها في السطور، أما الذي وعيناه بين السطور فنمسك عنه، فربما كنا مخطئين فيما فهمناه، وإن كانت الدلائل واضحة، والله يهدينا جميعاً إلى سواء السبيل.

الحلقة السابقة هــــنا

 

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

 من كتاب: (تيارات منحرفة في التفكير الديني المعاصر ص 119).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين