هيئة علماء المسلمين في العراق || نعي العلامة الشيخ الدكتور (يوسف القرضاوي) رحمه الله تعالى

نعي العلامة الشيخ الدكتور (يوسف القرضاوي) رحمه الله تعالى

نعت هيئة علماء المسلمين في العراق؛ فضيلة العلامة الشيخ الدكتور (يوسف القرضاوي)، العلم والعالم والداعية الإسلامي الكبير، الذي وافاه الأجل عن عمر ناهز (96) عامًا، وفيما يأتي نص النعي:

نـــــعــــــي

بمزيد من الرضا بقضاء الله تعالى وقدره؛ تنعى هيئة علماء المسلمين في العراق فضيلة العلامة الشيخ الدكتور (يوسف القرضاوي)، العلم والعالم والداعية الإسلامي الكبير، الذي وافاه الأجل اليوم الاثنين (30/صفر/1444هـ) الموافق (26/9/2022م)، عن عمر ناهز (96) عامًا.

ولد الشيخ الدكتور (يوسف عبد الله القرضاوي) -رحمه الله تعالى- سنة (1926م) في قرية (صفت تراب) في مركز (المحلة الكبرى) بمحافظة (الغربية) بمصر، وأتم حفظ القرآن الكريم، وأتقن أحكام تجويده، وهو دون العاشرة من عمره، والتحق بمعاهد الأزهر الشريف، وأتم فيها دراستيه الابتدائية والثانوية، ثم التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وحصل منها على الشهادة (العالية) سنة (1953م)، ثم حصل على شهادة (العالمية) مع إجازة التدريس من كلية اللغة العربية بالأزهر سنة (1954م). وفي سنة (1958م) حصل على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية في اللغة والأدب، وفي سنة (1960م) حصل على شهادة الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين، وفي سنة (1973م) حصل على (الدكتوراة) بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى من الكلية نفسها، عن أطروحته: "الزكاة وأثرها في حل المشاكل الاجتماعية".

عمل العلامة القرضاوي مدة من الزمن بالخطابة والتدريس في المساجد، ثم أصبح مشرفًا على (معهد الأئمة) في وزارة الأوقاف في مصر، ونقل بعد ذلك إلى العمل في (الإدارة العامة للثقافة الإسلامية) بالأزهر؛ للإشراف على مطبوعاتها والعمل بالمكتب الفني لإدارة الدعوة والإرشاد، وفي سنة (1961م) أعيرت خدماته إلى دولة قطر، للعمل عميدًا للمعهد الديني الثانوي فيها؛ فنهض به وشاده على أسس متينة. وفي سنة (1973م) نقل إلى جامعة قطر، فأسس فيها قسم الدراسات الإسلامية ورأسه عدة سنوات، ثم تولى سنة (1977م) تأسيس وعمادة (كلية الشريعة والدراسات الإسلامية) بالجامعة نفسها، وبقي عميدًا لها حتى سنة (1990م)، وأسس خلال هذه السنوات مركز (بحوث السنة والسيرة النبوية) في الجامعة. وأعير إلى جمهورية الجزائر في العام الدراسي (1990-1991م) ليترأس المجالس العلمية لجامعتها ومعاهدها الإسلامية العليا، ثم عاد إلى عمله في (الدوحة) مديرًا لمركز بحوث السنة والسيرة.

حصل الشيخ العلامة يوسف القرضاوي -رحمه الله تعالى- على جوائز كثيرة منها: جائزة البنك الإسلامي للتنمية في الاقتصاد الإسلامي لعام (1411ه)، وجائزة الملك فيصل العالمية بالاشتراك في الدراسات الإسلامية لعام (1413هـ)، وجائزة العطاء العلمي المتميز من رئيس الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا لعام (1996م)، وجائزة السلطان حسن بلقيه (سلطان بروناي) في الفقه الإسلامي لعام (1997م).

عُرف الشيخ (القرضاوي) -رحمه الله- بمواقفه الشرعية والعلمية والفكرية البارزة، وتصديه للدفاع عن ثوابت الأمة، وقيمها، وتراثها، ونظامها العام، ومصالحها الحقة، ونشط نشاطًا كبيرًا في بيان رسالة الإسلام، وخصائص الشريعة ومعالمها ومقاصدها، فضلًا عن الرد على الشبه والأفكار الضالة والمنحرفة، والتصورات المسيئة للدين، وتفنيد حجج المعاندين والمشككين، ونصح المسلمين إلى ما ينفعهم، وإرشاد الأمة إلى ما يحقق لها عزتها وكرامتها، فضلًا عن جهوده المعلومة والمعروفة في الإفتاء والتوجيه، والمشاركة في المؤتمرات والندوات والملتقيات العلمية والدعوية وغيرها، وعضوية المؤسسات العلمائية والعلمية.

وللفقيد -رحمه الله- جهود كثيرة في العمل الإسلامي العام والخاص في (مصر) وخارجها، وجولات في أنحاء العالم الإسلامي لهذا الغرض، ومساهمة كبيرة جدًا في التأليف والبحث؛ أغنى بها المكتبة الإسلامية، وعمل من خلالها على صياغة المشاريع العلمية والفكرية والثقافية في مختلف المجالات النافعة. ومن أشهرها: (الحلال والحرام في الإسلام) و(فقه الزكاة) و(كتاب فتاوى معاصرة) و(من فقه الدولة في الإسلام) و(الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد) و(الاجتهاد في الشريعة الإسلامية) و(الفتوى بين الانضباط والتسيب) و(فوائد البنوك هي الربا الحرام) و(دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي) و(دور الزكاة في علاج المشكلات الاقتصادية وشروط نجاحها) و (كيف نتعامل مع القرآن العظيم) و(المدخل لدراسة السنة النبوية) و(الحياة الربانية والعلم)، و(السنة مصدرا للمعرفة والحضارة).. وغيرها الكثير.

وفيما يخص قضايا الأمة الإسلامية المهمة؛ فقد كانت للشيخ القرضاوي مواقفه المشهودة والمشهورة بصددها، ولا سيما قضية فلسطين ونصرة المسجد الأقصى، التي كانت له بها عناية خاصة. وفيما يخص العراق؛ فقد كان للشيخ -رحمه الله- موقفه الكريم والمشكور من احتلال العراق سنة (2003م)؛ فقد دعم بلسانه وقلمه حق العراقيين في إنهاء الاحتلال، وساند مقاومتهم الباسلة، وأثنى على علمائه ومؤسساته التي اتخذت موقف الرفض من الاحتلال وعمليته السياسية، وكانت له علاقة وطيدة وثقة كبيرة بالشيخ الدكتور (حارث الضاري) الأمين العام الراحل لهيئة علماء المسلمين -رحمه الله-، وكتب مقالًا ضافيًا عنه بعد وفاته، واستمرت علاقته الوطيدة بالهيئة وأعضائها حتى وفاته رحمه الله.

رحم الله الشيخ العلامة الدكتور (يوسف القرضاوي)، وجزاه عمّا بذل في سبيل الأمة الإسلامية خير الجزاء، وألهم أهله وتلامذته ومحبيه الصبر الجميل، وعوّض الأمة العربية والإسلامية رجالًا من طرازه، من أهل الكفاءة والغيرة والعزم، والحرص على الدفاع عن الأمة ورد كل خطر يتهددها.

الأمانة العامة

30/صفر/1444هـ

26/ 9/ 2022م