يستنصرون بأعداء الله

 

يقول الله تعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيم}[التوبة:40]. 

تجلّت أنوار الهجرة النبويّة وإشراقاتها على هذه الأمّة، وهي في حال من الذلّ والهوان، وشدّة البلاء والاستضعاف، وتكالب الأمم عليها، وتداعيها إلى ديارها، بكلّ وقاحة وإجرام.. وكأنّ الهجرة هي يد القدر الحانية، التي تريد أن تنفخ في هذه الأمّة روح العزيمة على الرشد، والصبر على البلاء، والثبات على الحقّ، وتحثّها على العودة والإنابة إلى الله، وتبثّ فيها اليقين بوعد الله، كما بثّ ذلك محمّد صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه.. 

وإنّ الأسوأ من تداعي أمم الكفر على هذه الأمّة ما نرى بكلّ أسى وحرقة منْ أنّ أمم الكفر بكلّ مللها ونحلها قد اجتمعت على الباطل، وتفرّق أهل الحقّ عن حقّهم، واختلفوا شذر مذر.. حتّى إنّ فيهم من يقف صراحة مع الملاحدة الروس، يتمنّى نصرهم، ويدعو لهم، ويَقول بصريح العبارة : « أني أرضى، وأؤمل خيراً من التدخل الذي أراه أقل شرا ومفسدة في نظري... فلعل الله يرفع به هذه المحنة، ويخفف به شر هذه الفتنة القائمة التي جعلت الحليم فيها حيران... فيقضي بهذا التدخل الرسمي المشروع بطلب من المسؤولين عند الضرورة والحاجة الملحة، على أصل هذه الفتنة، بصدّ الأعداء المتسببين فيها »، 

فكيف لمؤمن أن يؤمّل خيراً من أعداء الله الروس الملاحدة، الكفرة الفجرة، الذين تاريخهم القريب والبعيد في حرب الإسلام والمسلمين لا يجهله عاقل.؟!

وكيف لمؤمن أن يعدّ هذا « التدخّل رسميّاً مشروعاً، بطلب من المسؤولين ».؟! 

وأيّ دين وشرع يمنح الشرعيّة لأعمال مجرمين ملاحدة، يستبيحون سماء بلاد المسلمين وأرضها، ويقتلون نساءنا، ويمزّقون أجساد أطفالنا، ويستبيحون كلّ حرماتنا، ويعلنونها حرباً صليبيّة صريحة، بوسائل الإعلام كلّها، لا يوارون، ولا يداورون، ولا يخفون أهدافهم ولا يتلعثمون.؟! لأنّهم يظنّون، وخابت ظنونهم : أنّ هذه الأمّة ماتت، فلا انبعاث لها من جديد.؟! 

وأيّ شرعيّة يمنحها دين الله لمجرم سفّاح بعد ما قتل ما يقارب المليون من الشعب، وشرّد عشرة ملايين، ثمّ يزيد على ذلك أن يبيح البلاد والعباد، لكلّ مجرم من أمم الأرض، لينقذوا نظامه المترنّح.؟! 

وأيّ مؤمن عاقل يعقد هذه الموازنة العرجاء المجحفة بين عدوّ خارجيّ يقتل أهل بلده، المدنيّين العزّل بمئات الغارات الجويّة، التي لا تهدأ من الصباح إلى المساء، ثمّ يعلّل هذا التعليل السمج : «.. على أصل هذه الفتنة، بصدّ الأعداء المتسبّبين فيها.. »، هذا التعليل الذي أصبح يسأم من ترديده أولياء النظام المجرم المقرّبون، ويسخرون منه على صفحاتهم، وبكلّ جراءة، ليتلقّفه بعض المنتسبين إلى العلم الشرعيّ، ليسبغ شرعيّة على نظام مجرم، لا يقيم لها أيّ وزن أو اعتبار.. بل يسخر في باطنيّته بكلّ من يتمسّح به من المنافقين أو المستغفلين.. 

وهل الأعداء المتسبّبون بهذه الفتنة، والفاعلون لها، والمبَاشرون لها بكلّ أدوات الإجرام والإفساد إلاّ هذا النظام المجرم، وأركانه وأعوانه، وداعموه، ومن يقفون وراءه.؟! 

معذرةً أيّها الأصدقاء.. فقد أمسكت القلم لأخطّ بعض الكلمات والخواطر حول هذه الآية الكريمة، التي افتتحت بها كلامي.. ولكنّني فوجئت بما ألزم قلمي أن يكتب ما كتب، نصحاً لدين الله عزّ وجلّ وعباده، وبياناً لما أدين الله أنّه الحقّ.. 

ونَهجُ سَبيلي واضِحٌ لمن اهتدى * * * ولكنّها الأهواءُ عَمّت فأعمتِ 

ولي عودة بإذن الله إلى هذه الآية الكريمة ووقفات.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين