هل تصبح خان طومان مقبرة الباسيج الإيراني؟

 

وضعت طهران نصب عينيها أن تعبر إلى محافظة إدلب التي أقام جيش الفتح إدارته المدنية فيها قبل أكثر من سنة واستكمل السيطرة على إدلب وما حولها في شهر نيسان/ابريل من عام 2015، وانطلق يطهر البلدات واحدة بعد أخرى، وحاصر مدينة جسر الشغور الاستراتيجية المطلة على جبل العلويين، قبل أن يستولي عليها.

بعد ذلك انطلق جيش الفتح يحرر سهل الغاب وقرى ريف حماة الشمالي. وأصبح على سفوح جبل العلويين وحاصر معسكر «جورين» المنيع الذي يحرس مناطق العلويين.

ترافق ذلك مع إعلان موسكو تدخلها عسكريا في سوريا في 30 أيلول/ سبتمبر 2015، لكن ذلك لم ينفع جيش بشار، فاستطاع جيش الفتح وفصائل أخرى تدمير أكثر من 40 دبابة في معركة 8 تشرين أول/ أكتوبر العام الماضي 2015 في ريف حماة الشمالي بما سمي مجزرة دبابات نظام بشار، رغم الغطاء الجوي الروسي.

يحسن بنا قبل أن نمضي في موضوعنا أن نضع القارئ الكريم في صورة المناخ الذي كان سائدا في سوريا، خصوصا في محافظة إدلب وفي حلب وريفها وفي ريف حماة وفي دير الزور وما حولها.

في ظل تدهور جيش بشار وحلفائه جرت مقايضات من تحت الطاولة بين تنظيم الدولة وبين طهران منذ أيام «أبو مصعب الزرقاوي» الأب الروحي لأبي بكر البغدادي. (في ذلك الوقت جمع طهران والزرقاوي رغبة الطرفين بمحاربة واشنطن في العراق). ولأن جيش الفتح كان في مرحلة صعود ويجب كسر حدة هجومه ومنعه من الامتداد في محافظة حماة،سمحت إيران لتنظيم الدولة بالاستيلاء على تدمر في شهر أيار/مايو2015 ليحرم جيش الفتح من الاستيلاء على أراض جديدة. يعتقد على نطاق واسع أن واشنطن لم تكن بعيدة عما يجري. إذ أن تنظيم الدولة توجه بـ 300 سيارة دفع رباعي في يوم واحد فيسيطر على تدمر. فكيف لم تلحظ واشنطن هذه الحركة الضخمة، بينما قتلت طيارة أمريكية وزير بترول تنظيم الدولة «أبوسياف» وأسرت زوجته في 17 أيار/ مايو2015. 

كان الثمن الذي دفعه تنظيم الدولة أن فك الحصار عن مطار كويرس. فطهران تحتاج المطار لنقل المعدات والجنود من مطار دمشق إلى منطقة قريبة من حلب. بحركة تمثيلية تحرك جيش النظام وحلفاؤه من مدينة السفيرة القريبة عن مطار كويرس وفك الحصار عنه في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015بعد حصار دام أكثر من سنتين. بالمقابل سمح لتنظيم الدولة الوصول إلى مدرسة المشاة في مسلمية (قرب حلب) وحرم المعارضة منها في تشرين أول/أكتوبر 2015. 

يعتقد مراقبون أن طهران تريد من احتلالها خان طومان التي صعدت إلى مسرح الأحداث بعد القتلى والأسرى الذين خسرتهم فيها لكي تتخذها منطلقا لتحرير حلب من جيش الفتح والفصائل المتعاونة. 

يتناسى من يقول بهذا القول أن حلب أمنع من أن يستطيع جيش القدس والميليشيات الإيرانية احتلالها. كما أن موسكو لن تسمح لطهران بذلك لأطماعها في حلب. أغلب الظن أن ترفض واشنطن تمكين موسكو وطهران من تحقيق مآربهما من حلب، وطهران تعرف ذلك. فلماذا تحشد طهران كل هذه القوى لاحتلال خان طومان؟

بنظرة فاحصة لخارطة ريف حلب الجنوبي الغربي يتضح أن خان طومان هي مفتاح محافظة إدلب عن طريق أورم الصغرى وأورم الكبرى ومعسكر الأتارب الذي يصل ريف حلب بريف إدلب الشمالي الشرقي. فلو استطاعت طهران أن تهاجم ريف إدلب الشمالي الشرقي وأن تفتح ثغرة فيه، فستكون قد ضربت عدة عصافير بحجر واحد: تخلخل دفاعات جيش الفتح القادم من إدلب لنجدة حلب وتشكل رأس حربة يمكن أن توسع منه هجومها نحو إدلب. ومن يدري فربما تصل إلى الفوعة وكفريا المحاصرتين، والأحلام أكبر من أن تستقصى. 

هذه الأحلام الإيرانية لا تضع في حسابها مفاجآت الفصائل السورية المقاتلة ومنها جيش الفتح. فهناك فرق بين خطط جيش إيراني غاز يضع في حسابه أن يعود أدراجه إلى طهران إن خسر المعركة، وبين خطط سوريين ليس أمامهم إلا النصر أوالقتل، فلا أرض لديهم إلا سوريا. وقد رأينا كيف كان المقاتلون السوريون يفاجئون جيش بشار الأسد وميليشيات طهران وحزب الله حتى إنهم لا يجدون أمامهم إلا الهرب.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين