نظرت إليه فرحمته!!!

 

أراد الحق فأخطأ بعضه، وهيهات هيهات أن يستوي من أراد الحقّ فأخطأه بمن أراد الباطل فأصابه!

ذنبه الأكبر أنه ضحية نظام مجرم، لم يسمح بمناخ متوازن من الممارسة الحضارية، والنضج الفكري، والمراجعة والتقويم والتطوير!

جريمته أنه حاول الخلاص بكل ما أوتي من جحيم الاستبداد ومافيات الفساد، لكن أبواب القمع  أوصدت كل منفذ لتنفّس، أو بصيص نور لأمل قادم!

كان يرى التغطية الدولية لنظام سافر الإجرام والشرعنة لتوريثه وتخليده واستنساخه، حتى لكأنه واحة الحريات، وكل معارضيه بغاة خوارج مارقون إرهابيون!

منعوه من صوت عاقل وسطي من بني جلدته يتواصل معه فيهدئ غلواءه، ويدرّبه على الصبر والحلم والأناة، ويجرّعه من معين التقوى والحكمة والخبرات ما ينفعه ويدفع عنه كل الوساوس والهواجس والمؤثرات الخارجية!

حاربوه في أبسط مظاهر الإسلام، فازداد تعلّقا بالشكل متطرّفا!

منعوه من كل فرصة داخلية للتغيير، فتوجّه لحليف خارجي!

أوصدوا دونه كل المنافذ السلمية المدنية للتغيير فلم يعد يقتنع بغير العنف سبيلا!

مارسوا عليه طائفية حقيرة سافرة، فاستشاطت في كيانه كل مشاعر الاستفزاز الطائفي، وسيطرت عليه، فهل يلام من رزح في أقبية الطائفية إن عشعشت في مخياله؟!

لم ينتشلوه من بحر المحنة التي تعرّض لها كل جميل من حوله، فلم يعد يهمّه ممن خذله أحد، ولا عاد يرى لهم ذمّة أو حقّا!

اضطروه للعمل في الظلام متخفيا مقنّعا، ولم يكن في مخزونه الثقافي غير ما جرّعوه له من تكوين قمعي، ومع أنه لم يظهر من قمعهم واستبدادهم وتوحّشهم وفسادهم عشرمعشار من كان ولا يزال كذلك، غير أنهم جرّموه دون غريمه، وحاصروه دونه، وحاربوه وأعلنوه كيانا مارقا، بينما لا يزال غريمه نظاما شرعيا معترفا به!

يقولون له: لماذا تفكّر بجبهة أممية، وغريمه يفكر بأمة عربية واحدة ولم يحاسب عليها!

يقولون له: لماذا تفرض سلفيتك، وغريمه فرض اشتراكيته نصف قرن وما حاسبه أحد!

يعيبون عليه الإكراه في الدين، وغريمه كان يكره على العلمانية المعادية للدين!

يقولون له: لماذا تفرض مظاهر الحجاب؟ وغريمه مزّق الحجاب، ومنعه في المدارس وما ضجّ أحد!

يقولون له: لماذا تستولي على كل المؤسسات، وغريمه كان يعتبر نفسه قائدا للدولة والمجتمع دون أن ينبس هذا العالم المتمدين ببنت شفة!!

يقولون له: لماذا تجمع الشيشاني والتونسي والمصري في جبهتك، وغريمه لا يزال حتى اليوم يجمع الإيراني والعراقي واللبناني ولا يعترض أحد!!

يقولون له: لماذا تقيم هذه العقوبات الوحشية التي تسميها حدودا، وغريمه ذبح آلاف الأضعاف بطريقة أفجر وأقذر، واخترق كل خط أحمر، فما تحرّك أحد!

أرحمه إي والله أرحمه...

فهذا المجتمع الدولي المنافق يريد هذه الصورة الهائجة من الإسلاميين والثوريين، لأنها تحقّق ما بناه من صورة للإسلام، وتمكّنه مما رسمه أتباع هنتغتون لحضارتنا من صدام!

إنها صورة يسهل تضخيمها، ويسهل احتواؤها ويسهل القضاء عليها على طريقة مصارعة الثيران، فإذا برزت هذه الصورة كانت مبررا قويا لشعوب الأرض، وللديكتاتوريات التي مكّنت في منطقتنا، لمحارية الإسلام الوسطي الحضاري الذي كان يخترق عليهم حصونهم، ويتسلّل ويكتسح الدنيا برغم قنابلهم الذرية وحرب النجوم التي كانوا يحلمون بها!

لأجل هذا ورّطوه واستخفوه واستعجلوه وما رحموه!

ولأجل هذا أرحمه...

اللهم أبرم لأمتنا أمر رشد

#جبهة_فتح_الشام

#أبومحمد_الجولاني

#فك_ارتباط_النصرة_بالقاعدة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين