هم رجال ونحن رجال

 

هذه الكلمة مأثورة عن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- حيث يقول: "ما جاءَ عن اللهِ تعالى فعلى الرأسِ والعينين، وما جاءَ عن رسولِ الله صلى اللهُ عليه وسلم فسمعاً وطاعةً، وما جاءَ عن الصحابةِ رضي الله عنهم تخيرنا من أقوالهم، ولم نخرجْ عنهم، وما جاءَ عن التابعين فهُمْ رجالٌ ونحنُ رجالٌ" 

 

(المدخل للسنن الكبرى (ص111)، المبسوط للسرخسي (11/3)،، سير أعلام النبلاء (6/ 401).

 

كثيرا ما أسيء إلى هذه الكلمة التي قالها الإمام أبو حنيفة رحمه الله، حيث انتزعت من سياقها، ووضعت في غير موضعها. وتلقفها المتعالمون من أبناء زماننا الذين راموا أن يناطحوا بجهلهم و"الأنا" المتورمة عندهم أهل العلم الأُوَل.

من أمثال هؤلاء، الماركسي العلماني المعروف محمد شحرور، الذي يقول: "إن الذين صنعوا التراث العربي الإسلامي هم من الناس، ونحن من الناس أيضاً، ومعروف قول أبي حنيفة النعمان: (هم رجال ونحن رجال) وقد آن لنا أن نصنع تراثاً لأجيالنا القادمة بملء إرادتنا وبدون حرج وهذه هي عين المعاصرة "  (الكتاب والقرآن ص 33).

 

رحم الله الأستاذ اللغوي الفذ يوسف الصيداوي الذي علق على كلام الشحرور هذا بقوله: (إن كون الأئمة ناساً، وكون سواهم من الناس أيضا، لا تقوم حجة لكل أحد أن يخوض فيما لا يحسنه.... نعم لقد صنع أولئك الآباء العظماءتراثاً عربياً إسلامياً وكانوا من الناس، ولكنهم لم يصنعوا ذلك التراث بمبتدأ لا خبر له، ولا صنعوه بشرط ليس له جواب، ولا بعطف مجرور على مرفوع، ولا همْ أسسوا بنيانه بإعلان نصف الحقيقة ووأد نصفها الآخر.) [كتاب بيضة الديك ص 138]

 وهذا طبعاً ما فعله الشحرور في كتابه المذكور آنفا بل في سائر كتبه الباغية. فهو لا يكاد يحسن من العربية شيئا، ولا من الشريعة كذلك، ثم يزعم بكل وقاحة أنه رجل كأبي حنيفة!!!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين